أوروبا تُسابق الزمن قبل قمة ألاسكا

يسعى قادة الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا إلى إجراء محادثات مستعجلة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للدفاع عن مصالحهم، وذلك قبيل القمة المرتقبة بين ترامب والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القمة الأمريكية-الروسية المزمع عقدها في ألاسكا بعد أيام أثارت قلق العواصم الأوروبية وكييف، فهم يخشون من صفقات قد تُعقد على حساب الأمن الأوروبي وأوكرانيا تحديدًا.
حرب أوكرانيا على الطاولة
منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، شهد العالم انقسامًا حادًا، فالغرب يدعم أوكرانيا، وروسيا تتقدم في الميدان ببطء، وبعد سنتين من القتال، ستعقد غدا قمة بين ترامب وبوتين مع احتمال اتفاق "كبير" قد يشمل وقف إطلاق النار في أوكرانيا وربما صفقة تقسيم نفوذ جديدة بين موسكو وواشنطن.
التحركات الأوروبية والأوكرانية
كشفت وكالة AP أن المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، دعا ترامب وقادة أوروبيين والرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى اجتماع افتراضي قبل قمة ألاسكا، بهدف تنسيق موقف غربي موحد، ومنع أي تنازل أمريكي منفرد.
يجد الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، نفسه مستبعدًا رسميًا من حضور قمة ترامب-بوتين، وعبّر عن مخاوفه بالقول "يستفيد بوتين من أي قمة نحن لسنا فيها"، مطالبا بأن يكون أي اتفاق سلام مشروطًا بانسحاب روسي ووقف القصف.
أما موقف بولندا ودول شرق أوروبا، فقد بدا واضحا بتحذير دونالد توسك، رئيس وزراء بولندا، أمام برلمانه من "يالتا جديدة"، في إشارة لاتفاق تقسيم أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وبطبيعة الحال هذه الدول الواقعة على خط المواجهة مع روسيا قلقة ألا يُعاد رسم مناطق نفوذ على حساب أمنها واستقلال أوكرانيا، فتضغط وارسو وعواصم البلطيق ليكون لها صوت في أي ترتيب مقبل.
لماذا يخشون ترامب؟
نهج ترامب المثير للجدل؛ لدى الأوروبيين تجربة مريرة مع سياسات ترامب خلال ولايته الأولى (2017-2021)، فهو كثيرًا ما انتقد حلف الناتو ومال إلى استرضاء بوتين، أما الآن، ترامب يُبدي مواقف مقلقة، حيث لمح أنه قد يعترف بالسيادة الروسية على أجزاء من أوكرانيا إن كان ذلك سيوقف الحرب، واعتبر أن "أوروبا لم تدفع كفاية" لدعم كييف، هذا النهج يثير مخاوف من صفقة كبرى بين ترامب وبوتين.
كما أن الأوروبيين يخشون أن لا يستشيرهم ترامب في قراراته مثلما فعل سابقًا بانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، واتفاق إيران النووي بدون تنسيق كافٍ، لكن الموضوع الآن أخطر لأنه يتعلق بأمن أوروبا المباشر. وهذا ما عبرت عنه مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية "كايا كالاس" حيث قالت "علينا التأكد أن صوت أوروبا حاضر على طاولة ترامب قبل ذهابه لبوتين".
محاور الدفاع الأوروبي-الأوكراني
في اجتماعهم التحضيري المحتمل مع ترامب (الذي تسرب أنه سيجري افتراضيًا من برلين)، سيركز الأوروبيون والأوكران على:
- المطالبة بألا يوافق ترامب على أي وقف إطلاق نار يمنح روسيا أراضٍ محتلة كأمر واقع، كما يريدون ربط أي تخفيف عقوبات بانسحاب روسي شامل، أو اتفاق مقبول لأوكرانيا.
- الضغط لمنح أوكرانيا ضمانات أمنية ملزمة قبل أي تسوية، خاصة إذا تأجل انضمامها للناتو.
- تنبيه ترامب ألا يبيع "ورقة العقوبات" بسرعة، فالعقوبات على روسيا حتى الآن هي أهم أدوات الضغط، والتخلي عنها مقابل وعود روسية قد يكون خطأ فادحًا إن لم تُنفذ الوعود.
- يهم الأوروبيون أن أي اتفاق سلام يتضمن إلزام روسيا بدفع تعويضات أو المساهمة في إعادة إعمار أوكرانيا المدمرة، ويريدون ترامب أن يتبنى هذا المطلب في مفاوضاته.
قمة ألاسكا ومصير الحرب
ستتجه الأضواء كلها إلى ألاسكا غدا، حيث جلسة شطرنج سياسية بين رجلين غير متوقعين، وفي عواصم أوروبا وكييف، الأنفاس محبوسة بانتظار ما إذا كانت الأصوات التي أوصلوها لأذنَي ترامب قد تلقى صدى.