هل سيشهد عام 2026 جولة جديدة من الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟

ملخص :
تتزايد التحذيرات الصادرة عن الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن عودة إيران إلى تطوير قدراتها الصاروخية والنووية، في وقت تشير فيه تقديرات أمنية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت إيرانية خلال حرب يونيو/ حزيران لم تقضِ على التهديد بشكل كامل، وتخشى العاصمتان من أن تكون طهران بصدد استعادة ما خسرته، مستفيدة من هامش زمني ضيق قبل أي تحرك جديد.
واشنطن: الرسالة لم تُستوعب بالكامل
أكد السفير الأميركي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أن إيران "لم تستوعب الرسالة كاملة" عقب القصف الأميركي الذي استهدف منشأة فوردو النووية باستخدام قاذفات الشبح "بي 2" خلال الحرب الإسرائيلية – الإيرانية في يونيو/ حزيران، وقال هاكابي، في مقابلة على هامش مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي، إن طهران لم تأخذ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على محمل الجد إلا بعد تلك الضربة، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
وعند سؤاله عن تقارير تتحدث عن محاولات إيرانية لإعادة ترميم المنشأة، أبدى هاكابي شكوكه في استيعاب طهران للرسالة، مشيراً إلى أن هناك محاولات لإعادة تشكيل الموقع وتعميق تحصيناته وجعله أكثر أمناً.
قلق غربي من البرنامج الصاروخي
تعرب الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون عن قلق متزايد إزاء تقدم البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني، متهمين طهران بالمساهمة في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، ولا سيما مع وقوع إسرائيل ضمن مدى هذه الصواريخ، ووفق شبكة "إن بي سي" الأميركية، يستعد مسؤولون لاطلاع الرئيس الأميركي على الخيارات المتاحة للتعامل مع هذا التهديد، بما في ذلك سيناريوهات عسكرية محتملة.
نتنياهو وترامب: الملف الإيراني على الطاولة
ومن المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 29 ديسمبر/ كانون الأول الجاري في ميامي، وبحسب مصادر إسرائيلية، يعتزم نتنياهو بحث مساعي إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية، إلى جانب احتمال توجيه ضربة جديدة لإيران في عام 2026.
الضوء الأخضر وخطوط ترامب الحمراء
وعن احتمال منح واشنطن الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي جديد، اكتفى هاكابي بالتذكير بموقف الرئيس ترامب الذي شدد مراراً على أن إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم ولن تمتلك سلاحاً نووياً، مضيفا أن عودة إيران إلى تطوير الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي لا تمثل تهديداً لإسرائيل والولايات المتحدة فقط، بل تشكل خطراً حقيقياً على أوروبا بأكملها، منتقداً ما اعتبره تقاعساً أوروبياً رغم إعادة تفعيل عقوبات "سناب باك".
الصواريخ خطر لا يقل عن النووي
في السياق ذاته، أعلن السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، تأييده شن هجوم على إيران، محذراً من أن إعادة بناء قدراتها الصاروخية الباليستية باتت تشكل تهديداً لا يقل خطورة عن برنامجها النووي، وجاءت تصريحاته خلال زيارة لإسرائيل التقى خلالها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ومسؤولين عسكريين كباراً، من بينهم رئيس شعبة العمليات ووزير الأمن يسرائيل كاتس.
وقال غراهام، في مقابلة مع قناة "آي 24 نيوز"، إن إيران تحاول استعادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم، معتبراً أن ذلك، إلى جانب تطوير الصواريخ، يمثل تهديداً مباشراً لإسرائيل، مضيفا أن أي شيء يضعف إسرائيل يضعف الولايات المتحدة أيضاً، داعياً إلى استهداف القدرات الصاروخية في أي ضربة مقبلة.
مخاوف من إغراق القبة الحديدية
وفي مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست"، حذر غراهام من أن الصواريخ الباليستية الإيرانية قد تغرق القبة الحديدية، مؤكداً ضرورة منع إيران من إنتاجها، موضحا أنه لا يؤيد غزواً أميركياً لإيران، لكنه يدعم توجيه ضربة عسكرية في حال ظهور مؤشرات على استئناف البرنامج النووي أو الصاروخي.
تحركات إيرانية تثير القلق
وكان موقع "أكسيوس"، قد أفاد في تقرير له، بأن مسؤولين إسرائيليين أبلغوا إدارة ترامب عن قلقهم من التحركات الصاروخية الإيرانية الأخيرة، رغم أن المعلومات الاستخباراتية لا تشير حتى الآن إلا لتحركات داخلية للقوات الإيرانية، وأشار التقرير إلى أن هامش تحمل المخاطر لدى الجيش الإسرائيلي بات أدنى مما كان عليه، في ظل تداعيات 7 أكتوبر 2023.
مخاطر سوء التقدير
ونقل "أكسيوس" عن مصدر إسرائيلي قوله إن احتمال الهجوم الإيراني يقل عن 50 في المائة، لكن لا أحد مستعد للمخاطرة باعتباره مجرد مناورة، وفي المقابل، أكد مصدر أميركي أن الاستخبارات الأميركية لا تملك مؤشرات على هجوم وشيك، وحذرت مصادر إسرائيلية وأميركية من أن سوء تقدير متبادل قد يقود إلى حرب غير مقصودة إذا سعى أي طرف إلى استباق الآخر.
تنسيق عسكري وتحذيرات علنية
وفي هذا الإطار، أجرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، اتصالاً مع قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، أعرب خلاله عن قلق إسرائيل من المناورة الصاروخية التي بدأها الحرس الثوري الإيراني، محذراً من أن هذه التحركات قد تكون غطاءً لهجوم مفاجئ، وداعياً إلى تنسيق دفاعي وثيق.
وترافق القلق الاستخباراتي مع تصعيد في الخطاب العلني، إذ أكد زامير أن الجيش الإسرائيلي سيضرب أعداءه حيثما يتطلب الأمر، على الجبهات القريبة والبعيدة، في إشارة واضحة إلى احتمال استهداف إيران مجدداً.
أرقام ودلالات ما بعد الحرب
ترصد الاستخبارات الإسرائيلية مؤشرات مبكرة على استئناف إيران بناء قدراتها الصاروخية بوتيرة أسرع مقارنة بالفترة التي تلت حرب يونيو، وتشير التقديرات إلى أن إيران خرجت من تلك الحرب وهي تمتلك نحو 1500 صاروخ، مقارنة بنحو 3000 قبلها، إضافة إلى 200 منصة إطلاق من أصل 400.
ورغم تأكيد بدء طهران خطوات لإعادة البناء، فإنها لم تبلغ بعد مستويات ما قبل الحرب، ولا ترى الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ولا جهاز "الموساد" أن وتيرة هذه الخطوات تفرض تحركاً عسكرياً عاجلاً خلال الأشهر القليلة المقبلة، لكنها قد تتحول إلى مسألة أكثر إلحاحاً لاحقا.
في المحصلة، يتركز القلق الإسرائيلي المتزايد على الصواريخ الباليستية باعتبارها التهديد الفوري الأكبر، حتى مقارنة بالبرنامج النووي الذي تصفه إسرائيل علناً بالتهديد الوجودي، ويرى مسؤولون إسرائيليون أن تجربة المواجهات الأخيرة، التي فشلت فيها الدفاعات في اعتراض جميع الهجمات، عززت هذا التقييم، ودفعت الصواريخ إلى صدارة سلم المخاطر الأمنية.





