وزيرة إسرائيلية: الحرب أهم من الأسرى… وغضب عائلات المحتجزين يتصاعد

في مشهد يعكس الانقسام الحاد داخل إسرائيل، فجّرت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك جدلاً واسعاً بعد إعلانها أنها ستصوّت لاستمرار الحرب في غزة حتى لو كان الثمن حياة الأسرى الإسرائيليين. تصريحاتها اعتُبرت صادمة لعائلات الأسرى التي اتهمت الحكومة بخداع الجمهور والتضحية بأبنائها.
يأتي ذلك فيما يستعد "الكابينت" للتصويت على خطط عسكرية جديدة لاحتلال مدينة غزة، وسط ضغط متزايد من الشارع الإسرائيلي المطالب بوقف الحرب وإعادة الأسرى إلى منازلهم.
تصريحات صادمة من قلب الحكومة
في مقابلة مع إذاعة محلية أعادت بثها قناة 12 الإسرائيلية، قالت أوريت ستروك، عضو الكابينت وقيادية في حزب "الصهيونية الدينية":
"سأصوّت بالتأكيد لصالح استمرار الحرب، حتى لو كان من الواضح أن حماس ستعدم الأسرى".
وأضافت أن الأمر لا يقتصر عليها، بل إن "الكثير من أعضاء الحكومة سيصوتون بالطريقة نفسها". تصريحاتها بدت محاولة لتبرير موقف الحكومة، لكنها فجرت موجة غضب داخل إسرائيل، خاصة مع استمرار المظاهرات المطالبة بإعادة الأسرى.
حرب بلا سقف وزمن يضيع
الكابينت الإسرائيلي يعقد اجتماعه للتصويت على خطة عسكرية تستهدف احتلال مدينة غزة. وزير الدفاع يسرائيل كاتس كان قد وافق مسبقاً على هذه الخطط.
لكن، وبينما تصر الحكومة على الحسم العسكري، تشير التقديرات إلى وجود نحو 50 أسيراً إسرائيلياً في غزة، بينهم 20 على قيد الحياة، في وقت يقبع أكثر من 10,800 فلسطيني في السجون الإسرائيلية وسط تقارير عن التعذيب والإهمال الطبي.
ستروك بررت موقفها بقولها إن "التوقف من أجل صفقات تبادل هو ما يمنع تدمير حماس"، مدعية أن إسرائيل أضاعت شهوراً في المفاوضات كان يمكن خلالها "حسم المعركة".
غضب عائلات الأسرى
هيئة عائلات الأسرى ردّت ببيان شديد اللهجة اتهمت فيه الوزيرة والحكومة بـ"تضليل الجمهور"، مؤكدة أن 80% من الإسرائيليين يريدون استعادة الأسرى حتى لو كان الثمن إنهاء الحرب.
الهيئة شددت على أن الاستمرار في الحرب يهدد حياة المحتجزين ويشكّل خطراً وجودياً على صورة وهوية إسرائيل نفسها. وأشارت إلى أن المظاهرات المتواصلة في الشوارع تثبت رفض قطاع واسع من الإسرائيليين لسياسات الحكومة.
حرب ميدانية وسياسية
بالتزامن مع تصريحات ستروك، أعلنت إسرائيل أن حركة حماس حاولت أسر جنود في خان يونس جنوبي القطاع. الوزيرة اعتبرت أن "عمليات الخطف أصبحت أداة بيد حماس بسبب الصفقات السابقة"، داعية إلى إنهاء ما وصفته بـ"التصرفات الطائشة".
لكن هذه المواقف تزيد من الانقسام داخل إسرائيل: بين تيار يريد سحق حماس عسكرياً مهما كان الثمن، وآخر يرى أن استمرار الحرب يعني خسارة الأرواح بلا أفق سياسي.
وساطة دولية على المحك
رغم تصعيد الحكومة الإسرائيلية، يواصل الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة جهودهم للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. مصادر إسرائيلية أقرت بتسلم مقترح جديد من حماس، ما يضع الحكومة أمام اختبار صعب بين الاستجابة للضغوط الداخلية والدولية، أو الاستمرار في الخيار العسكري المفتوح.
تصريحات ستروك لم تكن مجرد رأي سياسي عابر، بل فتحت جرحاً عميقاً في إسرائيل: هل الأولوية للحرب أم لعودة الأسرى؟ وبينما تتسع الفجوة بين الحكومة وعائلات المحتجزين، يبقى السؤال: إلى متى يمكن أن تستمر هذه الحرب دون أن تنفجر في الداخل الإسرائيلي نفسه؟