بسبب الحدود مع مصر .. الخلافات تشتعل بين الجيش الإسرائيلي والشاباك

ملخص :
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، أبرزها القناة العاشرة، وصحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن تصاعد حاد على الحدود الجنوبية لإسرائيل مع مصر، ما أدى إلى نشوب خلاف بين الجيش الإسرائيلي والشرطة حول مسؤوليات مواجهة الظاهرة.
يتعلق الأمر بظاهرة تهريب عبر طائرات مسيرة انطلقت من شبه جزيرة سيناء إلى الأراضي الإسرائيلية، وهو تهديد بات يُنظر إليه على أنه "أزمة وطنية"، وليس مجرد خرق حدودي عابر، وأعلن الجيش الإسرائيلي المنطقة الحدودية مع مصر "منطقة عسكرية" في محاولة للسيطرة على الوضع.
ارتفاع غير مسبوق في عمليات التهريب
وفق التقارير، فقد تمكنت نحو 900 طائرة مسيرة من التسلل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنة بـ 464 عملية فقط في نفس الفترة من عام 2024، محملة بكميات كبيرة من المخدرات، وأسلحة ثقيلة تشمل بنادق كلاشنيكوف، وقنابل يدوية، وذخائر مختلفة.
وتشير هذه الأرقام إلى تحول نوعي في طبيعة التهريب من نشاط جنائي محدود إلى تهديد أمني منظم، ورغم أن الجيش الإسرائيلي يصنّف حاليًا الظاهرة على أنها "ذات طابع جنائي"، فإنه يحذر من احتمال تحوّلها إلى سيناريو أكثر خطورة، مثل "غزوات جماعية بطائرات مسيرة هجومية" قد تستخدم مستقبلاً من قبل جماعات إرهابية، أو جيوش معادية.
خصائص الطائرات الحالية وخطر المستقبل
تشير المصادر الأمنية إلى أن الطائرات المسيرة المستخدمة حاليًا "بطيئة، منخفضة الطيران، ومحدودة المناورة"، وغالبًا ما تُسيّر في مناطق شبه خالية من المراقبة.
لكن الخطر الحقيقي يُتوقع في المستقبل القريب، حيث يحذر الخبراء من ظهور أسراب ذكية تُدار عبر الذكاء الاصطناعي، تحلق على ارتفاعات منخفضة، وتُوجّه عبر ألياف ضوئية، ما يجعل كشفها واعتراضها أكثر صعوبة.
وأكد التقرير أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تتأخر حالياً عن مواكبة تكنولوجيا الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية، محذرًا من أن "هذا التأخير سيتفاقم مع تسارع التقدم التكنولوجي لدى الخصوم".
استعدادات إسرائيلية للتصدي للتهديد
بحسب المصادر العسكرية، توجد تقنيات متطورة جاهزة لسد هذه الثغرة، بتكلفة تتراوح بين 60 و100 مليون شيكل (16–27 مليون دولار) لتغطية الحدود الجنوبية بالكامل، وهو مبلغ يُعتبر "ضئيلاً" مقارنة بميزانية الدفاع، وتشمل هذه الأنظمة:
- رادارات وكاميرات حرارية متطورة.
- أجهزة استشعار صوتية لرصد الطائرات المخترقة.
- طائرات مسيرة مضادة تعمل على إسقاط الطائرات المعادية عبر الاصطدام أو نشر شبكات جوية، على غرار التجارب الجارية في أوكرانيا.
وتشير الدراسات إلى أن هذه الأنظمة قادرة على خفض عمليات الاختراق بنسبة تفوق 90%، بتكلفة تتراوح بين 3 و4 ملايين شيكل لكل 10 كيلومترات من الحدود، إلا أن عمليات الشراء والنشر تواجه عراقيل بسبب البيروقراطية ومحاولات خفض الميزانيات في "الأماكن غير الصحيحة"، رغم أن بعض هذه الأنظمة قد تم اختبارها بالفعل من قبل الجيش ووزارة الدفاع.
خلاف حاد بين الجيش والشرطة
يتفاقم الوضع بسبب خلاف متصاعد بين الجيش الإسرائيلي والشرطة حول تحديد المسؤوليات في مواجهة هذا التهديد، فالشرطة ترى أن "المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الجيش"، بينما يشعر الجيش بالإحباط من غياب التنسيق، ويتهم جهاز الأمن العام (الشاباك) بعدم الاستثمار الكافي في هذا الملف، رغم تركّز النشاط في إطار الجريمة المنظمة، ويصف التقرير هذا الوضع بأنه "ملف معلق بين الكراسي"، ما يخلق فراغًا أمنيًا يستغله المهربون بذكاء.
تدخل سياسي وقانوني
دفع تصاعد الظاهرة الكنيست إلى عقد جلسات طارئة، وزيارة الوزراء والنواب للمنطقة، فيما تعمل كتلة "عوتصما يهوديت" على صياغة قانون لتنظيم استخدام الطائرات المسيرة، وأكد ممثل الشرطة في لجنة الكنيست أن "المهربين دائمًا يسبقوننا بخطوة"، داعيًا إلى عقد جلسات سرية لمناقشة الحجم الحقيقي للظاهرة.
تحذيرات واستنتاجات
في تحذير صريح، قال إران دورون، رئيس مجلس "رمت هَنَغِف" الاستيطاني الحدودي إن "ظاهرة الطائرات المسيرة ليست مجرد مشكلة حدودية، بل أزمة وطنية، السلاح المهرب لا يتوقف في الجنوب، بل يشق طريقه إلى عمق إسرائيل، والناس لا يرون التهريب، بل يلتقون به حين تُطلَق رصاصاته"
تخلص التقارير إلى أن الظاهرة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة إسرائيل على التكيف مع التهديدات التكنولوجية المتقدمة، وأن غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية يُضاعف المخاطر، ويمنح المهربين هامشاً كبيراً للتوسع في نشاطهم.





