تركيا والصين تجددان اتفاق تبادل العملات بـ4.8 مليارات دولار: ضربة جديدة للدولار؟

في خطوة تؤكد التوجه العالمي نحو الابتعاد عن الدولار، أعلنت تركيا والصين تجديد اتفاق تبادل العملات بين بنك الشعب الصيني والبنك المركزي التركي بقيمة 35 مليار يوان (حوالي 4.88 مليارات دولار). الاتفاق الجديد يمتد لثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويهدف لتقوية التبادلات التجارية باستخدام اليوان والليرة بدلًا من العملات الصعبة.
الاتفاق يشكل امتدادًا لسلسلة تفاهمات بدأت منذ عام 2012، وجرى تفعيلها فعليًا عام 2020 عندما بدأت تركيا لأول مرة سداد وارداتها من الصين باليوان مباشرة. الجديد اليوم؟ إطلاق آلية مقاصة باليوان داخل تركيا تسمح للبنوك التجارية بتسوية المدفوعات مباشرة بالعملة الصينية، دون الحاجة للمرور بالدولار.
الرسالة واضحة: أنقرة تسعى لفك الارتباط بالدولار تدريجيًا، والصين تواصل مشروعها الطويل لتدويل عملتها. الرئيس رجب طيب أردوغان كان قد دعا عام 2016 لاستخدام العملات المحلية في التبادلات مع الصين وروسيا وإيران، وهذه الخطوة تعكس المضي في هذا النهج.
لكن، هل هي مجرد رمزية؟
يرى المحلل الاقتصادي محمد أبو عليان أن الاتفاق يحقق مكاسب فورية مثل تعزيز احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية وتخفيف ضغط التحويل بالدولار. لكنه في المقابل يؤكد أن الاتفاق لا يحل الخلل الكبير في ميزان التجارة مع الصين، حيث تستورد تركيا ما يفوق 39 مليار دولار مقابل صادرات لا تتعدى 4.3 مليار فقط.
أبو عليان يلفت أيضًا إلى أن هذه الخطوط تُعد ديونا قصيرة الأجل بفوائد يجب سدادها، مما يخلق عبئًا طويل الأمد إن لم يصاحبها إصلاحات اقتصادية أعمق.
هل هناك بُعد إستراتيجي؟
الباحثة نيل كهرمان ترى أن الاتفاق يفتح المجال لتركيا للانضمام جزئيًا إلى النظام المالي الذي تروّج له بكين. إذ قد تستخدم تركيا مركز المقاصة باليوان لتوسيع تعاملاتها ليس فقط مع الصين، بل أيضًا مع شركاء آخرين يفضّلون العملة الصينية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية.
مع ذلك، تشدد كهرمان على أن التحول الكامل سيبقى بطيئًا ما لم ينخرط القطاع الخاص التركي بفاعلية، ويحافظ على استقرار سعر الصرف بين الليرة واليوان، ويستمر الدعم الصيني لهذا المسار.
في الخلفية... سياسة أوسع
تركيا وقّعت في السنوات الأخيرة اتفاقات تبادل عملات مع قطر، الإمارات، وكوريا الجنوبية، بقيمة مجمعة تجاوزت 20 مليار دولار. هذا التحرك يعكس توجّهًا نحو تنويع مصادر السيولة، وتحقيق استقلال مالي نسبي في ظل ضغوط الليرة ومخاوف الأسواق.
هل هذه الخطوات كافية؟ ليس بعد. لكن الرسالة السياسية واضحة: تركيا لم تعد ترى الدولار اللاعب الوحيد على الساحة، والصين وجدت في أنقرة شريكًا استراتيجيًا في طريق تدويل اليوان.