مادورو يتحدى واشنطن.. مكافأة الـ 50 مليون دولار لن تُخيفني

تحدى الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، الولايات المتحدة بلهجة حادة بعد إعلان واشنطن عن مكافأة ضخمة قدرها 50 مليون دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى اعتقاله، وظهر مادورو في خطاب متلفز موجها حديثه للمسؤولين الأمريكيين بعبارة لافتة "تعالوا إليّ، سأنتظركم هنا، لا تتأخروا أيها الجبناء!"، في إشارة واضحة إلى رفضه الرضوخ للضغوط الأميركية.
يأتي هذا التصعيد الكلامي بينما تواصل الإدارة الأميركية حملة تضييق الخناق على مادورو، متهمة إياه بالتورط في تهريب المخدرات والتحالف مع جماعات إجرامية؛ فكيف وصلت الأمور إلى وضع واحدة من أضخم المكافآت بحق رئيس دولة؟ ولماذا تصرّ واشنطن على الإطاحة بمادورو بهذا الشكل؟
خلفية المكافأة القياسية
أعلنت وزارة العدل الأميركية لأول مرة عن مكافأة 15 مليون دولار لاعتقال مادورو عام 2020، تزامنًا مع اتهامه رسميًا بتهريب المخدرات، ومع استمرار مادورو في السلطة لولاية ثالثة مطلع 2025، قامت واشنطن بمضاعفة المكافأة تدريجيًا إلى 25 مليون ثم 50 مليون دولار، وهو رقم غير مسبوق لرأس زعيم دولة.
تتهم الولايات المتحدة مادورو بأنه أحد قادة كارتل المخدرات المعروف باسم "كارتل الشمس"، المسؤول عن تهريب أطنان من الكوكايين إلى الأراضي الأميركية، كما زعمت واشنطن أنه تعاون مع عصابات مثل "قطار أراغوا" الفنزويلية و"كارتل سينالوا" المكسيكية لتسهيل أنشطة إجرامية.
إلى جانب المكافأة المالية، فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية خانقة على فنزويلا، وشخصيات رفيعة في نظام مادورو، في محاولة لعزله دوليًا ودفع الجيش الفنزويلي للانقلاب عليه، وشملت العقوبات تجميد أصول حكومية في الخارج، وحظر التعامل مع قطاع النفط الفنزويلي.
رد مادورو.. تحدٍ مباشر لأميركا
اختار مادورو أسلوب المواجهة الصريح بدل التراجع، فخلال تجمع لأنصاره في العاصمة، كراكاس، وقف مادورو رافعًا قبضته متحديًا "تعالوا لأجلي، سأكون بانتظاركم في قصر ميرافلوريس، لن تخيفنا دولاراتكم". هذا الرد العنيف، الذي وصف فيه المسؤولين الأمريكيين بـ "الجبناء"، يعكس قناعة مادورو الراسخة بأنه يتمتع بدعم داخلي كافٍ لحمايته، وقد سخر مادورو من خطوة المكافأة واصفًا إياها بأنها "سيرك إعلامي"، و"حيلة يائسة" من واشنطن لصرف الأنظار عن مشاكلها
لماذا 50 مليون دولار تحديدًا؟
ترى الولايات المتحدة في مادورو خطرًا أمنيًا خاصًا يستدعي هذه المكافأة الضخمة لعدة أسباب:
- تورطه المزعوم بالمخدرات: تشير لوائح الاتهام الأمريكية إلى أن مادورو وشركاءه أدخلوا أطنانًا من المخدرات لأميركا، ما اعتُبر حربا بالوكالة تستهدف المجتمع الأميركي.
- اللجوء للإرهاب والجريمة: في فبراير 2025، صنّفت واشنطن عصابة "قطار أراغوا" الفنزويلية على أنها منظمة إرهابية أجنبية، وتتهم مادورو باستخدام تلك العصابة، وعصابات أخرى كأذرع لتثبيت حكمه.
- تحديه العلني للولايات المتحدة: على مدى سنوات، ظل مادورو يوجّه خطابات لاذعة ضد واشنطن، ويحمّلها مسؤولية معاناة فنزويلا عبر العقوبات، هذا التحدي العلني أحرج الإدارة الأميركية ودفعها لتصعيد غير مسبوق.
التداعيات الإقليمية والدولية
إعلان المكافأة أثار ردود فعل متباينة في أميركا اللاتينية والعالم، فحلفاء مادورو نددوا بما وصفوه "قرصنة سياسية"؛ فقد اعتبرتها كوبا، ونيكاراغوا محاولة أميركية لزعزعة استقرار المنطقة وتغيير الأنظمة بالقوة، في المقابل، رحبت المعارضة الفنزويلية بالخطوة ووصفت مادورو بأنه "مجرم فار من العدالة الدولية".
أما روسيا فاتهمت واشنطن بتأجيج الأزمات بدل الحوار، إذ قالت المتحدثة باسم خارجيتها إن "كرامة فنزويلا ليست للبيع"، أما بالنسبة للمواطن الفنزويلي العادي، زادت هذه المواجهة من حالة الاستقطاب
بين التصعيد والحل السلمي
مع تصاعد الحرب الكلامية بين كاراكاس وواشنطن، يبقى مستقبل فنزويلا معلقًا بين سيناريوهين: فإما استمرار الوضع الحالي بما يعنيه من عزلة اقتصادية خانقة تزيد معاناة الشعب، أو الدخول في مفاوضات سياسية مع المعارضة برعاية دولية للتوصل إلى انتقال سلمي.