"لا للملوك".. أميركا تنتفض ضد شبح تسلّط ترامب
من نيويورك إلى لوس أنجلوس.. الشارع الأميركي يتحرك

ملخص :
في أكبر تعبئة مدنية منذ احتجاجات Black Lives Matter عام 2020، تدفقت، أمس السبت، الحشود إلى الشوارع في أكثر من 2700 مدينة وبلدة عبر الولايات المتحدة، رافعة شعار "No Kings" لا للملوك، احتجاجاً على ما وصفوه بـتآكل الديمقراطية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وتجاوز عدد المشاركين حاجز سبعة ملايين شخص، فيما شهدت نيويورك، وواشنطن، وشيكاغو، ولوس أنجلوس أكبر التجمعات، ورغم اتساع النطاق، أكدت السلطات أن المسيرات بقيت سلمية ومنظمة، في مشهد نادر يُظهر نضجاً احتجاجياً يعكس تراجع الثقة بالمؤسسات السياسية التقليدية.
دوافع الاحتجاج: قلق من "رئيس فوق الدولة"
الحركة المنظمة للمسيرات، ائتلاف من منظمات مثل (ACLU، MoveOn)، والاتحاد الأميركي للمعلمين، اتهمت إدارة ترامب بانتهاج سياسات تهدد مبدأ الفصل بين السلطات، وتمنح الرئاسة صلاحيات استثنائية تتجاوز الدستور.
وجاء الغضب الشعبي بعد سلسلة من القرارات التنفيذية التي وسّعت سلطة البيت الأبيض في مجالات الأمن الداخلي والمراقبة الرقمية، ما دفع الناشطين لوصف المشهد بأنه تحوّل تدريجي نحو حكم مركزي مطلق.
استخدام تكنولوجيا مراقبة واسعة خلال الاحتجاجات
وبحسب تحقيق خاص لرويترز، استخدمت أجهزة الأمن الفدرالية أدوات مراقبة متقدمة شملت الطائرات المسيّرة وأنظمة التعرف على الوجوه لتتبع المشاركين في المسيرات، وأثارت هذه الممارسات مخاوف حقوقية، ووصفتها منظمات مدنية بأنها سابقة خطيرة في بلد يُفترض أنه حامي الحريات العامة.
ترامب يرد: "أنا لست ملكاً"
وفي أول تعليق له عبر منصة Truth Social، قال الرئيس ترامب: "أنا لست ملكاً.. أنا رئيس منتخب في نظام ديمقراطي، وللناس الحق في التظاهر".
قراءة سياسية: من احتجاجات مطلبية إلى مراجعة بنيوية
نشرت "مجلة تايم" تحليلا يرى أن موجة "لا للملوك" تعبّر عن تحوّل نوعي في الثقافة السياسية الأميركية، حيث لم تعد الاحتجاجات تركز على السياسات الاقتصادية أو الاجتماعية، بل على بنية السلطة نفسها، أي السؤال الجوهري حول "من يملك القرار؟".
ويرى خبراء أن هذا الحراك قد يعيد رسم ملامح الخطاب العام في الولايات المتحدة ويضغط على الحزبين الكبيرين لإعادة تعريف مفهوم السلطة التنفيذية وحدودها.
الديمقراطية على المحك
تصف منظمات المجتمع المدني هذه المظاهرات بأنها جرس إنذار ديمقراطي، مشيرة إلى أن الحشود وجهت رسالة مباشرة للبيت الأبيض مفادها أن الشعب الأميركي لن يقبل بإعادة إنتاج فكرة الملك داخل النظام الجمهوري.
خاتمة
مشهد "لا للملوك" يعيد إلى الواجهة جدلية الحرية والسلطة في النموذج الأميركي، ورغم الطابع السلمي للحراك، إلا أن مضمونه سياسي عميق يختبر قدرة الديمقراطية الأميركية على تصحيح نفسها من الداخل.