روبيو في إسرائيل بين التهجير وهدنة مؤقتة.. هل يكتب الأميركيون فصول "اليوم التالي" لغزة؟

ملخص :
في لحظة مفصلية من الحرب المستمرة على غزة، وصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى تل أبيب، وسط ضبابية تلف مسار المفاوضات وملف الهدنة. الزيارة، التي رُوّج لها كخطوة نحو "دعم أمن إسرائيل"، تحمل أكثر من قراءة، خصوصاً في ظل تراجع فرص المفاوضات بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة.
سيناريوهان متناقضان
خبراء استراتيجيون انقسموا في تقييمهم لمغزى الزيارة. هناك من يرى أنها ستنتهي دون نقاش جدي بشأن هدنة، بينما يعتبر آخرون أن واشنطن تهيئ الطريق نحو وقف محدود لإطلاق النار مع نهاية العام، يقدّم كإنجاز للطرفين. لكن الثابت أن أولويات أميركية - إسرائيلية مشتركة تتصدر المشهد: ملف "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين، وإعادة رسم ملامح غزة في اليوم التالي للحرب.
رسائل مباشرة إلى نتنياهو
المتحدث باسم الخارجية الأميركية، تومي بيغوت، أكد أن روبيو جاء لمناقشة أهداف إسرائيل "العملياتية"، وعلى رأسها السيطرة على مدينة غزة ومنع "حماس" من العودة للحكم. اللافت أن الملف الأبرز المطروح خلال الزيارة هو خطة تهجير فلسطينيي غزة عبر "ممرات جوية وبحرية"، خطة أثارت رفضاً عربياً ودولياً واسعاً.
الخبيرة الأميركية إيرينا تسوكرمان وصفت الزيارة بأنها اختبار لما إذا كانت واشنطن تمهّد لهدنة أم تمنح غطاءً سياسياً لتكتيكات إسرائيلية أوسع. وبحسبها، يسعى روبيو لانتزاع هدنة محدودة تُسوّق كفوز للطرفين، مع ضمانات حول الرهائن والممرات الإنسانية.
نتنياهو في مأزق داخلي
نتنياهو، الذي يواجه انقسامات حادة داخل حكومته بين معسكر متشدد يدعو لاحتلال شامل وآخر أكثر حذراً، يجد في الدعم الأميركي فرصة لتثبيت خياراته. لكن في المقابل، يدرك أن الضغط الأميركي قد يدفعه للقبول بمعايير جديدة توقف العمليات الواسعة مؤقتاً، دون أن تحسم الحرب بالكامل.
موقف فلسطيني وعربي مغاير
المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع رأى أن الزيارة ليست مرتبطة مباشرة بمسار الهدنة، كون المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف هو من يقود هذا الملف. لكنه أكد أن جوهرها يتمحور حول ترتيبات التهجير وتثبيت قناعة بأن إدارة ترامب لا تمانع استمرار الاجتياح الإسرائيلي لغزة، شرط أن ينتهي خلال أشهر، قبل دخول واشنطن مرحلة الانتخابات النصفية.
المجتمع الدولي يرفض
المواقف العربية والدولية لا تزال متمسكة بوقف شامل لإطلاق النار. الأردن وبريطانيا وفرنسا وألمانيا دعوا مؤخراً إلى وقف العمليات العسكرية فوراً، مؤكدين أن القصف على الدوحة في سبتمبر هدد فرص أي اتفاق. لكن هذه الدعوات تصطدم بواقع ميداني تفرضه إسرائيل، وتدعمه واشنطن بشكل مباشر أو غير مباشر.
رحلة روبيو لإسرائيل ليست مجرد زيارة دبلوماسية عابرة، بل محاولة لكتابة فصول "اليوم التالي" لغزة بما يخدم حسابات أميركية - إسرائيلية مشتركة. وبينما تصر واشنطن على منع عودة "حماس" للحكم، يواجه الفلسطينيون سيناريوهات أكثر قتامة: تهجير قسري، أو هدنة مؤقتة تُستخدم كغطاء لإطالة أمد الحرب.