موت بطيء في غزة.. سياسة التجويع الإسرائيلية تحكم على آلاف المرضى بالإعدام

في غزة، لا يُقتل الناس فقط بالقصف، بل بالموت البطيء… بالجوع، بانقطاع الدواء، بانهيار المستشفيات. بعد أكثر من 22 شهرًا من حرب الإبادة، يقف آلاف المرضى الفلسطينيين، من الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة، على حافة الموت، فيما تستمر إسرائيل في استخدام التجويع أداة حرب مدمّرة.
المشهد داخل المستشفيات وخيام النزوح قاتم. الأطباء يصفون الوضع بـ"سباق مع الزمن"، حيث ينهار المرضى يومًا بعد يوم، والموارد الصحية تنفد بسرعة. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حذّر من أن ما يجري هو "حكم إعدام جماعي" للفئات الأكثر هشاشة: مرضى السكري، السرطان، القلب، والأطفال الخدج.
دواء مفقود وجوع قاتل
أكثر من 85% من المنظومة الطبية في غزة خرجت عن الخدمة. لا أسرّة، لا أدوية، لا علاج. المرضى الذين كانوا في السابق يعتمدون على أنظمة علاجية وغذائية دقيقة للحفاظ على حياتهم، أصبحوا اليوم بلا حصانة، يواجهون أمراضهم وهم جياع.
المشهد في أقسام المستشفيات يختصر الكارثة: أجساد هزيلة، أطفال نحلت وجوههم، مرضى ينتظرون حقنة أو وجبة طعام قد لا تأتي. حتى من يسعى للعلاج خارج غزة يواجه قيودًا إسرائيلية مشددة تمنعه من السفر.
قصص من قلب المأساة
ميساء عليان، 38 عامًا، مريضة سرطان الدم، فقدت 20 كيلوجرامًا من وزنها في شهر واحد. تقول:
"كنت أتلقى العلاج وكانت حالتي مستقرة، أما الآن، فلا دواء ولا غذاء. حتى المسكنات اختفت. كل يوم يتأخر فيه العلاج، ينتشر المرض أكثر في جسدي."
ابنها يخاطر بحياته يوميًا بحثًا عن رغيف خبز. "أريد فقط أن أتعافى لأبقى مع أطفالي"، تقول وهي لا تعرف إن كان هذا اليوم سيأتي.
في حالة أخرى، أحلام جبريل، مريضة تلاسيميا، توفيت في يوليو 2025 بسبب نقص الدم والدواء. والدتها فتحية تقول:
"كانت تتلقى علاجها بانتظام قبل الحرب. لكن في الأشهر الأخيرة، لم نجد إلا الخبز والعدس. ماتت وهي تشتهي طعامًا لم أستطع توفيره."
أرقام تكشف الكارثة
أكثر من 350,000 مريض مزمن بلا علاج منتظم.
12,500 مريض سرطان محرومون من الدواء.
1,100 مريض فشل كلوي مهددون بالموت بعد تدمير مراكز الغسيل.
نسبة العجز في أدوية الأمراض المزمنة تصل إلى 80%.
منذ بداية الحرب، توفي 222 شخصًا بسبب الجوع، بينهم 101 طفل.
انهيار شامل وتحذيرات عاجلة
الطبيب حسن خلف، استشاري الباطنية، يؤكد أن الوضع الصحي في غزة "ينزلق نحو الانفجار". المرضى الذين كانوا يتعافون سابقًا ينهارون الآن بسبب الجوع أو نقص الدواء، فيما الطواقم الطبية نفسها منهكة وجائعة، وتعمل في ظروف غير إنسانية.
المنظمات الحقوقية والأطباء يجمعون على أن الوقت ينفد، وأن أي تأخير في إدخال الغذاء والدواء يعني المزيد من الموتى. السؤال الآن: هل يتحرك المجتمع الدولي فورًا، أم يواصل صمته أمام موت جماعي معلن؟