قمة ألاسكا تشغل العالم.. ما الذي جرى؟

عُقدت في أنكوراج بولاية ألاسكا، يوم أمس، قمة رفيعة المستوى بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. جاء هذا اللقاء في لحظة دقيقة من العلاقات الدولية، حيث يستمر النزاع في أوكرانيا، وتتزايد التوترات بين موسكو والغرب، مما أضفى على القمة أهمية خاصة باعتبارها اختبارًا لقدرة الطرفين على كسر الجمود السياسي وفتح آفاق جديدة للحوار.
الاستقبال والرمزية
استقبل بوتين بمظاهر بروتوكولية غير اعتيادية، حملت رسائل رمزية تتجاوز حدود المجاملة الدبلوماسية، فقد فُرش السجاد الأحمر، وأدت وحدات الشرف التحية العسكرية وسط حضور لافت للإعلام العالمي، وفي رسالة بارزة، استقل الزعيمان معًا ذات السيارة، في إشارة إلى إظهار قدر من الود الشخصي رغم عمق الخلافات السياسية.
لكن أكثر ما أثار الانتباه تحليق الطيران الحربي الأمريكي فوق القاعدة العسكرية التي احتضنت اللقاء، في رسالة مزدوجة؛ من جهة تأكيد السيادة والقوة الأمريكية، ومن جهة أخرى تذكير ضمني بأن الحوار يجري تحت سقف موازين القوى الصلبة، وليس في فراغ سياسي.
المباحثات بين الزعيمين
اجتمع الرئيسان في جلسة مغلقة امتدت قرابة ثلاث ساعات، وتركزت على الأزمة الأوكرانية وقضايا الأمن الأوروبي، وتشير التسريبات إلى أن بوتين تمسك بمطالبه التقليدية، التي تشمل ضمان استمرار السيطرة الروسية على المناطق المحتلة، ومنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، أو الاتحاد الأوروبي، في المقابل، حاول ترامب إظهار أن اللقاء أحرز "تقدماً في الفهم المتبادل"، لكنه اعترف بعدم التوصل إلى أي اتفاق محدد، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستتطلب مشاورات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحلفاء الولايات المتحدة.
المؤتمر الصحفي المشترك
وفي مشهد لا يتكرر كثيرا، ظهر ترامب وبوتين أمام الإعلام في مؤتمر صحفي مشترك، تميز بالخطابات المعدّة سلفًا وغياب الأسئلة المباشرة، ركّز بوتين في كلمته على تاريخ العلاقات بين البلدين، وضرورة بناء "جيرة حسنة"، متجنبًا الدخول في تفاصيل النزاع الأوكراني، أما ترامب، فاعتبر اللقاء "ممتازًا" لكنه أوضح بلهجة عملية أن "لا اتفاق حتى يكون هناك اتفاق"، في رسالة مفادها أن القمة كانت خطوة أولى في مسار تفاوضي طويل لا يزال محفوفًا بالعقبات.
ردود الأفعال
اعتبر مراقبون أن بوتين خرج بمكسب رمزي من خلال ظهوره على الساحة الدولية مكرسًا كشريك تفاوضي للولايات المتحدة دون أن يقدم أي تنازلات ملموسة، فيما رأى آخرون أن ترامب منح روسيا منصة دعائية مجانية قد تُضعف موقف الغرب الموحد تجاه الحرب، في أوروبا وأوكرانيا سادت أجواء من التحفظ والقلق، إذ لم ينتج عن اللقاء ما يوقف العمليات العسكرية، أو يخفف من معاناة المدنيين.
التبعات المستقبلية
رغم محدودية النتائج، أكد ترامب عزمه على مواصلة الجهود الدبلوماسية، طارحا فكرة عقد لقاء ثلاثي يضم زيلينسكي، أو حتى قمة جديدة في موسكو، خاصة بعد دعوة بوتين لترامب بعقد لقاء ثانٍ في موسكو، غير أن هذه المقترحات أثارت مخاوف داخلية وخارجية من أن تتحول مثل هذه اللقاءات إلى فرصة لروسيا لإطالة أمد الحرب وكسب الوقت، في وقت شدد فيه محللون غربيون على ضرورة أن تقرن أي مبادرات سياسية بمواقف حازمة تدعم أوكرانيا عسكريًا وتبقي على الضغوط الاقتصادية على موسكو.