الكنيست الإسرائيلي يقر مشروع قانون يتيح إعدام الأسرى الفلسطينيين

ملخص :
قُدم مشروع القانون من قبل النائبة عن حزب "عظمة يهودية"، ليمور سون هار ميلاخ، وقد جرى تحويله إلى الهيئة العامة للكنيست لبدء مناقشته والتصويت عليه في القراءات الثلاث اللازمة لتطبيقه، وفق الإجراءات التشريعية المعتمدة.
وأكد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، عقب التصويت، أن القانون يشكل "تحقيقاً لحلم"، مشيراً إلى أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) لن يمتلك أي صلاحية تقديرية في تطبيق العقوبة.
خلفيات التأجيل والاعتبارات الأمنية
كان من المقرر مناقشة القانون في سبتمبر/أيلول الماضي، إلا أن منسق شؤون الأسرى، غال هيرش، طلب تأجيله، خشية ردود فعل انتقامية من فصائل المقاومة الفلسطينية قد تؤدي إلى إعدام أسرى إسرائيليين.
وبحسب المذكرة التفسيرية المرفقة بالمشروع، فإن أي شخص يُدان بقتل إسرائيلي بدافع قومي سيُحكم عليه بالإعدام إلزاماً، دون أي تقدير قضائي، على أن يُنفذ الحكم بأغلبية آراء القضاة، مع استبعاد أي إمكانية لتخفيف العقوبة بعد صدور الحكم النهائي.
دعم الحكومة والتباين داخل السلطة التنفيذية
رحبت حكومة نتنياهو بمصادقة لجنة الأمن القومي على المشروع، فيما أكد، غال هيرش، أن رئيس الوزراء كان قد عارض مناقشة القانون سابقاً خشية تعريض الأسرى الإسرائيليين للخطر خلال مفاوضات التبادل، لكنه أشار إلى أن "الظروف تغيرت" مع تضييق إسرائيل عسكرياً وسياسياً على حركة حماس.
ورفض بن غفير أي صلاحيات تقديرية أو استثناءات، مؤكداً أن "كل من يقتل الأطفال والنساء والمسنين يجب أن يواجه عقوبة واحدة فقط هي الإعدام"، وأن حزبه لن يقبل أي تخفيف أو تعديل في تطبيق القانون.
حملة التشريع وتصعيد الائتلاف
يأتي التصعيد التشريعي في ظل ضغوط من بن غفير على الائتلاف الحاكم، حيث هدد بأن حزبه سيتوقف عن دعم مشاريع القوانين إذا لم يُدرج القانون على جدول أعمال الكنيست خلال ثلاثة أسابيع، ويؤكد الاتفاق الائتلافي بين حزبه والليكود على ضرورة سن قانون الإعدام خلال الولاية الحالية، وهو ما يعكس ضغطاً مستمراً على الحكومة لإقرار القانون.
الانتقادات المحلية والدولية
انتقدت صحيفة "هآرتس" القانون، معتبرة أنه "عنصري ومخز"، وسيشكل "وصمة لا تمحى" في تاريخ إسرائيل إذا أُقر نهائياً، مشيرة إلى أن فرض عقوبة الإعدام الإلزامية دون تقدير قضائي يتعارض مع قيم الديمقراطيات الحديثة، وأن القانون يحمل طابعاً تمييزياً، إذ يستهدف الفلسطينيين دون غيرهم من المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية.
وحذرت الصحيفة من أن القانون سيضر بصورة إسرائيل الدولية، ويؤكد أنها تسير في مسار تشريعي عنصري يخالف القانون الدولي الإنساني، خاصة إذا تم تطبيقه في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الرد الفلسطيني والمواقف الحقوقية
أبدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، رفضاً شديداً لمشروع القانون، معتبرين أنه "تصعيد خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني"، وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، رائد أبو الحمص، أن القانون يمنح الاحتلال الغطاء القانوني لتنفيذ عمليات الإعدام بشكل انتقامي، داعياً المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية إلى التحرك الفوري لوقف القانون ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المستمرة بحق الأسرى.
فيما أشار نادي الأسير في بيان صادر عنه، إلى أن إسرائيل تمارس فعلياً عقوبة الإعدام منذ سنوات من خلال الإعدامات الميدانية والإهمال الطبي المتعمد، مؤكداً أن 81 أسيراً استشهدوا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم معتقلون من غزة أُعدموا أو أُخفي بعضهم قسراً.
منظمة التعاون الإسلامي تُدين
أدانت منظمة التعاون الإسلامي في بيان صدَرَ عنها، اليوم الأربعاء، مشروع قانون إسرائيلي يجيز إعدام الأسرى الفلسطينيين، وعَدَّت أن هذه التشريعات العنصرية الباطلة تمثل انتهاكاً واضحاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، داعية المجتمع الدولي إلى تحمُّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، والعمل على وقف جميع انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
القانون الدولي وعقوبة الإعدام
ألغى القانون الدولي عقوبة الإعدام في معظم المعاهدات الدولية، إلا أن استمرار إسرائيل في تقنين هذه العقوبة يكشف عن تعاملها "كدولة فوق القانون"، مستفيدة من تواطؤ المجتمع الدولي وصمته على جرائمها.
ويعد القانون تطوراً خطيراً في التعامل الإسرائيلي مع الأسرى، إذ يحوّل الإعدام من ممارسة غير قانونية إلى سياسة رسمية معلنة تستهدف الفلسطينيين جماعياً، في خرق واضح للمعايير الدولية وحقوق الإنسان.
إقرار القانون له تداعيات محتملة، إذ قد يفاقم التوتر في الأراضي الفلسطينية، ويشعل موجة جديدة من التصعيد بين إسرائيل وفصائل المقاومة، مما يعقد جهود التهدئة ويزيد من المخاطر الأمنية على الجانبين.





