توماس أديسون: الرجل الذي أضاء العالم

ملخص :
وُلد توماس ألفا أديسون في 11 فبراير/ شباط 1847 في بلدة ميلانو بولاية أوهايو الأميركية، كابن سابع في عائلة متواضعة من أصول هولندية وأسكوتلندية، أطلق عليه والده صموئيل ووالدته نانسي إليوت الاسم الأوسط "ألفا" تكريما للقبطان ألفا برادلي صديق الأسرة.
"الكذبة النبيلة"
في صغره، واجه أديسون تحديات تعليمية كبيرة، إذ اعتبره معلموه بطيئًا، وضعيف الاستيعاب بسبب فضوله المفرط ونشاطه المتواصل وضعف سمعه، لكن والدته تحلت بالحكمة وأخفقت الحقيقة عن محتوى رسالة طرد المدرسة، معتبرة أن ابنها عبقري وتستحقه أساليب تعليمية أفضل في المنزل، وبفضل هذه "الكذبة النبيلة"، تمكن أديسون من التعلم الذاتي، وتطوير شغفه بالقراءة والبحث العلمي.
بداية الشغف بالعلوم والاختراعات
أظهر أديسون منذ سن مبكرة ميلًا قويًا للتجارب العلمية والميكانيكية، فأسس أول مختبر له في قبو منزل العائلة قبل بلوغه العاشرة، وفي سن السادسة، قام بأول تجربة علمية، أسفرت عن حريق مخزن الحبوب الخاص بشركة والده، مما أدى إلى تعرضه للعقاب، لكنه لم يتوقف عن استكشافاته.
كما أدار محلاً صغيراً لبيع الفاكهة والصحف، وأصدر أول جريدة له بعنوان "غراند ترانك هيرالد" داخل محطة قطار، لتكون واحدة من أولى الجرائد المطبوعة في هذا النوع، وبعد إنقاذه طفلًا من حادث قطار، حصل على فرصة العمل في التلغراف، الأمر الذي مهد له الطريق للتعمق في اختراعاته الكهربائية والكيميائية.
الطريق نحو الشهرة والنجاح
بدأت قصة نجاحه الحقيقي بعد تعطل آلة في بورصة الذهب كانت وظيفتها تسجيل الأسعار، فأتى لإصلاحها مخترع الآلة الدكتور لوز، ودفع أديسون فضولُه فعرض المساعدة، وسمح له لوز بأن يشارك في إصلاح الآلة، وبعد أن رأى لوز ما قدمه أديسون من مبادرة وذكاء، قرر تعيينه مشرفا على مصنعه براتب شهري بلغ 300 دولار، وقرر أديسون الاستقالة من عمله السابق وتفرغ بالكامل للاختراع والابتكار.
وسجل أول براءة اختراع له عام 1868 لجهاز تسجيل الأصوات الانتخابية، رغم رفض الكونغرس الأميركي استخدامه، ثم ابتكر جهاز صرف تذاكر القطار، ما شكل البداية لسلسلة من الاختراعات التي منحته الشهرة والثروة.
الفونوغراف ومصباح الإضاءة الكهربائي
جاء اختراع الفونوغراف (جهاز لتسجيل الصوت وإعادة إنتاجه) عام 1877 ليضع أديسون على خريطة المخترعين العالميين، حيث لقّب بـ "ساحر مينلو بارك"، بعد ذلك، بدأ مشروعه الأشهر: المصباح الكهربائي المنزلي، الذي استغرق تطويره 1000 تجربة، حتى توصل إلى النجاح التجاري عام 1879.
ولم يكتف أديسون بالمصباح فحسب، بل أسس منظومة متكاملة للطاقة الكهربائية شملت أول مولد كهربائي ومصدر مركزي للطاقة، لتضيء مدينة نيويورك أولى مصابيحها الكهربائية، وتمهد الطريق لنشر الكهرباء في أميركا والعالم.
إنجازات لا تُحصى
- تجاوز عدد براءات اختراعات أديسون 1093 براءة، تنوعت بين:
- 389 اختراعًا في مجال الإضاءة والطاقة الكهربائية
- 195 في الفونوغراف
- 150 في التلغراف
- 141 بطاريات للتخزين
- 34 اختراعًا متعلقًا بالهاتف
- ومن أبرز ابتكاراته المصباح المتوهج، البطارية القلوية، الفلوروسكوب بالأشعة السينية، والميكروفون بزر الكربون، ما جعله رابع أكثر المخترعين إنتاجًا في التاريخ، وحصل على لقب "صاحب الألف اختراع".
أسلوب حياة مميز وشغف لا ينتهي
عرف أديسون بتفانيه المطلق في العمل، مفضلاً مختبره على المناسبات الاجتماعية، وكان ينام بضع ساعات فقط يوميًا، ويستخدم طريقة السقوط الكروي للاستيقاظ عند الغفو، ما عزز قدراته الإبداعية.
تكريمات وجوائز عالمية
- حاز أديسون على العديد من الجوائز والأوسمة العالمية، منها:
- وسام ألبرت من الجمعية الملكية ببريطانيا
- ميدالية ذهبية من الكونغرس الأميركي عام 1928
- جائزة "جون سكوت ميدال" من فيلادلفيا
- وسام فرانكلين عام 1915
- تكريمه ضمن أعظم مشاهير ولاية نيوجيرسي عام 2008
- كما أُنشئت جائزة أديسون لبراءة الاختراع عام 2000، تخليدًا لإرثه.
النهاية وتخليد الذاكرة
توفي توماس أديسون في 18 أكتوبر/تشرين الأول 1931 عن عمر 84 عامًا، بعد رحلة حافلة بالابتكار والتجارب، تاركًا إرثًا عالميًا في المجالات الكهربائية والصناعية والصوتية، وكرمت مؤسسات عالمية ذكراه بإطفاء الأنوار في يوم جنازته، فيما كتبت صحيفة نيويورك تايمز: "كل مصباح متوهج هو ذكراه، كل محطة كهرباء هي نصب تذكاري له، وحيثما يوجد فونوغراف أو راديو، وحيثما يوجد فيلم، يعيش أديسون."