المدنيون كدروع بشرية؟ تقرير يكشف تناقض الاحتلال: إسرائيل تخفي مراكزها الأمنية في قلب الأحياء

في الوقت الذي تتهم فيه إسرائيل المقاومة الفلسطينية باستخدام المدنيين كدروع بشرية في غزة، تكشف الضربات الأخيرة التي استهدفت "تل أبيب" عن واقع معاكس تمامًا: الاحتلال هو من يزرع مؤسساته الأمنية والعسكرية في قلب الأحياء المدنية، ويُحوّل مدنه إلى ثكنات متخفية خلف واجهات حضرية براقة.
الضربة الإيرانية فجر السبت، التي أصابت مجمع "الكرياه" العسكري – أحد أهم المراكز الأمنية في إسرائيل – كانت بمثابة كشف حقيقي للمسكوت عنه. هذا المجمع، الذي يضم وزارة الحرب وهيئة الأركان، لا يقع في منطقة عسكرية نائية، بل وسط مجمعات تجارية وسكنية مزدحمة، مثل "عزرائيلي"، ويحيط به عشرات آلاف المستوطنين. ببساطة: من يفترض أنه موقع أمني، هو فعليًا محاط بأحياء مدنية تُستخدم كدرع بشري دون إعلان.
وليس "الكرياه" استثناءً. مقر "الشاباك"، المسؤول عن عمليات التجسس والتعقب، يقع في حي راقٍ قرب جامعة تل أبيب، ومقر "الموساد" في حي سكني قرب "رمات هشارون". الشرطة الإسرائيلية تملأ أحياء القدس الغربية والشرقية، قرب مناطق مأهولة كـ"الشيخ جراح" و"بيت حنينا". كل ذلك يدل على ممارسة منظمة لاستخدام المدنيين كحاجز بشري دون الإفصاح عنه.
في المقابل، تواصل إسرائيل الترويج لسردية أن المقاومة الفلسطينية تستخدم مستشفيات ومراكز إيواء ومنازل مدنيين كمخابئ أو منصات صواريخ، في حين أن تقارير أممية وشهادات ميدانية تُكذب هذه المزاعم وتُظهر أن إسرائيل هي من تستهدف هذه المنشآت رغم وضوح طبيعتها المدنية.
الضربة الإيرانية كشفت أن المؤسسات الإسرائيلية لا تتمركز بعيدًا عن المدنيين، بل تتعمد الاندماج معهم، وتحديدًا في أكثر المناطق ازدحامًا، لتشكل ما يشبه "خط الدفاع الأول" حول مراكز القرار. هذا الاستخدام الخفي للمدنيين الإسرائيليين كجزء من استراتيجية أمنية يسلّط الضوء على التناقض العميق في خطاب الاحتلال: يدّعي الدفاع عن المدنيين بينما يعرضهم للخطر.
وفي ظل استمرار الاحتلال في قصف غزة، متذرعًا بمحاربة "الإرهاب"، تزداد التساؤلات: من فعليًا يحتمي بالمدنيين؟ من يستخدمهم كغطاء لصواريخه وعملياته؟ وما الفرق بين من يطلق النار من بين المدنيين، ومن يزرع مقره الأمني بينهم عمداً؟
ما يجري ليس مجرد انتهاك لقوانين الحرب، بل استراتيجية مزدوجة: توظيف الكذبة للتضليل، وممارسة الجريمة خلف واجهة "المدني