انقسام في قاعدة ترامب بسبب احتمال ضرب إيران: هل يعيد التاريخ نفسه؟

الحدث+ | واشنطن
عاد الجدل إلى قلب السياسة الأمريكية مع تصاعد احتمالات شنّ ضربة عسكرية ضد إيران، لكن هذه المرة الجبهة المنقسمة ليست بين الحزبين، بل داخل قاعدة مؤيدي الرئيس دونالد ترامب نفسه.
ففي الوقت الذي كان فيه ترامب دائم الترويج لسياسة "أمريكا أولًا" التي ترفض التدخلات العسكرية الخارجية، يواجه اليوم موقفًا متوترًا مع بعض أقرب حلفائه في معسكر "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا". هؤلاء يحذرون من أن الانجرار نحو حرب مع إيران سيكون تكرارًا لكارثة العراق، وسيقوّض إرث ترامب السياسي.
ستيف بانون، أحد أبرز مهندسي صعود ترامب، عبّر عن قلقه صراحة، قائلًا: "لا يمكن أن نفعل ذلك مرة أخرى… سنمزق البلاد"، في إشارة إلى تدخل العراق عام 2003. ويعارض بانون أي مشاركة أمريكية في هجوم إسرائيلي على إيران دون وجود مسار دبلوماسي واضح.
في المقابل، يرى ترامب أن موقفه حاسم: "لا أريد القتال، لكن إن كان الخيار بين الحرب وسلاح نووي، فسنفعل ما يجب فعله". ويبدو غير قلق من الانقسامات داخل قاعدته، بل يزعم أن "المؤيدين يحبونه اليوم أكثر مما كانوا وقت الانتخابات".
لكن واقع الحال يكشف انقسامًا أوسع. نسبة كبيرة من المحافظين تؤيد دعم إسرائيل مهما كان الثمن. فبحسب استطلاع أجرته رويترز/إبسوس، 48% من الجمهوريين يؤيدون استخدام القوة العسكرية لحماية إسرائيل، مقابل 28% يعارضون.
مارك شورت، الحليف السابق لنائب الرئيس مايك بنس، وصف الخلاف داخل الحزب الجمهوري بأنه "صدع كبير"، لكنه استبعد أن يُحدث ذلك تآكلًا حقيقيًا في دعم ترامب، مضيفًا: "في النهاية، أغلبهم سيبقون مخلصين له".
هذا الخلاف يأتي في توقيت حساس؛ إذ يسعى ترامب للتركيز على تسويات مع الخليج، وإنهاء الحرب في أوكرانيا، وإبرام صفقات تجارية دولية، وكلها أهداف قد تتعطل إن انفجرت حرب إقليمية واسعة.
من جهة أخرى، يشير مراقبون إلى أن أي تدخل عسكري أمريكي قد يؤثر على انتخابات التجديد النصفي عام 2026، خاصة إذا تسببت الحرب في أعباء اقتصادية أو موجات غضب شعبية.
ورغم التحذيرات، تبقى إدارة ترامب مقتنعة بأن إيران تمثل تهديدًا حقيقيًا، وأن امتلاكها لسلاح نووي سيدفع المنطقة إلى سباق تسلح كارثي.
في النهاية، يبدو أن ترامب يقف على مفترق طرق حساس: إما أن يواصل سعيه لدبلوماسية حذرة تحفظ توازنه السياسي، أو يخاطر بخوض مغامرة قد تعيد شبح الحروب الأمريكية الطويلة، ولكن هذه المرة… بثمن أكبر.