دويتشه بنك: الاقتصاد الأمريكي يواجه "موتًا بألف جرح" بسبب الدين الوطني

الدين الأمريكي الذي تجاوز 36.2 تريليون دولار بدأ يهدد مستقبل الاقتصاد، وسط تراجع ثقة الأسواق والمؤسسات المالية، وتحذيرات من أزمة مالية كبرى قادمة إذا لم تُتخذ خطوات جريئة وسريعة.
يشهد الاقتصاد الأمريكي اليوم أزمة ثقة متصاعدة، ليس بسبب انهيار فوري أو كارثة مباشرة، بل بسبب ما وصفه محللو "دويتشه بنك" بـ"الموت بألف جرح" – سلسلة من القرارات المؤجلة، والخطط غير الكافية، والتدهور البطيء في ثقة الأسواق بإدارة الدين العام الأمريكي.
📉 ديْن وطني بلغ 36.2 تريليون دولار – رقم ضخم يجعل من كل دولار يُنفق من قبل الحكومة، عبئًا متراكمًا على الأجيال القادمة. هذه الأرقام لم تعد مخاوف أكاديميين فقط، بل أصبحت واقعًا يؤثر على قرارات المؤسسات العالمية مثل Moody’s، التي خفّضت التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1 الأسبوع الماضي.
"الثقة تُستنزف نقطة نقطة"
في تقرير حديث من دويتشه بنك، شبّه كبير الاقتصاديين جيم ريد الوضع بأنه نزيف بطيء:
"لا أحد يعرف بالضبط أي جرح هو القاتل، لكننا بالتأكيد أقرب إلى الجرح رقم ألف منه إلى الجرح الأول."
هذه الجملة تلخّص شعورًا عامًا في الأوساط الاقتصادية: المشكلة ليست في حدث مفاجئ، بل في تراكم القرارات المالية غير المستدامة، والتأجيل المستمر للإصلاحات الحقيقية.
⚠️ أين تكمن الخطورة؟
المشكلة لا تتعلق فقط بحجم الدين، بل بـ تكلفة خدمته. مع ارتفاع معدلات الفائدة، أصبحت الحكومة تدفع مبالغ ضخمة كفائدة فقط، دون أن تُقلص أصل الدين. والأسوأ، أن النمو الاقتصادي لا يواكب هذه الوتيرة، مما يعني أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي ترتفع بشكل مقلق.
ترامب والـ "Gold Visa"
الرئيس ترامب لم يتجاهل الأزمة. بل خرج بتصريحات جريئة قال فيها إن بلاده يمكنها تسديد الدين عبر بيع تأشيرات ذهبية بـ5 ملايين دولار للمستثمرين الأثرياء. الفكرة تثير الجدل، لكن تعكس حاجة واضحة لتمويل عاجل.
وفي الوقت ذاته، يروّج البيت الأبيض لما يسميه "مشروع القانون الكبير والجميل" – قانون يهدف إلى توسيع التخفيضات الضريبية التي أُقرت عام 2017، مع إعفاءات تشمل الضرائب على البقشيش وساعات العمل الإضافي.
لكن هنا يكمن التناقض: خفض الضرائب قد يعني انخفاض الإيرادات، وبالتالي مزيد من العجز المالي.
📊 هل يساعد ذلك الاقتصاد؟
الإدارة تقول إن هذه التخفيضات ستؤدي إلى نمو الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 3.8٪ على المدى القصير، و3.2٪ على المدى الطويل. لكن مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO) يرفض هذا السيناريو، محذرًا من أن استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى وصول الدين العام إلى 220٪ من الناتج المحلي بحلول 2025.
🔁 الخطة البديلة: طباعة المال؟
إذا فقد المستثمرون الثقة في قدرة أمريكا على سداد ديونها، قد يتدخل الاحتياطي الفيدرالي بإجراءات مثل "التيسير الكمي"، أي شراء السندات لخفض الفائدة. لكن هذا القرار سيكون محفوفًا بالمخاطر لأنه قد يزيد من التضخم.
هل هذه مجرد أزمة عابرة؟
بعض الخبراء في UBS يرون أن خفض التصنيف هو مجرد خطر إعلامي وليس تحولًا جذريًا. لكن في زمن الانكماشات المفاجئة والتقلبات الجيوسياسية، الزمن قد لا يسعف أحدًا إذا انفجرت الفقاعة.