بعد أكثر من 20 عاما.. ماذا نعرف عن أحداث 11 سبتمبر؟

ملخص :
استيقظ العالم على مشهد غير مسبوق، وغير متوقع، في صباح الثلاثاء، الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001، حيث تحولت أربع طائرات مدنية أميركية إلى أدوات دمار، في أعنف هجوم عرفه تاريخ أميركا الحديث، ففي تمام الساعة 8:46 صباحًا اصطدمت الرحلة American Airlines 11 بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في نيويورك، تلتها بعد 17 دقيقة فقط الرحلة United Airlines 175 التي ضربت البرج الجنوبي أمام أنظار ملايين المشاهدين عبر شاشات التلفزيون، وبعد أقل من ساعة، اهتز مبنى البنتاغون في واشنطن بعد اصطدام الرحلة American Airlines 77 بجناحه الغربي، بينما سقطت الرحلة الرابعة، United Airlines 93، في حقل بولاية بنسلفانيا بعد مقاومة الركاب لمحاولة الخاطفين استهداف البيت الأبيض أو مبنى الكونغرس.
خطة محكمة وأهداف رمزية
كشفت التحقيقات لاحقًا أن تنظيم القاعدة، بقيادة أسامة بن لادن، خطّط لهذه العملية على مدى سنوات، بدقة متناهية، وكان أربعة من الخاطفين مدرّبين على قيادة الطائرات، وهم: المصري محمد عطا، الإماراتي مروان الشحي، السعودي نواف الحازمي، إلى جانب خالد المحضار، واللبناني زياد جراح.
ولم يكن اختيار الرحلات عشوائيًا، بل استُهدفت رحلات الطائرات طويلة المدى المنطلقة من الساحل الشرقي إلى لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو، والمحمّلة بكميات كبيرة من الوقود، بهدف تعظيم حجم الدمار عند الاصطدام.
حصيلة بشرية ثقيلة
أسفرت الهجمات عن مقتل 2.977 شخصًا، بينهم ركاب وأطقم الطائرات، وموظفون في مركز التجارة العالمي، والبنتاغون، بالإضافة إلى رجال إنقاذ وإطفاء، بينما أُصيب الآلاف بجروح مباشرة، وعانى آخرون لاحقًا من أمراض تنفسية، وسرطانات ناتجة عن استنشاق الغبار السام الناتج عن انهيار البرجين.
بوش الابن: "أمتنا تعرّضت لهجوم.. وسنرد"
أثناء وقوع الهجمات كان الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، في زيارة لمدرسة بولاية فلوريدا، وعند تلقيه الخبر ألقى خطابًا مقتضبًا وصف فيه ما حدث بأنه "هجوم إرهابي منسّق ضد أمتنا"، وفي خطاب متلفز مساء اليوم نفسه، توعّد برد صارم، قائلاً "سنُطارد المسؤولين عن هذه الأفعال الشنيعة، ومن يؤويهم أو يساعدهم، لن يكون بمنأى عن العدالة."
ويعد هذا التصريح بداية ما بات يُعرف بـ "الحرب على الإرهاب"، التي أصبحت محور السياسة الخارجية الأميركية لما بعد 11 سبتمبر.
ردود الأفعال.. تعاطف وتضامن واسع
- الأمم المتحدة: وصف الأمين العام كوفي عنان-آنذاك- الهجمات بأنها "مأساة غير مسبوقة".
- حلف الناتو: فعّل للمرة الأولى في تاريخه المادة الخامسة، معتبرًا أن الهجوم على واشنطن ونيويورك هو هجوم على جميع الأعضاء.
- الاتحاد الأوروبي وروسيا: قدّما دعمًا كاملًا لواشنطن، وأكدا التضامن في مواجهة الإرهاب.
- العالم العربي والإسلامي: سارعت الحكومات إلى التنديد، فيما دعا العديد من القادة إلى التمييز بين الإسلام والإرهاب، خشية من تداعيات سلبية على صورة المسلمين عالميًا.
لعنة 11 سبتمبر على الشرق الأوسط
لم تكن الهجمات مجرد مأساة أميركية داخلية، بل شكّلت نقطة تحوّل حاسمة في سياسات نحو الشرق الأوسط، ونتج عنها عدد من الحروب:
- حرب أفغانستان (2001)
بعد أسابيع قليلة من الهجمات، شنّت الولايات المتحدة عملية عسكرية واسعة ضد نظام طالبان الذي كان يؤوي قيادة القاعدة، استمرت الحرب نحو عقدين، وأسفرت عن سقوط آلاف الضحايا المدنيين، قبل انسحاب القوات الأميركية عام 2021.
- غزو العراق (2003)
رغم عدم وجود صلة مباشرة بين صدام حسين وهجمات 11 سبتمبر، استندت إدارة بوش إلى مبررات "الحرب على الإرهاب"، وادعاءات امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وعلى إثر هذا الغزو أُطيح بالنظام العراقي، وعلى رأسه صدام حسين الذي أعدم لاحقا، لكن الغزو على العراق أدّى إلى سنوات من الفوضى، وظهور جماعات مسلحة جديدة، أبرزها تنظيم "داعش".
- توسّع العمل العسكري والاستخباراتي
وفّرت أحداث 11 سبتمبر/ أيلول غطاءً سياسيًا لإطلاق عمليات عسكرية واستخباراتية في دول عدة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل اليمن، باكستان، وسوريا، واستخدمت الولايات المتحدة الطائرات المسيّرة وعمليات الاغتيال الجوية كجزء من استراتيجيتها الجديدة ضد ما تصفه بـ"الإرهاب العالمي".
إعادة تشكيل التحالفات
تحوّلت المنطقة إلى ساحة مركزية لـ "الحرب على الإرهاب"، مما غيّر موازين العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، خصوصًا في مجالات التعاون الأمني والاستخباراتي، وانتشار القواعد العسكرية.
تغيّر كبير في التاريخ العالمي
ما بعد أحداث 11 سبتمبر لم يكن كما قبله، شهد العالم تشديدًا غير مسبوق لإجراءات السفر والأمن، وتحولت الحرب على الإرهاب إلى أولوية قصوى، ولم يقتصر الأثر على الجانب الأمني، بل امتد إلى السياسة والثقافة، حيث ارتفعت موجات "الإسلاموفوبيا" في الغرب، وأُعيد تعريف العلاقات الدولية من منظور "الأمن أولاً"..
إرث لم ينتهِ بعد
لا تزال تداعيات 11 سبتمبر حاضرة بقوة في الشرق الأوسط رغم مرور 24 عامًا عليها، فالأزمات مستمرة في أفغانستان والعراق، وبرزت تنظيمات متطرفة جديدة، في الحقيقة غيّرت تلك اللحظة الدامية مسار التاريخ، وربطت مصير المنطقة لعقود طويلة بسياسات واشنطن الأمنية والعسكرية.