حرب السادس من أكتوبر.. ماذا نعرف عنها؟
ملخص :
في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973م، الموافق العاشر من رمضان 1393هـ، شنت مصر، وسوريا حربا ضد إسرائيل لاستعادة الأراضي المحتلة؛ سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، قبل أن يتوقف إطلاق النار في 24 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، فماذا نعرف عنها؟
تسمية الحرب
تُعرف هذه المواجهة بـ "حرب العاشر من رمضان"، أو "حرب السادس من أكتوبر"، بينما تُسمى في إسرائيل "حرب يوم كيبور"، أو "عيد الغفران"، وتعد هذه الحرب الرابعة بين العرب وإسرائيل بعد الحروب السابقة أعوام: 1948، 1956، و1967.
التمهيد للحرب: من النكسة إلى الاستعداد للتحرير
- في عهد الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر، تكبدت مصر هزيمة كبيرة في حرب السادس من يونيو/حزيران 1967، سقطت خلالها سيناء، وغزة، والجولان بيد إسرائيل، كما فقدت الضفة الغربية، والقدس لاحقًا.
- بعد شهور من هذه النكسة، بدأت مصر التحضير لتحرير سيناء، إذ انطلقت حرب الاستنزاف في يونيو/ حزيران 1968، لتحويل الاستراتيجية المصرية من الصمود إلى مرحلة الردع الفعال.
- وبتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 1970، توفي الرئيس عبد الناصر، وتولى المنصب خلفًا له محمد أنور السادات، الذي كرّس جهود أكثر من عامين للإعداد لتحرير الأراضي المحتلة.
- في أبريل/نيسان 1973، أي قبل ستة أشهر من الحرب، أرسل العراق إلى مصر نحو 20 طائرة من طراز "هوكر هنتر" البريطانية مع طياريها، وفق اتفاق تعاون جوي بين الحكومتين، وهو ما اتضح لاحقًا كجزء من الاستعدادات السرية للحرب.
- نصحت الاستخبارات السوفياتية الرئيس السادات باختيار السادس من أكتوبر/تشرين الأول لشن الهجوم على الجيش الإسرائيلي، معتبرة هذا اليوم أفضل توقيت لتحقيق عنصر المفاجأة، كما أطلقت الأقمار الصناعية السوفياتية تغطية مكثفة للشرق الأوسط منذ الثالث من أكتوبر، استعدادًا للرصد الاستخباراتي أثناء المعركة.
انطلاق المعركة.. هجوم مصري وسوري مفاجئ
بدأت الحرب يوم السبت السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1973 بهجوم مباغت من الجيش المصري على قوات إسرائيل في سيناء، والجيش السوري على القوات الإسرائيلية في هضبة الجولان.
توغلت القوات المصرية نحو 20 كيلومترًا شرق قناة السويس، بينما تمكن الجيش السوري من التوغل في عمق هضبة الجولان.
وتدخلت القوى العظمى آنذاك بشكل غير مباشر، حيث زود الاتحاد السوفياتي وتشيكوسلوفاكيا مصر وسوريا بالأسلحة، فيما قدمت الولايات المتحدة الدعم العسكري لإسرائيل.
وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول، استغاثت رئيسة الوزراء الإسرائيلية -آنذاك-، غولدا مائير، بالولايات المتحدة، التي أنشأت جسرًا جويًا لنقل أسلحة متطورة إلى إسرائيل، في محاولة لتجنب ما وصفه وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر بـ "الكارثة".
مراحل الحرب: الهجمات المضادة والتطورات الميدانية
- ساعدت الولايات المتحدة عبر أقمارها الصناعية إسرائيل في تحديد مواقع القوات المصرية ونقاط الضعف، ما مكّن الجيش الإسرائيلي من اختراق الخطوط المصرية والعبور إلى الضفة الغربية للقناة.
- وشن الجيش الإسرائيلي هجومًا معاكسًا على الجبهة السورية، بينما طلبت سوريا من مصر تطوير الهجوم في سيناء لتخفيف الضغط عن هضبة الجولان، ما أدى إلى خلاف بين القادة المصريين بشأن خطة التطوير.
- في صباح 14 أكتوبر/تشرين الأول، انطلقت قوات التطوير المصرية شرقي القناة، لكنها وقعت في كمين إسرائيلي، ما أسفر عن خسائر كبيرة، وشاركت في المعركة نحو 2000 دبابة، ودمرت إسرائيل 250 دبابة مصرية، واضطرت القوات المصرية إلى التراجع حفاظًا على أرواح الجنود وتجنبًا لانكشاف خطوطها.
- وفي ليل 14 أكتوبر، اجتازت قوة إسرائيلية صغيرة قناة السويس إلى الضفة الغربية، ما أدى إلى تطويق الجيش الثالث المصري وظهور ما عرف بـ "ثغرة الدفرسوار".
- وبتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول، سيطرت إسرائيل على منطقة العبور عبر البحيرات المرة، وعبرت ثلاث فرق عسكرية إلى الضفة الغربية، وصولًا إلى تخوم مدينة السويس.
- صدر مجلس الأمن قرار بوقف إطلاق النار في 21 أكتوبر، لكن إسرائيل دفعت بقوات إضافية لتعزيز موقعها، واستمرت العمليات حتى إصدار قرار تأكيد وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر، مع توقيع مصر وإسرائيل عليه.
- طالب الرئيس السادات بإرسال قوات دولية لضمان تنفيذ وقف إطلاق النار، فوافق الاتحاد السوفياتي، فيما اعترضت الولايات المتحدة، لكن القتال توقف رسميًا في 24 أكتوبر/تشرين الأول.
اتفاقية فك الاشتباك.. استعادة الأرض وإرساء السلام
انتهت الحرب رسميًا في 31 مايو/أيار 1974 بتوقيع اتفاقية فك الاشتباك، حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا، وضفة قناة السويس الشرقية لمصر، مع إنشاء قوة مراقبة للأمم المتحدة لضمان الالتزام بالاتفاقية.
ولعب حينها وزير الخارجية الأميركي، هنري كيسنجر، دور الوسيط بين الجانبين، وامتدت الجهود لاحقًا إلى توقيع اتفاقية السلام الشاملة في "كامب ديفيد" عام 1979.
نتائج الحرب: مكاسب استراتيجية وسياسية
- استعادة السيادة المصرية الكاملة على قناة السويس وعودة الملاحة فيها بدءًا من يونيو/حزيران 1975.
- استعادة مصر لجميع أراضيها في شبه جزيرة سيناء.
- استعادة سوريا جزءًا من مرتفعات الجولان، بما فيها مدينة القنيطرة.
- تمهيد الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، الذي أُبرم في سبتمبر/أيلول 1978 بعد زيارة الرئيس السادات للقدس في نوفمبر/تشرين الثاني 1977.
الخسائر البشرية والمادية
الخسائر العربية:
- إجمالي الشهداء: 8,528 مدنيًا وعسكريًا، والجرحى: 19,549.
- مصر: 500 دبابة مدمرة، 120 طائرة حربية، 15 مروحية.
- سوريا: 500 دبابة مدمرة، 117 طائرة، 13 مروحية.
- العراق: 137 دبابة مدمرة، 26 طائرة.
- الأردن: 18 دبابة مدمرة.
الخسائر الإسرائيلية:
- 2,656 قتيلًا، و7,250 جريحًا.
- أكثر من 340 أسيرًا.
- تدمير 400 دبابة، بالإضافة إلى الاستيلاء على دبابات عربية.
- تدمير أكثر من 300 طائرة حربية و25 مروحية.
