الملفات الساخنة في قمة ترامب بالرياض

* هل يحضر بوتين للسعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وماذا سيحدث مع طهران؟
* أخبار ترامب السارة قبيل زيارته ..هل ستكون وقف الحرب على غزة؟
كتب نضال منصور
يزور الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأسبوع القادم ثلاث دول خليجية في ثاني رحلة له خارج الولايات المتحدة منذ توليه الرئاسة مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية، والإمارات، وقطر.
يُجاهر ترامب ولا يخفي أن الزيارة يجب أن تكون صفقة اقتصادية رابحة لبلاده، وأنها ستجلب تريليونات الدولارات من استثمارات سعودية وإماراتية في قطاعات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا، والصناعات الدفاعية في أمريكا، وهو ما يساعده على إعادة توطين الصناعات في الولايات المتحدة بعد أن أدرك أن ظهره مكشوف في الحرب الاقتصادية مع الصين.
ورغم أن الوجه المعلن للزيارة اقتصادي، إلا أن ترامب يحاول أن يوظفها لتحسين سمعته، وسمعة أمريكا، ومحاولة لإطفاء بعض الحرائق الدولية، والإقليمية، وبناء شبكة علاقات عامة، بعد الحروب التي أشعلها إثر إجراءاته، واتهاماته، وتهديده الذي لم يتوقف وطال الكثير من دول العالم.
في ولايته الرئاسية الأولى وحين زار ترامب السعودية سُلطت كل الأضواء على مشاركته في "رقصة العارضة"، ولكن السعودية أصبحت عاصمة العالم، واستثمرتها الرياض لعقد مجموعة من القمم الخليجية، والعربية والإسلامية، وبالتالي أصبحت عراب علاقات ترامب في المنطقة، ولا يمكن للسعودية أن تفوت الفرصة هذه المرة أيضا لتؤكد صدارتها مجددا، والمدى في هذه الزيارة سيتعدى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية والإسلامية.
أول الملفات التي يُراهن على نزع فتيل انفجارها هي الحرب الروسية، الأوكرانية، وبعد الاجتماعات التمهيدية في الرياض بين الجانبين الروسي والأوكراني، حيث سُجلت، اختراقات، واستعداد الطرفين لوقف الحرب؛ هل ستكون هناك قمة بين الرئيس بوتين والرئيس زيلنكسي في الرياض، وهل ستشهد هذه القمة نهاية هذه الحرب؟
ترامب يريد أن يسجل هذا النصر، ولكن من الصعب إنهاء هذا الملف دون أن تكون أوروبا حاضرة، لأن غيابها سيُشكل نهاية لقوتها دوليا، وبالتالي هل يمكن للرياض أن تلعب هذه الورقة بذكاء، وتكسب الأوراق الأمريكية، والأوروبية، والروسية؟
الملف الثاني، وهو ربما أهم من الأول، وهو الملف الإيراني، وهو الحصان الرابح لترامب إن استطاع توقيع معاهدة جديدة مع طهران، بدل تلك التي ألغاها، ووقعت إبان حكم الرئيس الأمريكي أوباما.
يتفق ترامب مع رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو، في الكثير من الملفات، والبلطجة العسكرية، ربما تكون قاسم مشترك بينهما، ولكن في التعامل مع إيران يُفضل ترامب صفقة سياسية، بعد أن أضعفت طهران، وتم قصقصة كل أذرعها في المنطقة، وأولهم حزب الله، وأخرهم الحوثيين بعد اتفاقهم الأخير مع واشنطن، ويرى ترامب أن اتفاقا مع طهران يؤمن مصالح اقتصادية لأمريكا في طهران المنهكة لعقود قادمة أمر مهم، وبالغ الفائدة، وأهم من استعراض عسكري يُظهر نتنياهو ملكا متوجا، ولا مانع من فتح بعض النوافذ لطهران لتتنفس فقط.
اللاعب المهم في تفاصيل المصالحة الأمريكية الإيرانية سلطنة عُمان، ولهذا من المؤكد أن الدبلوماسية السعودية نسقت بما يكفي مع مسقط لإعطاء زخم، وفرصة لاتفاق يريح منطقة الخليج، والإقليم من التدخلات الإيرانية، ويضمن ضبطها بشكل تام إلى إشعار آخر.
أكثر ملف يُقلق الشارع العربي، ولا يُقلق ترامب كثيرا هي حرب الإبادة المستمرة على غزة، والفشل في إعادة تثبيت وقف الحرب، والبدء بإعادة التفاوض بين حماس وإسرائيل.
سجل ترامب الفضل له بأنه أوقف الحرب في غزة، ولكن المرحلة الثانية من الهدنة لم تكتمل، وأطلق نتنياهو العنان لجيشيه لاستكمال العدوان، ولم يجد معارضة من إدارة ترامب التي حاولت تحميل حماس المسؤولية، والسؤال قبل جولته في منطقة الخليج هل يمكن أن تكون أخباره السارة التي أعلن عنها هي إعادة وقف الحرب، وإعادة التفاوض؟
لا شيء مؤكد في هذا الملف، ولكن الرهان على انخراط الرياض في التطبيع مع تل أبيب صعب الحدوث والحرب مشتعلة، وأضعف الإيمان لتلقي إشارات إيجابية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن تصمت أصوات المدافع، والطائرات، وأن تعود إلى الواجهة أحاديث السلام، وليس ممكنا ذلك والقيادة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة تعلن نيتها إعادة احتلال غزة بشكل دائم، والسيطرة على الضفة الغربية.
في هذا السياق فإن موضوع غزة ومستقبل حماس مشتبك إلى حد كبير مع الدوحة، التي كانت وما زالت طرفا رئيسيا في المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشراكة مع مصر، ولهذا فإن محطة قطر مهمة في هذا الاتجاه، عدا عن الدور الذي لعبته الدوحة في ضمان أمن الأمريكيين في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على الحكم مرة أخرى، وتأمين نقل المدنيين على طائرات قطرية، وما تبعها من محادثات معلنة، وغير معلنة برعاية الدوحة.
محطة الإمارات مهمة لترامب ليوحي بأهمية مسار التطبيع، والاتفاقيات الإبراهيمية التي حافظت عليها أبو ظبي، وما زالت متمسكة بها كخيار، وتسربت معلومات لم تتأكد أن هناك وساطة، واتصالات تقودها الإمارات بالتنسيق مع دمشق بسلطتها الجديدة لحث إسرائيل على وقف الاعتداءات، والخروقات في الأراضي السورية، وعلى المدى البعيد البحث في إعادة مسار محادثات السلام بين البلدين الذي توقف منذ أمد بعيد مع سوريا، يضاف لكل ذلك أن حكومة أبو ظبي تعهدت باستثمارات إماراتية بما يزيد عن تريليون و400 مليار دولار في السنوات القادمة في الولايات المتحدة الأمريكية.
على هامش هذه الملفات الساخنة فإن الرياض تحديدا قد تستضيف اجتماعات لقادة الخليج، وعرب لحشد التأييد مرة أخرى للمبادرة المصرية في غزة، وأيضا للتفاوض على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وطالت الجميع.
لا يكفي أن يُروج الرئيس ترامب إلى أنه سيعترف باسم الخليج العربي، بدلا من الخليج الفارسي ليحتفي به الجميع، ولكن عليه أن يأتي إلى دول الخليج ومعه ما يقدمه للعالم العربي، وليس الحصول فقط على استثمارات بالتريليونات لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي.