بن غفير يهاجم نتنياهو: المساعدات لغزة "أكسجين لحماس" والكابينيت يقر التوزيع رغم الانقسام

في مشهد يعكس التوتر والانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية، شن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير هجومًا لاذعًا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد قرار الأخير السماح بدخول مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة، مؤكدًا أن هذه الخطوة "تغذي حماس وتعطيها الأكسجين، بينما يقبع رهائننا في الأنفاق".
تصريحات بن غفير جاءت عقب مصادقة الكابينيت السياسي – الأمني الإسرائيلي مساء الأحد على إدخال "كمية أساسية" من الغذاء إلى قطاع غزة، وسط تصعيد العمليات العسكرية، وذلك "بناءً على توصية الجيش الإسرائيلي" بحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو.
خلفيات القرار وتداعياته
قرار الكابينيت جاء وسط ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تطالب بمنع انهيار إنساني شامل في غزة. ووفقًا لهيئة البث العامة الإسرائيلية "كان"، فإن القرار اتُخذ دون تصويت رسمي في محاولة لتفادي تفجير الحكومة داخليًا، خصوصًا بعد تهديد بعض الوزراء اليمينيين بانسحابهم من الائتلاف في حال إدخال مساعدات تُعتبر دعمًا لحماس.
بن غفير، الذي يمثل أقصى اليمين في الحكومة، رفض القرار بشدة واعتبر أن نتنياهو "يرتكب خطأً فادحًا" من خلال السماح بدخول المساعدات، مدعيًا أن هذا القرار "لا يحظى بأغلبية حقيقية داخل الحكومة". وكرر دعواته السابقة إلى "سحق حماس لا دعمها"، في إشارة إلى اعتقاده بأن أي مساعدات إنسانية تسهم في بقاء الحركة وتعزز قدرتها على الاستمرار في القتال.
دوافع عسكرية أم إنسانية؟
ورغم أن حكومة نتنياهو لطالما استخدمت سياسة "التجويع كسلاح"، كما وصفتها منظمات دولية، فإن البيان الحكومي أشار إلى أن القرار مدفوع بأسباب "عملياتية بحتة"، وليس إنسانية بالضرورة.
نتنياهو قال في بيانه: "انطلاقًا من الحاجة العملياتيّة، لتمكين توسيع نطاق القتال المكثف لهزيمة حماس، ستقدّم إسرائيل كمية أساسية من الغذاء للسكان، لضمان عدم تطور أزمة الجوع في قطاع غزة". وأضاف: "أزمة جوع كهذه من شأنها أن تعرض عملية ’جدعون’ للخطر"، وهي الاسم الذي تطلقه إسرائيل على عمليتها العسكرية الحالية في القطاع.
كما شدد على أن حكومته "ستمنع حماس من السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية"، متوعدًا بـ"ضمان عدم وصول أي من هذه المساعدات إلى عناصر حماس"، دون أن يوضح آلية التنفيذ على الأرض في ظل سيطرة حماس الفعلية على معظم مناطق القطاع.
السياق السياسي: ضغوط داخلية وخارجية
قرار إدخال المساعدات يسلط الضوء على حالة التناقض داخل الحكومة الإسرائيلية بين ضرورات الضغط الدولي وتوجهات الحكومة اليمينية التي ترفض أي شكل من أشكال التهدئة أو الدعم الإنساني للقطاع، ما لم يترافق مع إنهاء تام لحكم حماس.
مصادر سياسية إسرائيلية أكدت أن نتنياهو خضع لضغوط مباشرة من واشنطن لتفادي "كارثة إنسانية واسعة" قد تنسف شرعية الحملة العسكرية في عيون المجتمع الدولي، وتهدد بتفجير علاقات إسرائيل مع بعض الحلفاء الأوروبيين والعرب.
ردود الفعل: صراع بين "الواقعية" و"التشدد"
ما بين من يرى القرار كضرورة لتفادي كارثة إنسانية قد تهدد العمليات العسكرية، ومن يعتبره تنازلًا سياسيًا خطيرًا قد ينعكس على أمن الإسرائيليين ورهائنهم، يبدو أن الانقسام داخل الحكومة مرشح للتصعيد.
ومن غير المستبعد أن تعود التهديدات بحل الحكومة إلى الواجهة، خاصةً في ظل حالة الغليان بين بن غفير ونتنياهو، والتي سبق أن أفضت إلى خلافات حادة بشأن ملف الأسرى وسياسة إدارة الحرب.
الكلمة الآن في الميدان
بينما تتسابق تصريحات السياسيين على الشاشات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن إسرائيل فعليًا من منع وصول المساعدات إلى حماس؟ أم أن الوضع الميداني سيفرض واقعًا مغايرًا على الأرض؟
في الوقت نفسه، تواصل منظمات دولية التحذير من انهيار كامل للمنظومة الإنسانية في القطاع، في ظل دمار واسع، وشح في المياه والغذاء والدواء، ما يجعل أي تأخير إضافي في إيصال الإغاثة كارثيًا.