عملية خان يونس.. كيف قلبت كتائب القسام موازين المعركة وأحرجت إسرائيل؟

في صباح الأربعاء، شهدت خان يونس واحدة من أكثر العمليات العسكرية جرأة منذ بدء الحرب على غزة. مقاتلو كتائب القسام خرجوا من باطن الأرض عبر نفق محصن، ليفاجئوا الجيش الإسرائيلي بعملية وُصفت في الإعلام العبري بأنها "غير مسبوقة" منذ عامين.
الهجوم لم يكن مجرد اشتباك عابر، بل رسالة عسكرية ونفسية مركبة، جعلت قادة الجيش يعترفون بجرأة المقاتلين الفلسطينيين وخطورتهم على الخطط الإسرائيلية في القطاع.
تفاصيل الهجوم المفاجئ
بحسب هيئة البث الإسرائيلية، ما بين 14 و20 مقاتلاً من القسام خرجوا من فتحة نفق قرب موقع عسكري، وهاجموا الجنود وجهًا لوجه. الجيش دفع بالدبابات والطائرات لصد الهجوم، لكن العملية استمرت لساعات، وتخللتها انفجارات، استهداف مباشر للدبابات، واشتباكات من مسافة صفر.
القسام أعلن أن وحداته نجحت في قنص قائد دبابة "ميركافا 4"، وتفجير عبوات ناسفة، فضلًا عن هجوم انتحاري استهدف قوة إنقاذ إسرائيلية وأوقعها بين قتيل وجريح.
لواء خان يونس.. كابوس الجيش الإسرائيلي
صحيفة معاريف الإسرائيلية اعتبرت أن لواء خان يونس التابع للقسام يقود "حرب استنزاف" ذكية، بعدما تمكن عناصره من دراسة أساليب عمل الجيش الإسرائيلي.
المصادر العسكرية الإسرائيلية حذرت من أن هؤلاء المقاتلين ينصبون كمائن شبه يومية، يستهدفون بها قادة الوحدات تحديدًا، مما يجعل مهمة ملاحقتهم "شديدة التعقيد".
هجوم آخر لم يُكشف عنه
لم يتوقف الأمر عند خان يونس. مسؤولون بالقيادة الجنوبية كشفوا لموقع والا العبري عن عملية مشابهة جرت قبل يومين في بيت حانون شمالي القطاع، حيث حاول 8 مقاتلين أسر جنود إسرائيليين.
هذا التتابع في الهجمات يثير قلق المؤسسة العسكرية من تصاعد جرأة القسام في محاولات الأسر، في وقت يستعد فيه الجيش لعملية برية واسعة داخل مدينة غزة.
توقيت حساس ورسائل سياسية
الخبير الأمني أسامة خالد يرى أن العملية جاءت في توقيت بالغ الحساسية لإسرائيل، وسط تعثر سياسي وميداني، وضغوط داخلية وخارجية.
برأيه، القسام أراد أن يثبت أنه لا ينتظر هجوم الجيش، بل يبادر بخطط هجومية متكاملة، تجمع بين الإغارات الميدانية والحرب النفسية، لضرب معنويات الجيش وخلق صورة جديدة للمقاومة.
الخسائر والمعادلة الجديدة
الجيش الإسرائيلي قال إنه قتل 9 من منفذي العملية، فيما أصيب أحد جنوده بجراح بالغة. لكن القسام أكد أنه كبّد الجيش خسائر بشرية ومادية ملموسة، وأجبره على إخلاء مصابيه بالمروحيات.
العملية – إلى جانب هجوم بيت حانون – أعادت التأكيد على أن المعركة لم تعد مجرد اجتياحات إسرائيلية، بل مواجهة مفتوحة تقودها وحدات مدربة وقادرة على تغيير المعادلة في أي لحظة.
عملية خان يونس لم تكن مجرد اشتباك عسكري؛ بل انعطافة في مسار الحرب، تحمل رسائل بأن المقاومة لا تزال تمتلك زمام المبادرة. ومع تصاعد الحديث عن عملية برية في غزة، يبقى السؤال: هل يستطيع الجيش الإسرائيلي كسر معادلة القسام، أم أن الأيام القادمة ستشهد عمليات أشد جرأة؟