عودة 21 قطعة أثرية إلى مصر من أستراليا بعد تهريبها بطريقة غير شرعية

في خطوة جديدة ضمن جهود مصر الحثيثة لاستعادة تراثها المنهوب، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الأحد، استردادها 21 قطعة أثرية كانت قد هُرّبت بطريقة غير قانونية إلى أستراليا، في عملية تمثل انتصارًا جديدًا في ملف استعادة الآثار.
ووفق بيان رسمي، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القطع المستردة كانت معروضة للبيع في إحدى صالات المزادات الأسترالية الشهيرة، والتي قامت بإيقاف البيع فور التأكد من عدم وجود مستندات ملكية رسمية تثبت قانونية حيازة القطع.
وأشار خالد إلى أن إدارة الصالة أبدت تعاونًا كاملاً مع السفارة المصرية في العاصمة الأسترالية كانبرا، وأسهم هذا التعاون في تسهيل إعادة القطع الأثرية إلى مصر.
ما هي القطع الأثرية التي تمت استعادتها؟
تضم المجموعة المستردة تشكيلة متنوعة من القطع الأثرية، من بينها:
تماثيل أوشابتي صغيرة الحجم
جزء من تابوت خشبي على شكل يد بشرية
رأس أفعى منحوت من الخشب
مسرجة فخارية أثرية
مغازل مصنوعة من العاج
تميمة على شكل "عين الوجات" الفرعونية الشهيرة
قطعة من النسيج القبطي
وتعود بعض هذه القطع إلى العصور الفرعونية والقبطية، ما يجعلها ذات قيمة أثرية وتاريخية كبيرة، نظرًا لندرتها وأهميتها الحضارية.
التهريب الغامض والعودة التدريجية
رغم عدم إعلان السلطات المصرية عن توقيت وكيفية تهريب هذه القطع من البلاد، إلا أن مثل هذه الحوادث ليست جديدة. فمنذ الانتفاضة الشعبية في مصر عام 2011 وسقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، شهدت البلاد موجة من السرقات والنهب في المتاحف والمواقع الأثرية، مما أدى إلى فقدان آلاف القطع.
وتُعرض كثير من هذه القطع لاحقًا في مزادات أو تُهرّب إلى مجموعات خاصة حول العالم، قبل أن تبدأ القاهرة خلال السنوات الماضية حملات دبلوماسية وقانونية موسّعة لاستعادتها.
وفي هذا السياق، أكد شعبان عبد الجواد، مدير عام الإدارة العامة لاسترداد الآثار، أن مصر نجحت خلال العقد الأخير في استعادة ما يقرب من 30 ألف قطعة أثرية كانت قد نُهبت وهُرّبت خارج البلاد.
وأشار عبد الجواد إلى حالة شهيرة أخرى تتعلق بلوحة حجرية نادرة تعود للقرن الرابع قبل الميلاد، كانت قد اكتشفتها بعثة أثرية إيطالية، لكنها اختفت بعد عملية جرد في عام 1995، قبل أن تتمكن مصر من استرداد ثلاثة من أجزائها من سويسرا عام 2017، وتسلمت الجزء الرابع من أستراليا لاحقًا.
المعرض المؤقت: عودة التاريخ للعرض
تم نقل القطع المستردة إلى المتحف المصري بالتحرير، حيث تخضع الآن لعمليات ترميم دقيقة على يد فريق متخصص، تمهيدًا لعرضها في معرض مؤقت سيُقام قريبًا لتسليط الضوء على قصة تهريبها وعودتها.
ويهدف المعرض، وفق وزارة الآثار، إلى توعية الجمهور بأهمية الحفاظ على التراث، وتسليط الضوء على الجهود الدبلوماسية والقانونية التي تبذلها الدولة في سبيل حماية الهوية الثقافية لمصر.
عودة "روح الحضارة" ليست مجرد استرداد
استعادة هذه القطع ليست فقط مسألة قانونية أو دبلوماسية، بل هي استرجاع لروح حضارية تسكن في وجدان المصريين. فكل قطعة تعود إلى الوطن تحكي قصة عن أجيال مضت، وفصول من التاريخ لا تقدر بثمن.
وفي ظل الطلب المتزايد على الآثار المصرية في الأسواق السوداء والمزادات العالمية، تواصل السلطات تكثيف جهودها لمراقبة المنافذ، والتعاون مع الإنتربول والمؤسسات الثقافية الدولية لمنع تهريب المزيد من الكنوز الحضارية.