انتحال صفة ممرضة.. فضيحة صحية في فلوريدا

في قصة صادمة كشفت عنها سلطات ولاية فلوريدا الأميركية، تبين أن شابة في العشرينات من عمرها انتحلت صفة ممرضة على مدى نحو 6 أشهر، وشاركت في علاج آلاف المرضى دون أي مؤهلات أو ترخيص، أثارت هذه الفضيحة الصحية موجة ذهول واستياء لدى الرأي العام، وأطلقت تساؤلات حول كيفية تسلل هذه الشابة إلى نظام الرعاية الطبية، وكم من الأذى المحتمل كانت تسببت فيه.
تفاصيل الفضيحة.. من هي الشابة وكيف فعلتها؟
الشابة تدعى أوتَم برديسا (Autumn Bardisa) وتبلغ 29 عامًا، نجحت في الحصول على وظيفة فني تمريض متقدم (مساعدة ممرضة) في مستشفى محلي بمقاطعة فلاغلر بفلوريدا في يوليو 2023، وعلى مدى الفترة حتى يناير 2024، ترقت عمليًا لتؤدي مهام ممرضة مسجلة، وقامت بمعاينة ومساعدة 4.486 مريضًا بحسب التحقيقات.
زعمت أوتم عند تقديمها على الوظيفة، أنها ممرضة متخرجة تحتاج فقط لاجتياز امتحان الترخيص، وبعد تعيينها، ادّعت لاحقًا أنها اجتازت الامتحان وحصلت على الترخيص، وقدمت لإدارة المستشفى رقم ترخيص يعود فعليًا لزميلة سابقة تحمل ذات الاسم الأول "أوتَم"، وحين سُئلت عن اختلاف اسم العائلة، ادعت أنها تزوجت حديثًا وغيرت لقبها لذا بدا الرقم مختلفًا.
استفادت المنتحلة من نقص العاملين الصحيين الذي تعانيه المستشفيات بعد جائحة كورونا، فالمستشفى على ما يبدو تساهل في التحقق من أوراقها تحت ضغط الحاجة، وقبل تبريرها حول مسألة الاسم دون متابعة فورية للتحقق من وثيقة الزواج التي وعدت بتقديمها ولم تفعل.
اكتشاف الكذبة والاعتقال
في يناير 2024، عُرضت على برديسا ترقية وظيفية، هنا قام أحد زملائها الممرضين الفضوليين بالتدقيق إلكترونيًا في سجلها المهني ليكتشف مفاجأة مدوية، أوتم ليست ممرضة مرخصة، بل لديها ترخيص قديم كمساعد ممرض (CNA) لكنه منتهي الصلاحية!
على الفور، باشرت الإدارة تحقيقًا داخليًا، وتبيّن لهم أيضًا أن برديسا لم تقدم مطلقًا وثيقة زواج كما طُلب منها سابقًا، حينها تم استدعاؤها للتحقيق، وبنهاية يوم 22 يناير 2024 تم فصلها من العمل، وإبلاغ مكتب الشريف المحلي بالواقعة.
التحقيق الجنائي والاعتقال
بعد تحقيق امتد لأشهر، أصدر مكتب شريف مقاطعة فلاغلر مذكرة اعتقال بحق أوتم برديسا، وفي 6 أغسطس 2025 قبض عليها، ووُجّهت لها 14 تهمة جنايات، منها 7 تهم ممارسة مهنة صحية بدون ترخيص، و7 تهم استخدام هوية شخصية مزيفة، وعلى إثرها تم إيداعها السجن مع تحديد كفالة بقيمة 70 ألف دولار لإطلاق سراحها.
ثغرات خطيرة في النظام الصحي
سلطت هذه الحادثة الضوء على نقاط ضعف في منظومة التوظيف الطبي والرقابة، أولها التحقق من التراخيص؛ فالمفترض أن يتم التحقق الإلكتروني المباشر من أرقام تراخيص التمريض عبر قواعد بيانات رسمية قبل وبعد التوظيف، لكن ما حدث أن المستشفى الاكتفاء ربما بالمشاهدة البصرية لشهادة، أو رقم دون مطابقتها فورًا، وقد وعدت إدارة المستشفى بمراجعة بروتوكول التوظيف لضمان عدم تكراره.
كما أن النقص الحاد في كوادر التمريض المستشفيات دفع لتسريع عمليات التوظيف، وربما التساهل، وأشار خبراء صحة أن هذه الحالة جرس إنذار بأن سلامة المرضى تأتي أولاً، ولا يجوز سد النقص بأي شخص دون تمحيص كافٍ حتى لو كانت الضغوط شديدة.
وسلط الضوء أيضا على سهولة سرقة الهوية، حيث استطاعت أوتم ببساطة استخدام ترخيص زميلة درست معها في كلية التمريض، وهذا يطرح سؤالًا: لماذا لا تُستعمل بصمة الإصبع أو آلية تحقق بيومتري عند إصدار ومراجعة التراخيص؟
ماذا عن المرضى الذين عالجتهم؟
- فحص الأضرار المحتملة؛ أجرى المستشفى مراجعة لسجلات آلاف المرضى الذين تعاملت معهم برديسا، ولحسن الحظ، لم تظهر حالات وفاة أو مضاعفات خطيرة مرتبطة مباشرة بإجراءاتها، ويبدو أنها التزمت بالمهام التمريضية الروتينية ولم تحاول مثلاً إجراء عمليات أو إجراءات معقدة، ومع ذلك، مجرد وجود شخص غير مؤهل يمثل خطرًا نظريًا على صحة المرضى.
- صدمة وانعدام ثقة؛ المرضى الذين علموا بالقضية عبر الأخبار أصيبوا بذهول، إحدى المراجعات قالت "لا أستطيع تصديق أني تلقيت العلاج من "ممرضة'; مزيفة".. كيف أثق بأي مستشفى بعد الآن؟".
نظرة قانونية.. العقوبة المنتظرة
في حال إدانتها، تواجه أوتم برديسا عقوبات قاسية، وهي:
- جنحة ممارسة بدون ترخيص؛ في فلوريدا تعتبر ممارسة مهنة صحية بدون ترخيص جناية من الدرجة الثالثة عقوبتها تصل إلى 5 سنوات سجن لكل تهمة، وعند تعدد المرضى أو الوقائع، يمكن جمع العقوبات.
- تزوير الهوية؛ كذلك استخدام هوية شخصية الغير لأغراض احتيالية يعد جناية منفصلة عقوبتها تصل 5 سنوات أيضًا.
قد تواجه المتهمة عشرات السنين خلف القضبان إذا قررت المحكمة تطبيق أقصى العقوبات، لكن عادة قد يتم التوصل لصفقة إقرار بالذنب مقابل عقوبة أخف نظرًا لعدم حدوث أذى جسيم مباشر.