اغتيال غامض لعنصري أمن في طرطوس السورية.. هل بدأ صيد "جواسيس لندن"؟

اهتزّت مدينة طرطوس الساحلية على وقع حادث أمني دامٍ، حيث قُتل عنصران من قوات الأمن السورية برصاص مسلّحين مجهولين أثناء قيامهما بتفتيش سيارة مشبوهة ليلة الثلاثاء، ووفق مصدر أمني سوري تحدث لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، فإن دورية من الأمن الداخلي اشتبهت بمركبة مركونة إلى جانب الطريق في أحد أحياء طرطوس، وعندما اقترب عناصر الدورية للتفتيش، قام شخص بداخل السيارة بفتح النار المباشر عليهم، مما أدى إلى مقتل عنصرين على الفور، وفر المسلحون على الفور، وتقوم السلطات حالياً بملاحقة السيارة وتحديد هوية الفاعلين للقبض عليهم.
أثار هذا الاغتيال المزدوج حالة استنفار أمني واستياء شعبي في المنطقة التي تعد عادة مستقرة وآمنة، وما زاد من اللغط هو توقيت الحادثة بالتزامن مع حديث عن "قائمة اغتيالات سرية" تتعقبها أجهزة إيرانية، والتي زُعِم أن حركة طالبان سلّمتها لطهران وتخص "جواسيس لندن"، فهل هذه الجريمة ضمن عمليات الاغتيال؟ أم أنها مجرد عمل إجرامي منفصل؟
تفاصيل حادث طرطوس الصادم
نحو منتصف الليل، في أحد شوارع طرطوس الهادئة، اقترب عنصران من الأمن الداخلي من سيارة متوقفة بلا لوحات في مكان مريب، فباغتهم أحد داخلها بإطلاق نار مباشر، أصيب العنصران إصابات قاتلة وفارقا الحياة فوراً، فيما لاذ المسلحون بالفرار مستغلين ظلام الليل، بعدها هرعت تعزيزات أمنية للموقع وضُرِبت طوقاً حول المنطقة، لكن المهاجمين تمكنوا من الفرار.
أوضحت وزارة الداخلية أن العنصرين الشهيدين هما صف ضابط ومجند في قوى الأمن الداخلي، كانا يؤديان واجبهما في منع عمليات تهريب محتملة عندما وقعا ضحية كمين غادر، وعلى الفور، أطلقت الأجهزة المختصة حملة تمشيط ووضعت حواجز على مداخل المدينة في محاولة لتعقب السيارة الجانية.
فرضيات ودوافع محتملة
تُعتبر طرطوس من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والمستقرة أمنياً نسبياً خلال الحرب، مما يجعل هذا الهجوم سابقة خطيرة، وبرزت فرضيتان أساسيتان: الأولى أن خلايا إرهابية أو فلول جماعات متشددة ربما تسللت واستهدفت قوى الأمن انتقاماً، إذ رغم خلو الساحل من نشاط عسكري كبير، قد تحاول خلايا نائمة ضرب هيبة النظام في مناطقه الآمنة.
الفرضية الثانية والتي تكتسب رواجاً أكبر محلياً -نظراً لتزامنها مع أحداث أخرى- هي وجود ترتيب استخباراتي لتصفية شخصيات أمنية ضمن حرب خفية، ودعم هذه الفرضية تقرير صحفي أشار إلى أن إيران حصلت مؤخراً على قائمة بأسماء "جواسيس" عملوا لصالح بريطانيا في أفغانستان المجاورة، وتسعى لتعقبهم حيثما فرّوا، ومع اعتقاد أن بعض هؤلاء ربما لجأوا إلى سوريا، ربط البعض أن ما جرى في طرطوس قد يكون استهدافاً خاطئاً أو ضمن حملة أوسع لملاحقة عملاء مفترضين، لكن هذه التكهنات تبقى دون أدلة ملموسة.
من هم "جواسيس لندن"؟
خلال الأيام الماضية انتشرت أخبار عن "قائمة قتل" سرية قدمتها حركة طالبان لأجهزة إيران تحتوي أسماء نحو 25 ألف أفغاني تعاونوا مع البريطانيين (بينهم عناصر مخابرات)، وذكرت صحيفة تلغراف البريطانية أن فريقاً من الحرس الثوري زار كابل لاستلام القائمة، بهدف استخدام بعض الأسماء كورقة ضغط ضد لندن في مفاوضات نووية، وأشار التقرير إلى أن الإيرانيين بدأوا بالفعل اعتقال بعض الأفغان المدرجين على الحدود الإيرانية، ويدفع هذا التطور للتساؤل: هل يمكن أن يكون استهداف عنصري الأمن في طرطوس مرتبطاً بخيط أمني ما بتلك القائمة؟
ردود الفعل الرسمية والشعبية
- نعى المسؤولون السوريون الشهيدين وأشادوا بيقظتهما وتضحيتهما، متعهدين بأن "يد العدالة ستطال المجرمين قريباً".
- شهدت طرطوس تشييعاً حاشداً للعنصرين، حيث عبّر الأهالي عن غضبهم مطالبين بتكثيف الأمن لكشف الخلايا المتورطة.
- لم تشر التصريحات الرسمية إلى أي بُعد خارجي، بل اكتفت بوصف الجناة بـ "المسلحين المجهولين".
- أما على مواقع التواصل السورية، فانتشرت تكهنات بأن "العدو الإسرائيلي أو عملاءه" ربما يقفون وراء العملية، خصوصاً أن إسرائيل اغتالت في الماضي شخصيات على الساحل السوري، رغم عدم وجود دليل، استغل البعض الحدث للمطالبة بتشديد الرقابة على الحدود مع لبنان وإسرائيل لمنع تسلل عناصر معادية.