"خلية سرية في الجيش الإسرائيلي: كيف تُصنع الروايات لتبرير حرب الإبادة في غزة؟"

وسط مشاهد الدمار والدماء في غزة، لا تقتصر حرب إسرائيل على القنابل والدبابات. هناك معركة أخرى أكثر خفاءً: حرب الروايات.
تقرير جديد يكشف عن "خلية إضفاء الشرعية"، وحدة سرية داخل الجيش الإسرائيلي، مهمتها ليست القتال بل صياغة قصص قانونية وإعلامية لتبرير الجرائم أمام العالم.
خلية تبرير الحرب
ليست هذه الوحدة مجرد مكتب علاقات عامة، بل جهاز استخباري متخصص في صناعة الرواية الرسمية. بعد هجوم 7 أكتوبر 2023، شعرت إسرائيل بحاجة لغطاء إعلامي يخفف من وقع صور المستشفيات المدمرة والضحايا المدنيين، فكان الحل "خلية إضفاء الشرعية".
وظيفتها جمع معلومات لا لخدمة العمليات العسكرية، بل لإنتاج تبريرات قانونية وسياسية وإعلامية تعطي غطاءً للانتهاكات.
اللعب بمفهوم "التناسب"
أحد أسلحة الخلية هو إعادة تعريف القانون. فحين تُقصف أحياء مكتظة بالسكان، تُصاغ القصة على أنها "استهداف لأهداف عسكرية"، وأن مئات الضحايا مجرد "أضرار جانبية متناسبة".
هذا التفسير يفرغ القانون الدولي من جوهره الإنساني، ويحوّل القتل الجماعي إلى بند قانوني بارد.
تشويه الصحفيين وتزييف الشهود
التقرير يكشف أن الخلية لا تكتفي بتبرير استهداف المدنيين، بل تعمل على تشويه سمعة الصحفيين.
إذا انتشرت أخبار عن استهداف إعلاميين، تبحث الخلية عن شخص يمكن اتهامه لتبرير قتل الآخرين. الهدف: إسكات الأصوات المستقلة، وضرب مصداقية شهود العيان الذين ينقلون الحقيقة من قلب غزة.
حرب على وعي العالم
الروايات تُبنى بخطاب مزدوج: للإسرائيليين، يُرسم جيش "أخلاقي" يحمي شعبه، وللعالم يُقدّم خطاب قانوني مصقول يبدو متماسكاً.
لكن على الأرض، المشهد مختلف تماماً: مستشفيات محروقة، مدارس الأونروا مدمرة، وكنائس ومساجد تحولت إلى أنقاض. الأمم المتحدة وثّقت أن قصف مستشفى الأهلي في أكتوبر 2023 قتل 500 فلسطيني، بينما حاولت إسرائيل إلصاق التهمة بغيرها عبر تسجيلات وُصفت بأنها مفبركة.
إفلات من العقاب أم اعتراف بالذنب؟
وجود خلية كهذه هو بحد ذاته اعتراف ضمني بأن ما يجري يحتاج إلى تبرير. "جيش واثق من شرعيته لا يحتاج لوحدة سرية لصياغة الروايات"، كما قال خبير القانون الدولي ريتشارد فولك.
منظمات مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش طالبت بتحقيقات مستقلة، مؤكدة أن الرواية الإسرائيلية لا يمكن أن تكون المصدر الوحيد.
حرب غزة ليست فقط حرباً عسكرية، بل حرب على الوعي الإنساني. في زمن تتداخل فيه الحقائق مع الأكاذيب، يصبح دور الصحافة المستقلة والمصادر البديلة أكثر إلحاحاً.