طهران تُطارد "جواسيس لندن".. ما القصة؟

حكاية تكاد تكون أقرب إلى روايات التجسس، كشفت تقارير استخباراتية أن إيران حصلت من حركة طالبان الأفغانية على "قائمة قتل سرّية" تضم أسماء 25 ألف شخص يشتبه بأنهم جواسيس، أو متعاونون مع بريطانيا.
القائمة المسرّبة التي قيل إن مصدرها خطأ إداري في وزارة الدفاع البريطانية عام 2022، أصبحت ورقة بيد طهران تستخدمها الآن لملاحقة هؤلاء الأشخاص واستغلالهم في صفقات دولية، ووفق صحيفة تلغراف البريطانية، أرسل الحرس الثوري الإيراني وفداً خاصاً إلى العاصمة الأفغانية، كابل، الأسبوع الماضي لاستلام القائمة من طالبان مقابل وعود سياسية.
بعض الأنباء المثيرة تشير إلى أن إيران ربما باشرت بالفعل بـ "اصطياد" بعض الأسماء على القائمة، حيث اعتقلت عددًا من الأفغان لدى عبورهم الحدود الإيرانية، والهدف، بحسب المصادر، هو استخدام هؤلاء كأوراق مساومة مع الغرب، خصوصاً مع لندن، قبيل احتمال إعادة فرض عقوبات أممية على طهران نهاية الشهر إذا لم تعد للمفاوضات النووية؛ فما تفاصيل هذه القائمة الغامضة؟ وكيف تسلّمتها طالبان وسلمتها لإيران؟ وما خطط طهران؟
ما هي "قائمة القتل" ومن أين جاءت؟
- تعود قصة هذه القائمة إلى فبراير 2022، حين تعرّضت وزارة الدفاع البريطانية لخرق أدى لتَسرّب ملف يحوي بيانات 25 ألف أفغاني ممن تعاونوا مع القوات البريطانية، أو تقدموا بطلبات لجوء لبريطانيا.
- القائمة تضم أسماء، ورُتبا، وربما عناوين بعض الجنود والمترجمين والموظفين الذين عملوا مع البريطانيين خلال حرب أفغانستان.
- سارع البريطانيون يومها للاعتذار عن الخطأ وسحب القائمة، لكن يبدو أنها انتشرت سرًا وأطلق عليها إعلامياً اسم"Kill List".
- أصبحت هذه القائمة كنزاً ثميناً لطالبان لتعقب من تعتبرهم "عملاء الغرب"، وحسب تقارير صحفية، استخدمت طالبان بعض المعلومات بالفعل لمعاقبة أو ابتزاز بعض الأشخاص داخل أفغانستان.
كيف سُلمت لإيران ولماذا؟
تفيد تقارير صحيفة تلغراف ووسائل أخرى أن قيادة طالبان رأت فرصة في تسليم هذه القائمة الحساسة لإيران، مقابل مكاسب سياسية، فطهران لم تعترف رسمياً بعد بحكومة طالبان، وتربطها بها علاقات فاترة.
قام مسؤولو الحرس الثوري الإيراني بتقديم عرض عبر قنوات غير مباشرة مفاده أنهم مستعدون لمساعدة طالبان في انتزاع اعتراف إيراني بها، مقابل الحصول على القائمة، وبالفعل، سافر 4 ضباط من الحرس الثوري سراً إلى كابل قبل نحو أسبوعين، والتقوا مسؤولين من مخابرات طالبان، حيث تم الاتفاق، بحسب المصادر، على تسليم نسخة "منقحة" من القائمة لطهران، ويُعتقد أن التنقيح قد يشمل إزالة أسماء بعض أفراد طالبان السابقين أو المتحالفين معها.
ماذا تريد إيران من القائمة؟
تريد إيران استخدام القائمة كورقة مساومة للضغط على بريطانيا، خاصة أنه وبنهاية أغسطس يقترب موعد العودة التلقائية لعقوبات أممية إذا لم تعد إيران لمفاوضات الاتفاق النووي، ويبدو أن طهران تخطط لإبراز ورقة تقول فيها للغرب "لدينا بعض جواسيسكم، يمكن أن نحرجكم أو نحاكمهم ما لم تتساهلوا معنا.
ماذا فعلت إيران بأسماء القائمة حتى الآن؟
بحسب المصادر ذاتها، باشرت قوات حرس الحدود والأمن الإيراني باعتقال عدة أشخاص من الواردة أسماؤهم في القائمة عندما حاولوا دخول إيران من أفغانستان، وبعض هؤلاء تبين أنهم جنود أو مترجمون أفغان سابقون فرّوا من طالبان ويحاولون اللجوء لأوروبا عبر إيران.
وذكرت التقارير أن البعض أفرج عنهم بعدما ثبت أنهم مجرد جنود سابقون لا صلة لهم بالاستخبارات، وما زال آخرون رهن الاحتجاز للتحقيق، لكن إيران لم تكشف رسمياً عن حيازتها للقائمة رغم تلميح مسؤول أمني لصحيفة تلغراف، لم يذكر اسمه، بقوله "لدينا الآن طريقة لتحديد جواسيس بريطانيين محتملين وسنستخدمها قبيل اجتماع مجلس الأمن بشأن العقوبات"، ما يُشير إلى أن الهدف تقديم شيء ما لإحراج بريطانيا قبل تصويت العقوبات.
ردود أفعال بريطانيا وأفغانستان
- رفضت الخارجية البريطانية التعليق علناً على التقارير، ما يمكن اعتباره تأكيداً ضمنياً لجزء منها، ويرجح أن الأجهزة البريطانية تحاول الآن تتبع مصير مواطنيها أو حلفائها السابقين من الأفغان، وكان مصدر أمني بريطاني قال لـ BBC "نحن على علم بادعاءات حول قائمة كهذه، ونعمل مع شركائنا لحماية من يواجهون الخطر"، لكنه لم يذكر إيران بالاسم.
- ظهرت مخاوف داخل أفغانستان بين من تعاونوا سابقاً مع القوات الغربية، حيث قال أحد المترجمين السابقين المختبئين في كابل "إذا باتت الأسماء عند طالبان وإيران معاً، فليس لدينا مكان آمن.. هؤلاء سيبادلونا كقطع شطرنج"، معبراً عن يأس كثيرين عالقين لم ينجحوا بالفرار.
- أما الحكومة الأفغانية (طالبان) فلم تنف ولم تؤكد رسمياً، لكن المتحدث باسمها، ذبيح الله مجاهد، قال متهكماً لإعلام باكستاني "إن كان البعض متورطا مع جواسيس أجانب فنحن نعلم كيف نتعامل معهم".