ثروات الفاتيكان: أسرار مذهلة عن مليارات الكنيسة الكاثوليكية

لطالما بقي السؤال عن حجم ثروة الكنيسة الكاثوليكية غامضاً، ومغطى بهالة من الأسرار، لكن مؤخراً بدأت بعض الحقائق تتكشف حول الأصول المالية الضخمة التي تديرها واحدة من أقدم المؤسسات الدينية في العالم. فما هي القصة وراء ثروات الفاتيكان؟
بدأت القصة تأخذ منعطفاً مختلفاً منذ عهد البابا فرنسيس، الذي توفي في أبريل الماضي، والذي حرص منذ بداية ولايته على تحقيق مزيد من الشفافية المالية، كاشفاً عن أرقام كانت تعد لسنوات سرية للغاية.
كشف تقرير حديث صادر عن إدارة تراث الكرسي الرسولي (APSA) أن الفاتيكان حقق في عام 2023 وحده أرباحاً تجاوزت 52 مليون دولار، مع ارتفاع في قيمة أصوله بمقدار 8 ملايين دولار مقارنة بالعام السابق. وتُقدّر القيمة الإجمالية لأصول الكرسي الرسولي بحوالي مليار دولار، بحسب مركز أبحاث الأسواق والثقافة والأخلاقيات في روما، مع العلم أن هذا الرقم لا يشمل العقارات والأراضي التي تمتلكها الكنيسة في أنحاء العالم.
المدهش أن الكنيسة الكاثوليكية تدير اليوم أكثر من 5000 عقار، نحو 20% منها يتم تأجيرها، وتدر هذه العقارات وحدها دخلاً يصل إلى 84 مليون دولار سنوياً. لكن هذه الأرقام تتعلق فقط بالفاتيكان، بينما تبقى الأصول المالية لمختلف أبرشيات الكنيسة حول العالم مجهولة بالكامل تقريباً.
على المستوى العالمي، تُصنّف الكنيسة الكاثوليكية كواحدة من أكبر ملاك الأراضي، حيث تملك ما بين 71 إلى 81 مليون هكتار موزعة في أنحاء العالم. وتتضمن هذه المساحات الضخمة كنائس ومدارس ومستشفيات ومؤسسات خيرية.
لكن السؤال الأهم: من أين جاءت كل هذه الثروات؟
يعود الأمر إلى قرون مضت، تحديداً في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين، الذي منح الكنيسة أراضٍ وقصوراً وأموالاً هائلة بعد أن أعلن الكاثوليكية الديانة الرسمية للإمبراطورية. ثم جاءت الأحداث التاريخية الكبرى مثل معاهدة لاتران عام 1929، حين أودع الدكتاتور الإيطالي موسوليني مبالغ طائلة في خزائن الفاتيكان تعويضاً عن ممتلكات الكنيسة المصادرة سابقاً.
واليوم، تنوّعت مصادر الدخل بشكل كبير، بين السياحة التي تدر أرباحاً من ملايين الزائرين الذين يأتون لمشاهدة كنيسة سيستين ومتاحف الفاتيكان، وبين التبرعات العالمية من المؤمنين، وعوائد الاستثمارات المالية التي يديرها بنك الفاتيكان.
لكن هل تتفق هذه الثروات مع التعاليم الدينية التي تدعو للبساطة والتواضع؟ يجيب خبراء بأن الكنيسة تستثمر هذه الأموال للحفاظ على وجودها العالمي وتمويل الأنشطة الخيرية والاجتماعية، خصوصاً في مناطق الأزمات والفقر.
ورغم الجهود الجديدة للشفافية، لا يزال من الصعب جداً حصر الثروة الحقيقية للكنيسة الكاثوليكية بشكل دقيق، نظراً لامتلاك كل أبرشية لحسابات مالية مستقلة. لكن الأكيد أن ما تم كشفه حتى الآن يفتح الباب لتساؤلات كبيرة حول حجم هذه الثروات ودورها في التأثير على السياسة والاقتصاد في مختلف الدول حول العالم.