إسرائيل تقتل "طبطبائي" الرجل الثاني في حزب الله

ملخص :
تعود الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيس لحزب الله، إلى الواجهة مجددًا بعد تعرضها لغارة إسرائيلية استهدفت هيثم علي طبطبائي، الرجل الثاني في الحزب، ظهر أمس الأحد، وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارة أسفرت عن مقتل 5 أشخاص، وإصابة 28 آخرين بجروح متفاوتة، كما خلفت أضرارًا كبيرة في المباني والسيارات المحيطة.
وفي بيان رسمي نعى حزب الله القائد طبطبائي، واصفًا إياه بأنه "القائد الجهادي الكبير الذي أفنى حياته في المقاومة منذ انطلاقتها، وكان من القادة الذين وضعوا المدماك الأساسي للآلة العسكرية للحزب"، دون الإعلان عن رد فوري على العملية، في مؤشر على انتظار تقييم الوضع بعناية.
تصعيد مستمر من إسرائيل
الحملة الإسرائيلية ضد لبنان مستمرة، وتركزت مؤخرًا على مناطق الجنوب والبقاع، مصحوبة بتصريحات تهديدية من المسؤولين الإسرائيليين بخصوص توسيع نطاق العمليات العسكرية.
وفي صباح يوم أمس الأحد، جدد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، التأكيد على أن إسرائيل ستواصل اتخاذ كل ما يلزم لمنع حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية، في إطار ما وصفه "حماية الأمن الإسرائيلي ومنع التنظيم من تعزيز قوته داخل لبنان".
تفاصيل الضربة الإسرائيلية
نفذ الجيش الإسرائيلي الغارة على الضاحية الجنوبية دون سابق إنذار، مستهدفًا شقة سكنية في حارة حريك، وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام -اللبنانية- أن ثلاثة صواريخ أطلقت باتجاه المبنى، ما أدى إلى أضرار واسعة في المباني والسيارات المحيطة، مع تدخل سريع لسيارات الإسعاف لنقل الجرحى، وفرض الجيش اللبناني طوقًا أمنيًا حول المنطقة.
وتعد هذه الضربة الثالثة منذ يونيو الماضي، والخامسة منذ إعلان وقف إطلاق النار، ما يعكس استمرار الاستهداف الإسرائيلي للضاحية الجنوبية بشكل متكرر، ويشار إلى أن العملية جاءت بعد ساعات قليلة من مقتل الأسير المحرر محمد صالح في عيتا الشعب، إثر استهداف سيارته من قبل مسيرة إسرائيلية.
نتنياهو من أمر بالعملية
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه أصدر أمره بشن الضربة، مستهدفًا رئيس أركان حزب الله الذي كان يقود جهود إعادة بناء وتسليح التنظيم، وقالت المتحدثة باسم الحكومة، شوش بدروسيان، إن العملية، التي أطلقت عليها وسائل الإعلام الإسرائيلية اسم "الجمعة السوداء"، تأتي ضمن جهود إسرائيل لمنع حزب الله من تعزيز قدراته العسكرية وتهديد الأمن الإسرائيلي، مؤكدة على أن الحكومة ستواصل اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع التنظيم من التعافي.
ووفق مراسل موقع "أكسيوس"، لم تُخطر الولايات المتحدة بالغارة مسبقًا، لكنها أُبلغت مباشرة بعد تنفيذها، مع العلم أن الإدارة الأمريكية كانت على علم منذ أيام بخطط إسرائيل لتصعيد محتمل.
من هو هيثم علي طبطبائي؟
- ولد هيثم علي الطبطبائي عام 1968 لأب إيراني وأم لبنانية جنوبية.
- ترعرع في جنوب لبنان قبل الانضمام إلى التنظيم الشيعي.
- تدرج في المناصب القيادية حتى تولى قيادة "قوات التدخل" المعنية بالإسناد الهجومي، ولاحقًا دمجت مع وحدة "قوات الرضوان" الخاصة بالحزب.
- يعتقد أن الطبطبائي كان القائد الميداني لقوة الرضوان في سوريا، حيث أشرف على العديد من العمليات الكبرى للحزب، بالإضافة إلى نشاطاته في اليمن.
