ترامب يستدعي نتنياهو فورًا: تحالف الحرب أم أجندة السيطرة؟

استدعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يكن مفاجئًا فقط في توقيته، بل أيضًا في دلالاته. فهذه أول خطوة خارجية بارزة بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض رسميًا، وتدلّ على أن التحالف الأميركي الإسرائيلي سيتحوّل إلى محور ضغط وقرارات استراتيجية كبرى في المنطقة، خصوصًا مع استمرار العدوان على غزة وتصاعد التوتر مع إيران.
في أولى تحركاته الخارجية المؤثرة بعد تولّيه الرئاسة رسميًا، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوة عاجلة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحضور إلى البيت الأبيض. اللقاء، الذي تم الترتيب له بسرية وسرعة، يُعدّ أول مؤشر واضح على أجندة ترامب الإقليمية الجديدة.
وبينما لا تزال غزة تحت نيران القصف، ورفح تحت الحصار، يعود المشهد السياسي العالمي إلى ما يشبه خريطة عام 2018، ولكن بنسخة أكثر حدة ووضوحًا.
لماذا استعجل ترامب استدعاء نتنياهو؟
هذه الدعوة السريعة تعكس عدة أهداف استراتيجية واضحة:
إعادة بناء التحالفات القديمة بقوة أكبر: ترامب يرى في نتنياهو شريكًا "لا يُخجل"، يقف إلى جانبه في كل الملفات الأمنية والعسكرية، من غزة إلى إيران.
فرض مشهد جديد في الشرق الأوسط: ترامب يريد إعادة رسم التوازنات في المنطقة، وإغلاق الباب أمام أي تسويات تراها إدارته "ضعيفة" أو "ليست في مصلحة إسرائيل".
إعطاء الضوء الأخضر لمزيد من التصعيد العسكري: سواء في غزة أو ضد إيران، تسعى إدارة ترامب لإطلاق يد إسرائيل بحرية أكبر، دون ضغط سياسي أو إعلامي.
ما الذي يخطط له هذا اللقاء؟
التحليلات تدور حول ثلاثة محاور أساسية:
غزة: الموافقة الضمنية على استمرار العدوان، وربما توسيعه نحو رفح بدعم لوجستي واستخباراتي أميركي.
إيران: نقاش محتمل حول توجيه ضربات استباقية لمواقع نووية أو مراكز دعم لحزب الله.
صفقة إعادة هيكلة السلطة الفلسطينية: خصوصًا في ظل الحديث عن ما بعد الحرب، ومحاولات فرض إدارة جديدة على غزة.
الإعلام يراقب عن كثب
الإعلام الأميركي وصف اللقاء بأنه "إعادة إطلاق للمشروع الترامبي في الشرق الأوسط"، بينما وصفت صحف إسرائيلية مثل "هآرتس" الاجتماع بأنه "خطوة تنقذ نتنياهو من مأزقه الداخلي".
أما في أوروبا، فهناك قلق من التصعيد. صحيفة "لوموند" الفرنسية قالت إن "ترامب لا يخطط للتهدئة، بل لإعادة إشعال التوتر بحسابات جيوسياسية معقدة".
غزة: الحاضرة الغائبة
غزة كانت، وستبقى، جزءًا أساسيًا من هذا الاجتماع. فبغضّ النظر عن العناوين المعلنة، يدرك الجميع أن ترامب يريد من نتنياهو "إتمام المهمة" التي فشلت الإدارات السابقة في دعمها بشكل كامل: إخضاع غزة وكسر شوكة المقاومة.
لكن ما تغيّر هو الغطاء. فبينما كانت الإدارات السابقة تراعي “الضغوط الدولية”، إدارة ترامب الجديدة تبدو وكأنها أزالت القفازات، وقررت الانخراط الكامل في معركة مفتوحة سياسيًا وعسكريًا.
كيف ينظر العرب إلى هذا التحرك؟
الشباب العربي، وخصوصًا على منصات التواصل، عبّروا عن استيائهم وغضبهم. اعتبروا أن استدعاء نتنياهو في هذا التوقيت هو ضوء أخضر لارتكاب مزيد من المجازر في غزة.
في الأردن، مصر، وتونس، أُطلقت حملات لمقاطعة المنتجات الأميركية، فيما دعت منظمات حقوقية إلى محاكمة دولية لجرائم الحرب في القطاع، واعتبرت أن أميركا "أصبحت شريكًا مباشرًا في الجريمة".
إلى أين تتجه العلاقة بين ترامب ونتنياهو؟
المتابعون للملف الأميركي الإسرائيلي يرون أن هذه العلاقة دخلت الآن مرحلة غير قابلة للكسر. تحالف سياسي وأيديولوجي، قائم على:
تصفية فكرة "الدولتين"
إضعاف الدور العربي في المعادلة الفلسطينية
نقل المعركة إلى طهران وإشعال الشرق الأوسط في “حرب باردة جديدة”
عودة ترامب إلى البيت الأبيض ليست مجرد عودة رئيس... بل عودة سياسة كاملة تتسم بالقوة والعناد والتحالفات المطلقة مع اليمين الإسرائيلي.
واستدعاء نتنياهو فورًا لا يحمل فقط بُعدًا دبلوماسيًا، بل هو بمثابة خريطة طريق دموية لما هو قادم في غزة والمنطقة.