"سمير حليلة"... رجل أعمال أم حاكم غزة المنتظر

اجتاح اسم سمير حليلة الأوساط الإعلامية الفلسطينية والدولية مؤخرًا وسط حديث عن اختياره لإدارة قطاع غزة فيما بات يوصف بـ "اليوم التالي" بعد الحرب.
لم يكن رجل الأعمال الفلسطيني، حليلة، اسمًا معروفًا لدى عامة الناس، ووجد نفسه فجأة في قلب تكهنات سياسية حساسة، ففي مقابلة خاصة مع قناة "العربية"، كشف حليلة عن عرض تلقّاه من البيت الأبيض لتولي إدارة غزة بعد إنهاء حكم حركة حماس، لكنه اشترط موافقة القيادة الفلسطينية المسبقة، وقوات عربية لضبط الأمن قبل قبول المنصب، فكيف ظهر اسم سمير حليلة في هذا المقترح المفاجئ؟ وما تفاصيل هذا السيناريو المحتمل لمستقبل غزة؟
من هو سمير حليلة؟
- ينحدر سمير حليلة من مدينة أريحا بالضفة الغربية (مواليد 1957)، وهو صاحب سيرة تجمع بين الخبرة الاقتصادية والعمل العام.
- حاصل على بكالوريوس في علم الاجتماع من جامعة بيرزيت عام 1981، وماجستير اقتصاد من الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1983.
- شغل عدة مناصب حكومية رفيعة؛ منها الأمين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني عام 2005 في عهد أحمد قريع، ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة، ورئيس مجلس إدارة المعهد الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية، كما تولى منصب الرئيس التنفيذي لأكبر شركة استثمارية فلسطينية "باديكو"، ورئاسة بورصة فلسطين.
- يُعرف حليلة بعلاقاته الواسعة مع مجتمع الأعمال الفلسطيني، وهو مقرب من الملياردير الفلسطيني الأميركي بشار المصري مؤسس مدينة روابي، والذي قيل إنه على صلة بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
"حاكم غزة".. كيف برز اسمه؟
- كشف حليلة عبر لقاء إذاعي أنه تلقّى عرضًا من مسؤول في البيت الأبيض في يوليو 2024 لإدارة شؤون غزة بعد الحرب، والسبب في طرح اسمه، بحسب قوله، أنه شخصية مستقلة لا تنتمي لحركة فتح أو غيرها، ما يجعله خيارًا وسطًا.
- أكد سمير حليلة في مقابلة مع قناة "العربية" أنه اشترط لقبول المنصب صدور مرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس يقر فيه بالخطة، إضافة إلى موافقة صريحة من القيادة الفلسطينية مسبقًا، كما طالب بتوفير قوات عربية لإرساء الأمن والنظام في غزة كجزء من الصفقة.
- نفى حليلة بشدة أن تكون إسرائيل جزءًا من مشروع اختياره حاكمًا لغزة، مؤكدًا أن الأمر طُرح عبر الأميركيين والسعوديين، ويأتي ذلك مع تقارير عن مباحثات سعودية لإعادة إعمار غزة ضمن صفقة أوسع.
- رفضت السلطة الفلسطينية بشكل قاطع في مارس الماضي الفكرة، عندما سرّبت لأول مرة، واعتبرتها تجاوزًا لشرعيتها، حتى أن حليلة نُقل عنه قوله إن القيادة الفلسطينية "أبلغتني رفضها المقترح بشكل واضح".
مقابلة "العربية".. التفاصيل الكاملة
في لقائه التلفزيوني، قدم سمير حليلة رؤيته لإدارة غزة بعد الحرب:
- قوات أمن بإسناد مصري-عربي؛ اقترح نشر قوات أمن من مصر ودول عربية أخرى بإشراف أميركي لضبط الأمن في القطاع، معتقدا أن تأمين غزة لن ينجح دون مظلة عربية قوية تمسك الأرض.
- فريق خبراء دولي: أشار إلى حاجة غزة لفريق خبراء في الأمن والاقتصاد وإعادة الإعمار للعمل إلى جانبه، لتحقيق نهضة سريعة ودمج القطاع في الاقتصاد العالمي.
- دور الفلسطينيين أنفسهم: شدد أنه "لا بد من معادلة مقبولة لجميع الأطراف"، أي صيغة يتفق عليها الفلسطينيون أولًا بمشاركة فتح والفصائل الأخرى، مع ضمان بقاء السيادة للسلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، قائلا "القيادة الفلسطينية هي صاحبة الشرعية والسيادة... لن أقبل بأي دور إذا رفضته السلطة".
- نفي تفاوضه مع جهات عربية منفردًا: نفى أنه أجرى أي مفاوضات خلف الكواليس مع دول عربية بشأن إدارة غزة، معتبرًا ما أثير سوء فهم نجم عن تقارير إعلامية إسرائيلية، مؤكدا التزامه الكامل بـ "الخط الوطني للسلطة الفلسطينية"، وعدم سعيه لأي دور دون توافق وطني.
ردود الأفعال والتحديات
- موقف حماس والفصائل؛ رفضت حركة حماس أي حديث عن "حاكم لغزة"، واعتبرته مؤامرة خارجية على إرادة الشعب، حتى فتح نفسها (رغم خصومتها مع حماس) لا تبدو متحمسة لفكرة فرض شخصية غير منتخبة.
- الرئاسة الفلسطينية: نفت الرئاسة عبر وكالة وفا علمها أو موافقتها على أي ترتيبات من هذا النوع، وأكد مصدر مسؤول أن الجهة الوحيدة المخولة بإدارة غزة هي دولة فلسطين ممثلة بحكومتها الشرعية.
- الرأي العام المحلي: كثير من الغزيين يخشون أن تكون هذه المخططات مجرد إعادة إنتاج لوصفات فاشلة، ويتساءلون: هل سيُحسّن "حاكم خارجي" حياتهم أم سيكون واجهة لمصالح دولية؟ على وسائل التواصل، انقسم الفلسطينيون بين مستبشر بأن قدوم تكنوقراط مستقل قد ينهي الانقسام، وبين مشكك يعتبرها وصاية جديدة على غزة.
غزة إلى أين؟
سواء تحقق سيناريو "حاكم غزة" أم لم يتحقق، فقد فتح طرح اسم سمير حليلة الباب لنقاشات غير مسبوقة حول مستقبل حكم القطاع، ويبدو واضحًا أن هناك حراكًا إقليميًا ودوليًا لتصميم شكل جديد لغزة بعد حرب أليمة، ولكن نجاح أي خطة مرهون بتوافق الفلسطينيين أنفسهم أولًا، فهل يمكن تجاوز حواجز الثقة بين فتح وحماس لرسم مستقبل أفضل لغزة؟