حصار طولكرم يدخل يومه الـ114: معاناة مستمرة ودمار يغيّر ملامح المخيمات

في مشهد أصبح مألوفاً لكنه لا يقل قسوة، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها الخانق على مخيمي طولكرم ونور شمس بالضفة الغربية لليوم الـ114 على التوالي، وسط تصعيد متزايد وعمليات اقتحام متواصلة، جعلت حياة أكثر من 25 ألف مواطن فلسطيني تتحول إلى كابوس يومي.
فجر اليوم الثلاثاء، استيقظ أهالي ضاحية اكتابا شرق طولكرم على اقتحامات مباغتة لجنود الاحتلال الذين انتشروا في الشوارع والأزقة، واعتقلوا الأسير المحرر سعد عثمان بسيس من داخل منزله بعد اقتحامه بعنف، في رسالة واضحة على أن مسلسل الاعتقالات والتضييق لا يزال مستمراً.
وفي شارع نابلس والحي الشمالي، المشهد أكثر قسوة، حيث تواصل قوات الاحتلال الاستيلاء بالقوة على عشرات المنازل والمباني وتحويلها إلى ثكنات عسكرية دائمة، بعدما أجبرت سكانها على النزوح القسري عنها. بعض هذه المنازل ما تزال تحت سيطرة الجيش منذ أكثر من شهرين، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
تفرض إسرائيل حصاراً مشدداً على مخيمي طولكرم ونور شمس، وتمنع السكان من العودة إلى بيوتهم التي تم تهجيرهم منها، حيث باتت المخيمات شبه خالية من الحياة، بعد أن غادرها مجبرين أكثر من 4200 عائلة، في ظروف مأساوية بالغة الصعوبة.
أما الدمار، فقد أصبح عنواناً رئيسياً للحياة في المخيمين؛ إذ دمرت قوات الاحتلال أكثر من 400 منزل بشكل كامل، وألحقت أضراراً متفاوتة بأكثر من 2500 منزل آخر. وما زاد الأمور سوءاً، إغلاق مداخل وأزقة المخيمين بالسواتر الترابية والحواجز العسكرية، في محاولة لتغيير الملامح الجغرافية بشكل جذري وعزل السكان عن العالم الخارجي.
في الوقت ذاته، أفادت مصادر محلية بأن الاحتلال يواصل تعزيز قواته وآلياته العسكرية داخل طولكرم على مدار الساعة، حيث تتجول المركبات العسكرية في الشوارع بشكل استفزازي، ويُقام المزيد من الحواجز المفاجئة للتضييق على حركة السكان بشكل يومي.
وفي تطور خطير، نفذت قوات الاحتلال عمليات هدم واسعة في مخيم نور شمس، حيث تم تدمير أكثر من 20 مبنىً سكنياً في شوارع المخيم الرئيسية، ضمن مخطط إسرائيلي معلن يهدف إلى هدم 106 مبنىً في المخيمين، لفتح طرق جديدة تخدم آليات الجيش، وتغيير هوية المنطقة بشكل تام.
وعلى المستوى الإنساني، دفع السكان ثمناً باهظاً لهذا العدوان المتواصل، حيث استشهد 13 مواطناً بينهم طفل وامرأتان إحداهما حامل في الشهر الثامن، وأصيب عشرات آخرون، إلى جانب عمليات اعتقال يومية وهدم واسع للمنازل والمحلات التجارية، في عمليات اعتداء تتضمن أيضاً النهب والتخريب.
هذا التصعيد في طولكرم لا يأتي منفصلاً عن مشهد أكبر، إذ تزامن مع حرب إبادة مستمرة في قطاع غزة، وتصاعد كبير في اعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية بما فيها القدس، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 969 فلسطينياً وإصابة الآلاف واعتقال ما يزيد عن 17 ألفاً خلال الفترة الأخيرة.