"باب توما".. 2000 عام من التاريخ والعراقة

قلق في الشارع.. وطمأنة رسمية بأن "الحجارة ستعود إلى مكانها"
"باب توما"، ذاك الحي الدمشقي العتيق الذي نجح في البقاء حيًّا عبر آلاف السنين، يعيش اليوم على وقع قلق جديد. لكن هذه المرة ليست حربًا، بل مشروع "تأهيل" أثار الخوف من طمس جزء من هوية العاصمة الأقدم في العالم.
ماذا يحدث في باب توما؟
في الأيام الأخيرة، فوجئ سكان الحي الدمشقي بأعمال حفر مفاجئة في شوارعه المرصوفة بالحجر الأثري، دون سابق إنذار أو إعلان رسمي. المشهد بدا مربكًا: آلات تحفر، حجارة تُرفع، وحديث الناس يدور حول خطر محتمل يهدد ذاكرة الحي.
ردود الأفعال لم تتأخر، صفحات التواصل امتلأت بصور ومقاطع، وتعليقات تندد بما يُعتبر "عبثًا بالتراث".
الرد الرسمي: نعيد الحياة لا نطمسها
الجهات الرسمية سارعت لتوضيح الموقف. وسائل إعلام سورية نقلت عن بلدية دمشق أن المشروع يهدف فقط لتحديث البنية التحتية: شبكات صرف صحي، كهرباء، واتصالات. وأكدت أن "الحجارة التي رُفعت مؤقتًا ستُعاد كما كانت، وبطريقة تحافظ على الطابع التاريخي للمكان".
لجنة حي باب توما قالت في بيان:
"ما يجري ليس طمسًا للهوية، بل إعادة إحياء لها"، مضيفة أن العمل يتم بالتنسيق مع مديرية مدينة دمشق القديمة ومحافظة دمشق، مع احترام أعلى المعايير المعمارية والتراثية.
لماذا القلق؟
باب توما ليس حيًّا عاديًا. هو جزء من سور دمشق الأثري، عمره أكثر من 2000 سنة، وشاهد حي على كل حقبة مرّت على العاصمة: من العهد الروماني والبيزنطي، مرورًا بالفتوحات الإسلامية والعصرين الأموي والمملوكي، وصولًا إلى الانتداب الفرنسي والحرب السورية.
أي تغيير، ولو بسيط، في ملامح هذا المكان، يُنظر إليه على أنه مساس بجوهر المدينة، لا مجرد تطوير خدمي.
بين التحديث والحفاظ على الهوية
القلق الشعبي قابلته تطمينات رسمية، لكن السؤال يبقى:
هل يمكن للحداثة أن تتعايش مع التراث دون أن تمحو ملامحه؟
في النهاية، ما يحدث في باب توما ليس مجرد مشروع حفر، بل اختبار لمدى قدرة الدولة على التوفيق بين التطوير والحفاظ على الذاكرة، بين الاحتياج اليومي، والتاريخ العابر للقرون.
ربما تنجح الجهات الرسمية في إعادة كل حجر إلى مكانه، لكن يبقى الأهم أن تعود روح باب توما كما كانت… لا مجرّد حجارة مرصوفة، بل قصة تُروى.