اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.. من سيحاسب إسرائيل؟

ملخص :
في يوم السابع من أكتوبر 2023، اقتحم عناصر تابعة لحركة حماس المستوطنات الإسرائيلية على حزام غزة، وقامت بقتل عدد من الإسرائيليين، واختطاف أعداد أخرى، وبعدها بدأ الجحيم، حيث قام الاحتلال الإسرائيلي بشن حرب همجية استمرت لأكثر من عامين، اقترفت خلالها جرائم ضد الإنسانية، وصلت حد الإبادة الجماعية وفق العديد من المؤسسات الدولية والحقوقية، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين، واللافت للانتباه أيضا أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي كانت تستهدف الصحفيين بشكل ممنهج محاولة طمس الحقائق ومنعهم من نقل الحقيقة، وعقابهم على فضح ممارساتها وجرائهما في قطاع غزة.
الصحفيون الفلسطينيون في مرمى الاستهداف
حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، استشهد 252 صحفياً، بينهم 34 صحفية، في قطاع غزة خلال عامي الحرب، ولم يقتصر الأمر على القتل، بل أصيب 467 صحفياً وصحفية، ودمرت نحو 131 مؤسسة إعلامية بشكل كامل، في محاولة واضحة لإسكات صوت الإعلام الفلسطيني.
وأدت القيود الإسرائيلية على دخول المراسلين الأجانب إلى القطاع إلى صعوبة نقل المعلومات وتوثيق الانتهاكات، مما جعل الصحفيين الفلسطينيين هم الشهود الوحيدون على جرائم الاحتلال.
أرقام غير مسبوقة
تعد أعداد الصحفيين الذين قتلوا في غزة خلال عامين الأعلى في التاريخ مقارنة بالحروب والنزاعات المسلحة السابقة، وبحسب بيانات حقوقية موثوقة، إليك مقارنة مع الحروب الكبرى:
- الحرب العالمية الأولى (1914-1918): تشير الروايات إلى مقتل 3 صحفيين تقريبًا، مع غياب سجلات دقيقة.
- الحرب العالمية الثانية (1939-1945): سجل مقتل 67 مراسلاً صحفياً.
- الحرب الكورية (1950-1953): حوالي 17 صحفياً قُتلوا.
- حرب فيتنام (1955-1975): بين 63 و71 صحفياً.
- حرب العراق (2003-2013): 230 صحفياً ومعاونًا إعلامياً.
- الحرب الأوكرانية-الروسية (منذ 2022): نحو 20 صحفياً.
- الحرب على غزة (2023-2025): 252 صحفياً، الرقم الأعلى على الإطلاق.
فشل الإدانات الدولية والحقوقية
على الرغم من صدور إدانات متكررة من منظمات دولية وحقوقية بحق الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في غزة، إلا أن هذه التحركات لم تؤدِ إلى أي تغيير ملموس على الأرض، فقد أصدرت الأمم المتحدة، واللجنة الدولية لحماية الصحفيين، ومنظمات حقوق الإنسان بيانات وإشعارات شديدة اللهجة تدين الاستهداف الممنهج للإعلاميين، لكنها لم تتمكن من إجبار الاحتلال الإسرائيلي على وقف حملته ضد الصحفيين، أو محاسبة مرتكبي الجرائم.
الإفلات من العقاب يضاعف المخاطر
رغم هذه الأرقام الصادمة، لم تتم محاسبة مرتكبي هذه الجرائم، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، ويؤكد خبراء أن استمرار الإفلات من العقاب يعكس ضعف المجتمع الدولي في فرض القانون الدولي، ويدعم ثقافة الإفلات من العقاب التي تهدد حرية الصحافة في جميع مناطق النزاع.
وقالت رئيسة اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، جودي جينسبيرغ، إن إسرائيل لم تُحاسب قط على قتل أي صحفي خلال الـ 24 سنة الماضية، موضحة أن أكثر من 200 صحفي، بينهم الشهيدة شيرين أبو عاقلة، قُتلوا منذ عام 2022 وحده، مؤكدة أن هذا يشكل تهديدًا خطيراً للصحافة حول العالم، حيث يتيح الإفلات من العقاب للقتلة الاستمرار في ممارساتهم.
كما شددت على أن إسرائيل مستمرة في انتهاك القانون الدولي الإنساني، بينما فشل المجتمع الدولي في إجبارها على احترام هذا القانون، مما يزيد من المخاطر التي يتعرض لها الإعلاميون في مناطق النزاع.
إن اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب يسلط الضوء على معاناة الصحفيين في مناطق النزاع، ويذكّر المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لحماية الإعلاميين وضمان محاسبة مرتكبي الجرائم بحقهم، في قطاع غزة، تظل الحقيقة تحت مرمى النيران، والصحفيون هم الشهود على انتهاكات لم يعرف التاريخ مثلها؟





