"جيمي سواغارت".. بين الوعظ والخطيئة

المبشّر الأسطورة
في ثمانينيات القرن الماضي، لمع اسم جيمي سواغارت كأحد أبرز المبشرين التلفزيونيين في الولايات المتحدة، حيث قاد آلاف الكنائس، وأسس إمبراطورية دعوية وإعلامية كانت تدر ما يقارب 140 مليون دولار سنويًا.
امتلك سواغارت موهبة خطابية استثنائية، جمع فيها بين الغناء والبكاء والصرخات العاطفية التي أثّرت في جمهوره، وجعلت برامجه تبث في أكثر من 140 دولة. وقد تحوّل برنامجه "Jimmy Swaggart Telecast" إلى منصة عالمية جمعت ملايين الأتباع.
بين الوعظ والفضائح.. دموع على الهواء
رغم خطابه المتشدد ضد "الخطيئة الجنسية" والإباحية، لم يكن سواغارت بعيدًا عن الفضائح، فقد اتهم زملاءه من القساوسة بالفجور، قبل أن تُكشف علاقته مع بائعة هوى عام 1987، وهو ما شكل صدمة كبيرة لأتباعه.
وعلى إثر ذلك ظهر على التلفاز باكيًا، راكعًا، معترفًا بخطاياه دون تفاصيل واضحة، فيما تحوّل ذلك المشهد إلى أحد أكثر الخطابات الدينية درامية في تاريخ الإعلام الأميركي.
خطاب الاعتراف.. أداة إعلامية
خطاب الاعتراف الذي ألقاه سواغارت تجاوز طابعه الروحي ليصبح أداة إعلامية وسياسية، فقد استخدم لغة عاطفية مؤثرة من دون الإفصاح عن جوهر الخطأ، مما سمح له باستعادة جزء من جمهوره، لاحقًا ألهم هذا الأسلوب سياسيين ومشاهير، مثل الرئيس بيل كلينتون، الذي اعتمد أسلوبًا مشابهًا في الاعتراف العلني خلال فضيحته الشهيرة في التسعينيات.
مناظرة مع أحمد ديدات.. سقوط مبكر قبل السقوط
قبل عامين من فضيحته، شارك سواغارت في مناظرة علنية مع الداعية المسلم أحمد ديدات حول "هل الإنجيل كلمة الله؟"، وكشفت المناظرة عن قوة الحجة أمام الأداء المسرحي، إذ تمكن ديدات من إحراج سواغارت.
إرث متناقض
رغم سقوطه في فضيحتين أخلاقيتين متتاليتين، لم يختفِ سواغارت عن المشهد، وواصل الوعظ من "مركز العبادة العائلية" الذي تحوّل لاحقًا إلى مشروع عائلي يديره أبناؤه وأحفاده، وظل أسلوبه العاطفي مؤثرًا في الخطاب الديني والسياسي، وأصبح نموذج "الاعتراف المتلفز" جزءًا من ثقافة الإعلام المعاصر، سواء بين القادة السياسيين أو المشاهير.
وفاته
في يوليو/تموز 2025، توفي جيمي سواغارت، عن عمر ناهز التسعين عامًا إثر أزمة قلبية، وقد نعاه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، معتبرًا إياه من أطول المبشرين خدمة وأكثرهم تأثيرًا.
ما الذي تركه سواغارت؟
تكشف قصة سواغارت عن هشاشة العلاقة بين الكاريزما الدينية والجمهور المتدين في عصر الإعلام، فقدّم نموذجًا فريدًا لرجل الدين الذي ارتفع بسرعة، وسقط بالفضيحة، ثم عاد ليستمر بفضل قوة الخطاب التلفزيوني.
ولعل إرثه الأبرز لا يتمثل في خطبه الوعظية فقط، بل في إدخاله طقس الاعتراف المسيحي إلى فضاء الإعلام، حيث صار الاعتراف ليس مجرد ممارسة روحية، بل سلعة وأداة للتأثير الجماهيري.