في ذكرى إعدام "جيفارا" أيقونة الثورة الكوبية.. ماذا نعرف عنه؟

ملخص :
النشأة والأسرة
- وُلد جيفارا في مدينة روساريو بالأرجنتين، والأكبر بين خمسة أطفال لعائلة ذات جذور إيرلندية وإسبانية باسكية.
- نشأ في بيئة مثقفة ذات ميول يسارية، حيث كان والده مؤيدًا للجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإسبانية، واستضاف في منزله كثيرًا من قدامى المحاربين.
- تزوج جيفارا مرتين، أولًا من هيلدا جاديا، والتي انتهى زواجهما بالطلاق عام 1959، ثم من أليدا مارش، إحدى أعضاء حركة 26 يوليو، التي عاش معها منذ 1958 حتى وفاته.
الحياة الفكرية والاهتمامات الأدبية
نشأ جيفارا في بيت مليء بالكتب، حيث كان لديه أكثر من ثلاثة آلاف كتاب تتراوح بين الأدب العالمي والفلسفة والسياسة والتاريخ. قرأ أعمال كارل ماركس، وليون، وألبرت كامو، وفريدريك إنجلز، وجواهر لال نهرو، وفلاديمير لينين، وجان بول سارتر، وفرانز كافكا، وغيرهم.
كما اهتم بالشعر، وتأثر ببابلو نيرودا، وأنطونيو ماتشادو، وفيديريكو غارسيا لوركا، ووالت ويتمان، وكان قادرًا على اقتباس أبياتهم عن ظهر قلب. هذه الخلفية الأكاديمية والثقافية ساهمت في تشكيل شخصيته الثورية وفكره النقدي تجاه الظلم الاجتماعي والاقتصادي.
رحلة الدراجة النارية: بداية الوعي الثوري
في عام 1951، أثناء دراسته في كلية الطب بجامعة بوينس آيرس، انطلق جيفارا في رحلة عبر أمريكا اللاتينية على متن دراجة نارية مع صديقه ألبيرتو غرانادو، وزار خلالها المناطق النائية والفقراء والمستعمرات الصحية، بما في ذلك مستعمرة سان بابلو لمرضى الجذام في بيرو.
شاهد جيفارا الفقر المدقع والظلم الاجتماعي، ما دفعه إلى استنتاج أن التفاوت الاقتصادي في أمريكا اللاتينية متجذر بسبب الرأسمالية الاحتكارية والاستعمار الجديد والإمبريالية، مدركا أن الحل يكمن في الثورة الاجتماعية والسياسية.
المشاركة في الثورة الكوبية
بعد وصوله إلى مدينة مكسيكو، التقى جيفارا براؤول، وفيدل كاسترو، المنفيين الذين كانوا يخططون للإطاحة بنظام الديكتاتور، كوبى فولغينسيو باتيستا، المدعوم من الولايات المتحدة، وانضم جيفارا لحركة 26 يوليو، وشارك في غزو كوبا على متن يخت غرانما، حيث خسر معظم المقاتلين حياتهم، وبقي جيفارا ضمن مجموعة صغيرة نجت لتستكمل القتال في جبال سييرا مايسترا.
برز جيفارا بسرعة بين المقاتلين، وتم ترقيته إلى الرجل الثاني في القيادة بعد فيدل كاسترو، ولعب دورًا محوريًا في تنظيم المجندين، وتدريب المقاتلين، وإنشاء العيادات والمصانع الصغيرة، وإقامة محطات إذاعية سرية مثل راديو ريبيلدي لنقل أخبار الثورة.
الانتصار وبناء الدولة
قاد جيفارا معارك حاسمة، أبرزها معركة سانتا كلارا، التي كانت نقطة التحول الكبرى في الثورة الكوبية، وبعد الانتصار، عين مديرًا للبنك الوطني، وزيرًا للصناعة، ورئيسًا للقوات المسلحة، كما شارك في صياغة قوانين الإصلاح الزراعي، وإدارة المحاكم الثورية.
كما لعب دورًا أساسيًا في مواجهة غزو خليج الخنازير، وإدخال الصواريخ السوفييتية إلى كوبا، ما أدى إلى أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، كما ساهم في الدبلوماسية الدولية، ممثلًا للاشتراكية الكوبية في الأمم المتحدة وحول العالم.
الفكر الثوري والنضالات الدولية
رفض جيفارا الاعتماد على الاتحاد السوفييتي بشكل كامل، وكان يطالب بالثورات المحلية المستقلة، ساعيا إلى تحفيز الحركات الثورية في الكونغو ثم بوليفيا، معتبراً أن الثورات لا يجب أن تجمد في مقرات السلطة، بل يجب أن تتحرك دائمًا لدعم الشعب والحرية.
الانسحاب من الحياة العامة
في أكتوبر 1965، أعلن جيفارا استقالته من جميع مناصبه الرسمية في كوبا، بما في ذلك قيادته للحزب ومنصبه كوزير، معلنًا أن ارتباطه بالشعب الكوبي هو ارتباط أخلاقي وروحي وليس قانونيًا، مكرسا نفسه لاحقًا للعمل الثوري في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، متبعًا قناعاته بأن الثورة يجب أن تكون مستمرة وعالمية.
الاعتقال والإعدام
في بوليفيا، تم القبض على جيفارا في 7 أكتوبر 1967 بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والقوات البوليفية، رغم إصاباته، أظهر شجاعة غير عادية، ورفض الاستسلام الكامل.
وفي صباح 9 أكتوبر 1967، أصدر الرئيس البوليفي رينيه باريينتوس قرار إعدام جيفارا، حيث أُطلق عليه تسع رصاصات، لتكون وفاته معلماً بارزًا في التاريخ الثوري العالمي، وبذلك انتهت حياة رمز عالمي للنضال من أجل العدالة الاجتماعية والتحرر.
إرثه وتأثيره العالمي
لا تزال شخصية تشي جيفارا تحظى بالاحترام والتبجيل، ويُحتفى بها في العديد من السير الذاتية، والمقالات، والأفلام الوثائقية، وأدرجته مجلة تايم ضمن أكثر مائة شخصية تأثيرًا في القرن العشرين، فيما تعتبر صورته الشهيرة التي التقطها ألبرتو كوردا بعنوان غيريليرو هيروويكو واحدة من أشهر الصور في العالم.