محور إيران المترنح.. لاريجاني في جولة إنقاذ من بغداد إلى بيروت

في مسعى لإعادة التوازن، أوفدت طهران مسؤولها الأمني البارز، علي لاريجاني، في جولة إقليمية من بغداد إلى بيروت، بغية لملمة شتات المحور الإيراني الذي أنهكته المتغيرات، وترميم ما تصدع من نفوذه الممتد بين العواصم العربية، وبينما تتساءل الأوساط السياسية عن فرص نجاحه في لمّ المحور المتآكل، يخيّم على المشهد سؤال أكبر: هل فات أوان الإصلاح أم ينجح مبعوث إيران في إعادة عقارب النفوذ إلى الوراء؟
محور يترنح تحت الضغوط
- تلقّى ما يُعرف بـ "محور المقاومة" ضربات متتالية في الثلاث سنوات الأخيرة، في لبنان، اغتيل أبرز وجه لهذا المحور، حسن نصرا، ويواجه حزب الله حملة لنزع سلاحه وضغوطًا شعبية، وفي العراق يحاول الحشد الشعبي تثبيت شرعيته وسط تحفظات داخلية، وفي سوريا، سقط نظام الأسد الحليف لإيران، وانفتحت سوريا على محيطها العربي.
- إيران نفسها تلقت ضربات قاسية لبرنامجها النووي الطموح، مما أخره إلى سنوات إلى الوراء.
- العديد من الأشياء تغير، فالاتفاق السعودي الإيراني ساعد في هدوء الخليج العربي، وتعزيز العلاقات الخليجية مع دمشق، وكذلك الهدنة في اليمن، جميعها حرمت طهران من بؤر توتر كانت تستثمرها لترسيخ دورها الإقليمي.
لم شمل المحور.. مهمة لاريجاني
- زيارة بغداد: اختار لاريجاني أن يبدأ من العراق، حيث وقع اتفاقًا أمنيًا جديدًا، والتقى كبار المسؤولين، وسعى لتأمين إقرار قانون الحشد الشعبي رغم التحفظات، تعتبر بغداد ذات أهمية خاصة لإيران باعتبارها "رئة اقتصادية"، وساحة نفوذ أمني مباشر.
- لاريجاني شدد أن أمن العراق من أمن إيران، مقنعًا حتى بعض القيادات السنية بالتعاون معه بفضل علاقاته الواسعة.
- محطة بيروت: في لبنان، تحدٍّ أكثر تعقيدًا، الحكومة تسعى لحصر السلاح بيد الدولة، ما يُستشف منه أنه استهداف مباشر لسلاح حزب الله، يحاول لاريجاني ثني القادة اللبنانيون عن المُضيّ في خطة نزع السلاح، عارضًا تمديد المهل الزمنية لتنفيذها.
- رسائل دمشق؟ رغم أن جدول جولته المعلن لم يشمل سوريا، إلا أن بُعدها حاضر في ذهنه، فمن بيروت، بعث لاريجاني رسالة دعم لتحالف المقاومة في مواجهة إسرائيل، ورسائل طمأنة بأن إيران ستبقى سندًا لدمشق رغم الانفتاح العربي الجديد، وربما يخطط لاحقًا لزيارة دمشق لإكمال مثلث جولته إذا سمحت الظروف.
فرص النجاح والعقبات
- دعم إيراني غير محدود: يملك لاريجاني صلاحيات واسعة وغطاء مباشر من المرشد خامنئي، مما يجعل وعوده لحلفاء إيران ذات مصداقية، فطهران مستعدة لضخ مزيد من الدعم المالي والعسكري لإرضاء حلفائها وإبقائهم تحت جناحها، سواء بتسليح فصائل العراق أو تمويل خدمات بلبنان.
- معوقات داخلية: لكن الواقع المحلي في كل بلد يمثل عقبة؛ ففي العراق، تيار الصدر والقوى الوطنية ترفض الهيمنة الخارجية وقد لا تتقبل مخرجات زيارة لاريجاني بسهولة، أما في لبنان، فمزاج الشارع ضد الطبقة السياسية ـ بما فيها حلفاء إيران ـ يصعّب تلميع صورة المحور مجدداً، وحتى داخل إيران نفسها، الاحتجاجات الشعبية الأخيرة وضعت النظام تحت ضغط، مما يُضعف هامش مناورته خارجيًا.
- الضغط الدولي والإقليمي: الولايات المتحدة تراقب عن كثب وتعيد تموضع قواتها في المنطقة، ولن تسمح بسهولة بإعادة تمدد إيراني غير منضبط، كما أن تقارب دول الخليج مع العراق ولبنان يطرح بديلاً عربيًا لحلفاء إيران يغريهم بالابتعاد تدريجياً عن طهران.