قراءة في تقرير ميونيخ للأمن لعام 2025.. ماذا جاء فيه؟

ملخص :
صدر تقرير الأمن العالمي لعام 2025 "تقرير ميونيخ الأمني 2025" في 14 فبراير/ شباط 2025، وتم الإعلان عنه بالتزامن مع مؤتمر ميونخ للأمن، ويتضمن التقرير تحليلًا للتحولات السياسية في الولايات المتحدة، ودور الصين في النظام العالمي، والتحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي، وسعي روسيا لنظام عالمي قائم على "القوى الحضارية"، وفي ظل الأحداث المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، والعالم بأسره، أعادت "الحدث بلس" قراءة التقرير؛ فماذا جاء فيه؟
يشير تقرير ميونيخ للأمن 2025 إلى أن العالم يواجه تحولات عميقة، مع تزايد الاتجاه نحو نظام دولي متعدد الأقطاب، ويستعرض التقرير الانقسامات الداخلية في الدول الكبرى، واستراتيجيات القوى الناشئة، ومستقبل النظام العالمي في ظل تصاعد المنافسة الجيوسياسية.
التعددية القطبية واقع متنامٍ
يشير التقرير إلى أن التعددية القطبية لم تعد نظرية، بل واقع ملموس، مع تزايد دور قوى مثل الصين، والهند والبرازيل، إلى جانب الفاعلين الإقليميين الذين يسعون لتعزيز نفوذهم، وترافق هذا التحول مع صراعات على النفوذ، وتوترات بين اللاعبين الرئيسيين، إلى جانب صعود المنافسة الأيديولوجية بين نماذج الحكم الديمقراطية والاستبدادية.
بالإضافة إلى ذلك، تبنت العديد من دول الشرق الأوسط، وأفريقيا وأمريكا اللاتينية سياسات عدم الانحياز، مستفيدة من التنافس بين القوى الكبرى لتعزيز استقلاليتها السياسية والاقتصادية.
تأثير التعددية القطبية على الاستقرار العالمي
يقدم التقرير وجهتي نظر:
- النظرة المتفائلة: ترى أن التعددية القطبية تتيح نظامًا دوليًا أكثر شمولًا وعدالة، يقلل الهيمنة الأحادية ويعزز التنوع الاقتصادي، والدبلوماسي.
- النظرة المتشائمة: تشير إلى أن التعددية القطبية قد تزيد الفوضى والصراعات، وتعقّد التوصل إلى اتفاقيات دولية بسبب اختلاف الأجندات الاستراتيجية، مع مخاطر مرتفعة للمواجهات العسكرية والحروب التجارية.
مؤشر ميونيخ للأمن 2025
ويعكس مؤشر ميونيخ للأمن 2025 زيادة المخاوف الجيوسياسية، مع تباين التصورات بين دول مجموعة السبع و"بريكس"، وتتصدر المخاطر البيئية، مثل الظواهر الجوية المتطرفة، وحرائق الغابات، قائمة القلق العالمي، بينما تشهد المخاطر المرتبطة بالهجمات الإلكترونية تصاعدًا ملحوظًا، خاصة في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا.
الولايات المتحدة في عالم متعدد الأقطاب
يرى التقرير أن سياسات دونالد ترامب بما فيها "أمريكا أولًا" قد تعيد تشكيل النظام الدولي، عبر تقليص دور الولايات المتحدة في أوروبا، وتقليص التزاماتها ضمن حلف الناتو، مع تعزيز المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية مع الصين، وهذا قد يؤدي إلى تعزيز دور القوى الأخرى في ملء الفراغ الاستراتيجي.
الصين ورؤية التعددية القطبية
وحسب التقرير؛ فإن الصين تسعى لإعادة تشكيل النظام العالمي لتعكس توازن القوى الجديد، مؤكدة دعمها للجنوب العالمي، لكن سلوكها الاستراتيجي، بما في ذلك التحالف مع روسيا، وإيران، وكوريا الشمالية، يثير مخاوف من توسيع النفوذ بدلًا من تعزيز العدالة الدولية، مشيرا إلى أن بكين تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية في المحيطين الهندي والهادئ، ما يزيد التنافس مع الولايات المتحدة.
الاتحاد الأوروبي بين الضغوط الداخلية والخارجية
ومما جاء في التقرير، أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات داخلية، مثل: تصاعد الشعبوية والانقسامات، وضغوط خارجية نتيجة تراجع الالتزامات الأمنية الأمريكية، ونفوذ الصين وروسيا، لافتا إلى أن الحرب في أوكرانيا زادت من تحديات الأمن الأوروبي، فيما تؤثر النزعة الحمائية الاقتصادية، والتوترات الداخلية على قدرة الاتحاد في الدفاع عن نموذج الديمقراطية الليبرالية.
روسيا ورؤية "القوى الحضارية"
ويقول التقرير إن روسيا تواصل تحدي النظام الدولي عبر مفهوم "القوى الحضارية"، مستخدمة تدخلاتها لتبرير سياساتها في أوكرانيا والدول المجاورة، مؤكدا أنه ومع العقوبات الغربية والعزلة الدولية، تواجه موسكو قيودًا اقتصادية واجتماعية قد تحد من طموحاتها الجيوسياسية، مع الاعتماد على تحالفات استراتيجية مع الصين، وإيران، وكوريا الشمالية لإعادة موازنة القوى.
دور القوى الناشئة
وتطرق التقرير إلى قوى ناشئة، وقسمها كالآتي:
- الهند: تسعى لتوسيع نفوذها العالمي مع مواجهة التوترات الإقليمية مع الصين وباكستان.
- اليابان: تعزز قدراتها الدفاعية وتحالفاتها مع الولايات المتحدة لموازنة النفوذ الصيني.
- البرازيل: تعتبر التعددية القطبية فرصة لتعزيز مكانة الدول النامية، لكن عدم الاستقرار الداخلي يحد من تأثيرها.
- جنوب أفريقيا: تسعى لتعزيز التمثيل الأفريقي في المؤسسات العالمية، مع ميل متزايد نحو التوجهات غير الغربية.
نحو عالم أكثر استقطابًا أم تعاونًا؟
يختتم التقرير بالتساؤل حول مستقبل النظام الدولي: هل ستؤدي التعددية القطبية إلى تعاون وشمولية، أم إلى مزيد من الاستقطاب والصراعات؟، مؤكدا التقرير أن إدارة المخاطر عبر الدبلوماسية، والتعاون متعدد الأطراف، والالتزام بالمعايير الدولية ضرورية لضمان استقرار النظام العالمي في المستقبل.