بعد اعتراف إسرائيل بها دولةً مستقلة: ماذا نعرف عن "أرض الصومال"؟

ملخص :
عاد إقليم "أرض الصومال"، المعروف سابقاً باسم "الصومال البريطاني"- إلى واجهة المشهد الإقليمي والدولي، عقب إعلان إسرائيل اعترافها به دولة مستقلة ذات سيادة، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ إعلان الإقليم انفصاله من جانب واحد عام 1991.
ونشر رئيس "أرض الصومال" عبد الرحمن محمد عبد الله "عرّو" صوراً لمكالمة عبر تقنية الفيديو جمعته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أبلغه خلالها رسمياً بالقرار الإسرائيلي، وهنأه فيه على ما وصفه بـقيادة الإقليم، ودعاه إلى زيارة تل أبيب.
جغرافيا استراتيجية في قلب القرن الأفريقي
- تقع "أرض الصومال" شمال جمهورية الصومال، وتحدّها إثيوبيا من الجنوب والغرب، وجيبوتي من الشمال الغربي، وخليج عدن من الشمال، وولاية بونتلاند الصومالية من الشرق.
- تبلغ مساحة الإقليم نحو 177 ألف كيلومتر مربع.
- يقطنه ما بين 5.7 و6 ملايين نسمة وفق تقديرات حديثة.
- يمتد ساحل الإقليم على خليج عدن بطول يقارب 740 كيلومتراً، ما يمنحه موقعاً استراتيجياً عند ملتقى المحيط الهندي بالبحر الأحمر، في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية للملاحة الدولية والتنافس الجيوسياسي.
هرغيسا وبربرة: السياسة والميناء
تُعد مدينة هرغيسا عاصمة الإقليم ومركزه السياسي، فيما يمثل ميناء بربرة، الميناء الرئيس، أحد أبرز أصوله الاستراتيجية، وعلى مدار سنوات، كان الميناء محور صراع نفوذ إقليمي ودولي في القرن الأفريقي، نظراً لموقعه وقدرته على خدمة المصالح التجارية والعسكرية.
تركيبة اجتماعية ونظام سياسي قائم
يتكوّن مجتمع "أرض الصومال" من ثلاث عشائر رئيسية: "إسحاق" في المنطقة الوسطى، وهي الأكبر وتمتلك معظم النفوذ السياسي، و"دير" في الغرب، و"دارود" في الشرق، وينقسم الإقليم إدارياً إلى ست مناطق هي: ووكوي جالبيد، وتجدير، وسول، وسناج، وأودال، والساحل.
ويعتمد الإقليم نظاماً جمهورياً، مع رئيس وحكومة، ومجلس نواب ومجلس شيوخ، يضم كل منهما 82 عضواً، وتُستخدم اللغات الصومالية والعربية والإنجليزية، فيما تُعد العملة الوطنية هي الشلن.
من الاستقلال إلى الانفصال
كانت "أرض الصومال" مستعمرة بريطانية حتى عام 1960، حين نالت استقلالها واندمجت مع الصومال الذي كان خاضعاً لإيطاليا، لتشكيل جمهورية الصومال، غير أن الإقليم أعلن انفصاله في 18 مايو/ أيار 1991، بعد أشهر من انهيار الحكم المركزي في مقديشو، وسقوط نظام الرئيس السابق محمد سياد بري.
وفي أغسطس/ آب 2000، طرحت سلطات الإقليم دستوراً ينص على الانفصال النهائي، وأُقرّ في استفتاء شعبي جرى في 31 مايو/ أيار 2001، وصوّت لصالحه 97.1 في المئة من المشاركين.
مفاوضات متعثرة مع مقديشو
شهدت السنوات الماضية جولات تفاوض متقطعة بين حكومتي مقديشو وهرغيسا، بدأت عام 2012 وتواصلت حتى عام 2020، ثم أواخر 2023، من دون التوصل إلى اتفاق ينهي الخلاف حول وضع الإقليم.
توترات إقليمية واتفاقات مثيرة للجدل
في مطلع عام 2024، وقّعت إثيوبيا و"أرض الصومال" مذكرة تفاهم تتيح لأديس أبابا، الدولة غير الساحلية، استئجار شريط بطول 20 كيلومتراً حول ميناء بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبي بالإقليم، ورفضت مقديشو والجامعة العربية هذه الخطوة، معتبرينها انتهاكاً لسيادة الصومال.
مصر تدخل على خط الأزمة
وعقب توقيع مصر اتفاقاً دفاعياً مع الصومال في أغسطس /آب 2024، أقدمت سلطات "أرض الصومال" على إغلاق مكتبة الثقافة المصرية في هرغيسا، وهي أول مكتبة عامة أقامتها القاهرة في الإقليم، وأمهلت موظفيها 72 ساعة لمغادرة البلاد، كما دعت السفارة المصرية في مقديشو رعاياها في الإقليم إلى المغادرة بسبب تدهور الوضع الأمني.
انتخابات رئاسية وتغيير في القيادة
في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، فاز زعيم المعارضة عبد الرحمن محمد عبد الله "عرّو" بالانتخابات الرئاسية بنسبة 63 في المئة من الأصوات، متغلباً على الرئيس السابق موسى بيحي عبدي، الذي تولى المنصب منذ 2017.
واشنطن وبربرة: اهتمام متصاعد
وسبق الاعتراف الإسرائيلي، حديثا إسرائيليا، في فبراير/ شباط الماضي، عن احتمال اعتراف أميركي بـأرض الصومال مقابل قبولها بـتهجير الفلسطينيين إليها، وهو ما قوبل بتحذير رسمي من مقديشو واستبعاد حدوثه.
كما أثارت تسريبات إعلامية أميركية في مارس/ آذار الماضي، بشأن محادثات بين واشنطن وأرض الصومال لإنشاء قاعدة عسكرية أميركية قرب مدينة بربرة، صدى واسعاً في الإعلام الصومالي، ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن مسؤول أميركي كبير أن إدارة ترامب بدأت مفاوضات مع قيادة أرض الصومال بشأن الاعتراف الرسمي.
وبحسب موقع "الصومال الجديد"، فإن اهتمام واشنطن يتمحور حول تأمين وجود عسكري طويل الأمد في ميناء بربرة، في ظل تنامي القلق الأميركي من النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة، خاصة بعد إنشاء بكين قاعدة عسكرية في جيبوتي.
ردود إقليمية غاضبة
وأعلنت مصر أن وزير خارجيتها بدر عبد العاطي أجرى اتصالات هاتفية مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي، لبحث ما وصفوه بـالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي، وأكد الوزراء، وفق بيان للخارجية المصرية، دعمهم الكامل لوحدة الصومال وسلامة أراضيه، ورفضهم الاعتراف الإسرائيلي.
اعتراف أول واختبار صعب
وتتمتع "أرض الصومال" بحكم ذاتي فعلي واستقرار نسبي منذ عام 1991، إلا أنها لم تحظَ باعتراف دولي حتى الإعلان الإسرائيلي الأخير، الذي يُتوقع أن يعيد تشكيل توازنات القرن الأفريقي، ويختبر معارضة الصومال التاريخية للانفصال، ويمنح إسرائيل موطئ قدم في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية جيوسياسياً.