- نجا عام 2015 من محاولة اغتيال إسرائيلية في القنيطرة السورية، أسفرت عن مقتل العميد الإيراني محمد علي الله دادي وستة من أعضاء حزب الله.
- صنفته وزارة الخارجية الأمريكية "إرهابيًا عالميًا" عام 2016، مع فرض عقوبات شاملة عليه، وأعلنت لاحقًا مكافأة مالية قدرها 5 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه.
ردود فعل حزب الله
أكد رئيس المجلس السياسي لحزب الله، محمود قماطي، أن كل الاحتمالات واردة، وأن القيادة ستتخذ القرار المناسب حول الرد على العملية، مع الالتزام بالتنسيق مع الدولة والجيش اللبناني، معتبرا أن الضربة تمثل خرقًا جديدًا لخطوط حمراء، مؤكدًا أن الحزب لا يمكن أن يقبل استمرار الاستباحة الإسرائيلية لأراضيه، وأن أي تفاوض جديد مع إسرائيل يعتبر مضيعة للوقت.
وتشير المصادر إلى أن جميع قيادات الحزب تتابع عن كثب الوضع، وسط توقعات بتأهب أمني وتحليق للطائرات والمسيرات الإسرائيلية في الضاحية، تحسبًا لأي رد محتمل من الحزب.
موقف لبنان الرسمي
تزامنت الضربة مع مبادرات دبلوماسية رسمية في لبنان، حيث أطلق الرئيس جوزيف عون قبل يومين مبادرة لتثبيت الاستقرار، ووضع حل مستدام للأزمة مع إسرائيل، ربطًا بالموقف العربي، وأكد عون في بيان بعد الغارة الإسرائيلية أن استهداف على الضاحية دليل آخر على أن إسرائيل لا تأبه للدعوات المتكررة لوقف اعتداءاتها على لبنان، وترفض تطبيق القرارات الدولية والمبادرات الرامية لإعادة الاستقرار، مشددا على التزام لبنان بوقف الأعمال العدائية منذ نحو سنة، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته والتدخل بشكل فعال لوقف الاعتداءات، تفاديًا لأي تدهور قد يعيد التوتر إلى المنطقة، ويحمي أرواح المدنيين.
واعتبر رئيس الحكومة، نواف سلام، عبر حسابه على منصة (إكس) أن الهجوم على الضاحية يتطلب توحيد كل الجهود خلف الدولة ومؤسساتها، مؤكدًا أن حماية اللبنانيين ومنع انزلاق البلاد إلى مسارات خطرة يمثل أولوية للحكومة، موضحا أن الحكومة ستواصل العمل سياسيًا ودبلوماسيًا مع الدول الشقيقة والصديقة لضمان وقف اعتداءات إسرائيل، وعودة الأسرى، والتأكيد على أن الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار يمر عبر التطبيق الكامل للقرار 1701، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها.
دعوات لبنانية لتنسيق الرد
وتوجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إلى الرئيس عون، ورئيس الحكومة سلام، داعيًا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، سواء عبر بناء توازن عسكري شرعي، أو الاستعانة بالدعم الدولي من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وشدد جعجع على أن الحلول المطروحة تتطلب وجود دولة فعلية تحتكر السلاح والقرارين العسكري والأمني، مستعرضًا كافة الاتفاقيات والقرارات السابقة التي نصت على هذا المبدأ، بدءًا من اتفاق الطائف، مرورًا بقرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701، وصولًا إلى اتفاقية 27 نوفمبر 2024، وقرارات مجلس الوزراء اللبناني في أغسطس/ آب 2025.
وطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لوضع هذه القرارات موضع التنفيذ، وإجراء مشاورات متعمقة مع الأصدقاء الدوليين للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وسحب قواتها من لبنان.
هذا التصعيد الخطير يفتح الأبواب أمام السؤال الكبير؛ هل المنطقة على حافة تصعيد عسكري جديد؟ أم أن العملية تأتي في سياق أمني فقط؟





