مسارات أمنية سياسية قانونية.. هل سيحل حزب جبهة العمل الاسلامي ؟

* تسريبات عن احتمالات حل البرلمان وانتخابات مبكرة
كتب نضال منصور
هل ينتظر الأردنيون أن تتخذ الدولة الأردنية إجراءات وتدابير قاسية بحق حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين؟!
هذا هو السؤال المُقلق، والمشحون في عمّان بعد تسريبات عن اتهامات لم تحدد مصادرها، أو تكشف تفاصيلها تتحدث عن تورط للجماعة في أعمال تضر بأمن الأردن، هذه التسريبات جاءت بعد حملة على منصات التواصل الاجتماعي ضد نشطاء وناشطات اتهموا بالإساءة للجيش، والأجهزة الأمنية.
لا يختلف الأردنيون على رفضهم للإساءة للجيش والأجهزة الامنية، لكن التلميحات المباشرة، وغير المباشرة أن هؤلاء الشباب والشابات الذين يطلقون هتافات مسيئة في المظاهرات، والاعتصامات، تقف وراءهم جماعة مسيسة، تشحنهم، وتستخدمهم في معاركها ضد الدولة، والمقصود جماعة الإخوان المسلمين و/ أو حزب جبهة العمل الإسلامي، ولا يتم التعامل مع هذه الإساءات باعتبارها حالة غضب فردية معزولة، بسبب ما يعتبره النشطاء العجز عن التصدي الفعال للعدوان على غزة، وإنما يعتبرونها جزء من سياق ممنهج، ومقصود، لإضعاف وتشوية موقف الأردن.
المكاسرة السياسية بين الإخوان المسلمين والسلطة التنفيذية، وأجهزتها الأمنية تتصاعد منذ السابع من أكتوبر 2023 بدء الحرب على غزة، ورغم أن الأردن فتح المجال للاحتجاج على حرب الإبادة على نطاق واسع، إلا أن الدولة الأردنية ترى أن "الإخوان" يوظفون حرب غزة لأجندتهم السياسية، ولا يضعون حدودا لحركتهم، وتجييش الشارع، بل يذكرون بأنهم انحرفوا حين تبنوا عمليات عسكرية خرقت الحدود الأردنية إلى إسرائيل، ثم تراجعوا عنها حين "حمّرت" الدولة عيونها، ورفعت الهراوة بوجههم.
حصد حزب جبهة العمل الإسلامي 31 مقعدا في مجلس النواب، وكان لهم قصب النجاح في القائمة الحزبية العامة 17 مقاعد، إضافة إلى 14 مقعدا في الدوائر المحلية، وهو ما سُجل لنزاهة العملية الانتخابية، ولكن في الوقت ذاته نبه الدولة الأردنية إلى تنامي قوة تنظيم الإخوان المسلمين، وقدرته على الحشد على مستوى المملكة، وأظهر هشاشة الأحزاب الأخرى، وفشل الرهان على بعض أحزاب الوسط التي قدمت نفسها على أنها أحزاب الدولة، وأنها ستكتسح المشهد، غير أن نتائجها كانت مخيبة للآمال، مما زاد الحديث عن أن مسار الأحزاب ، والتحديث السياسي لا يمكن أن يمضي على ذات السكة، وزاد الهمس عن ضرورة مراجعة قانون الانتخاب والأحزاب .
ما فعلته الدولة أنها حشدت الجميع تحت قبة مجلس النواب في مواجهة قائمة نواب جبهة العمل الإسلامي، فأصبحت الكتلة الإسلامية الوازنة لا تأثير لها، ولا تستطيع تمرير أي من توجهاتها، وعكس التصويت على قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة على إلغاء وشطب عبارة "بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية" رغبة أكيدة بعدم تمرير أي أجندة، أو ما يعكس حضورها، وحتى لو أقرته اللجان البرلمانية، وهو إشارة تصعيدية برلمانية تتماهي مع الاتهامات، والتصعيد ضد الإخوان في الشارع.
جماعة الإخوان المسلمين اعتبرت منحلة بقرار قضائي، وصار هناك وريث لها ممن انشقوا عنها، ورغم هذا القرار القضائي فإن الجماعة ما زالت فاعلة، تمارس عملها، وولايتها بحكم الأمر الواقع، ولا تواجه ضغوطا سياسية، وقانونية بعدم شرعيتها.
مع التصعيد السياسي والعسكري الذي تصاعد مع بدء ولاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لا يُعرف حدود المعارك ضد الإسلام السياسي، وأين ستمضي بعد الحرب القاسية على حركة حماس، وفي اتجاه آخر على حزب الله، ومن ورائها إيران وكل المليشيات المؤيدة لها في اليمن والعراق، وبالتزامن مع سقوط نظام الأسد، وسيطرة قوة سياسية على السلطة في دمشق كانت لها امتدادات سياسية دينية، هي أقرب الآن للحكومة التركية بقيادة حزب العدالة.
ربما ينظر للأردن بأنه أخر البلدان التي يتمتع بها "الإخوان المسلمون" بحضور شرعي، وتشارك بقوة في البرلمان، وعلاقتها في الدولة معقولة، في إقليم يحاربها، وموسومة فيه بالإرهاب، وهذا ما يستدعي وسط هذه التداعيات السؤال؛ إلى أين تسير علاقة الدولة بحزب جبهة العمل الإسلامي، هل نحن أمام تصعيد غير متوقع على خلاف المعارك السياسية المحدودة؟
هناك تسريبات عن احتمالات تمضي باتجاهين؛ الأول سياق أمني قانوني يطال قيادات ووجوه معروفة، ويتبعه السياق الثاني بإجراءات لحل حزب جبهة العمل الإسلامي اعتمادا على تصورات قانونية، يتبعه احتمال بحل للبرلمان، وقد يتبعه دعوة لانتخابات مبكرة.
كل ما قيل سيناريوهات لم تتأكد، ولم تُحسم، وطوال الأيام الماضية كانت هناك غرفة عمليات، واجتماعات، وكانت هناك جهود للتهدئة، ووقف أي إجراءات، ووسط هذه الأجواء كان هناك من يُصر على المضي في الإجراءات حتى لو كانت تصعيدية، وهناك من يحاول عقلنة الفعل الأمني السياسي القانوني، مؤكدا على أهمية أن تكون التجربة الأردنية متفردة، ومستقرة، ولا تخضع للضغوط الإقليمية، ولا تتعامل بانفعال مع الحدث حتى لو حدثت أخطاء، وخطايا.
خلاصة القول؛ هل الأيام القادمة ستشهد تصعيدا في العلاقة مع الإسلاميين، أم أن الدولة ستُبقي على شعرة معاوية مثلما فعلت في العقود الماضية، وهل (إخوان الأردن) سيدركون حجم الأزمة، فينحنون أمام العاصفة قبل فوات الأوان؟