الذخائر غير المنفجرة خطر يهدد حياة الغزيين

ملخص :
حذّرت منظمة "هانديكاب إنترناشونال" من أن الذخائر غير المنفجرة في قطاع غزة تشكل تهديدًا هائلًا على حياة النازحين الذين بدأوا بالعودة إلى منازلهم المدمّرة، داعية المجتمع الدولي إلى السماح العاجل بإدخال المعدات الخاصة بإزالة الألغام والمتفجرات إلى القطاع، على غرار ما طالبت به الأمم المتحدة سابقًا.
70 ألف طن من المتفجرات سقطت على غزة
وقالت آن-كلير يعيش، مديرة المنظمة في الأراضي الفلسطينية، في بيان رسمي، إن "حجم المخاطر ضخم للغاية"، مشيرةً إلى أن التقديرات الأولية تشير إلى أن نحو 70 ألف طن من المتفجرات أُلقيت على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، مذكرة بأن "هانديكاب إنترناشونال" هي منظمة غير حكومية متخصصة في إزالة الألغام، ومساعدة ضحاياها في مناطق النزاعات حول العالم.
أنقاض كثيفة ومناطق مكتظة تعقّد إزالة المتفجرات
وأضاف البيان أن الدمار الواسع في غزة خلق بيئة بالغة التعقيد، إذ تراكمت طبقات كثيفة من الأنقاض فوق مساحات محدودة، في مناطق حضرية مكتظة بالسكان، مما يجعل عمليات إزالة المتفجرات أكثر صعوبة وخطورة، وأكدت آن-كلير بقولها "نحن أمام وضع شديد الخطورة في بيئة معقدة للغاية"، لافتةً إلى أن أي عمل ميداني لإزالة الذخائر يتطلب تجهيزات خاصة لا يمكن تنفيذها بالوسائل المتاحة حاليًا.
الأمم المتحدة: نسبة كبيرة من الذخائر لم تنفجر
وفي تقرير صدر في يناير/ كانون الثاني، قدّرت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (UNMAS) أن من 5 إلى 10 في المئة من الذخائر التي أُطلقت على القطاع لم تنفجر بعد، وهو ما يجعلها مصدر خطر دائم على المدنيين.
ويأتي هذا التحذير بينما دخل وقف إطلاق النار الثالث في الحرب حيّز التنفيذ يوم الجمعة الماضي، في محاولة جديدة لتهدئة الأوضاع الميدانية.
قيود تعيق عمليات المسح والتقييم
وأكدت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام أنها لم تتمكن خلال العامين الماضيين من إجراء مسوحات شاملة في غزة، بسبب القيود الأمنية والإدارية المفروضة على عملها في القطاع.
وقالت الدائرة في بيان لها "نتيجة لهذه الظروف، لا نملك حتى الآن صورة دقيقة وشاملة لحجم التهديد الذي تمثله الذخائر والمتفجرات غير المنفجرة في غزة، مؤكدة أن نقص البيانات الميدانية يعقّد عملية تقدير حجم الخطر ووضع خطط الاستجابة الطارئة.
تقييمات محدودة للمخاطر على الطرق الرئيسية
من جانبه، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن الفرق الإنسانية الميدانية تمكنت من إجراء تقييمات جزئية للمخاطر المرتبطة بالمتفجرات على الطرق الرئيسية فقط.
وأشار المكتب إلى أن دائرة الأمم المتحدة للألغام لا تمتلك سوى عدد محدود من المركبات المدرّعة داخل القطاع، الأمر الذي يقلّص عدد عمليات التقييم التي يمكن تنفيذها يوميًا.
معدات عالقة على الحدود بانتظار الموافقة الإسرائيلية
ولفتت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام إلى أنها ما زالت بانتظار موافقة السلطات الإسرائيلية على إدخال المعدات الضرورية لبدء عمليات إزالة الذخائر غير المنفجرة، مشيرة إلى أن ثلاث مركبات مدرعة ما زالت متوقفة على الحدود في انتظار الإذن بالدخول إلى غزة، مضيفة أن هذه المركبات، في حال السماح بدخولها، ستتيح تنفيذ عمليات ميدانية أكثر أمانًا وفعالية وعلى نطاق أوسع.
وأكدت الدائرة أن إدخال تلك المعدات يمثل خطوة حاسمة لتقليل الخطر على العاملين الإنسانيين والمدنيين، وتمهيد الطريق أمام إعادة الإعمار الآمنة للمناطق المتضررة.
كارثة إنسانية مركّبة
يأتي هذا التحذير الجديد ليضاف إلى سلسلة من التنبيهات الصادرة عن منظمات دولية وإنسانية منذ أشهر، تؤكد أن الذخائر غير المنفجرة أصبحت تهديدًا طويل الأمد في غزة، ليس فقط على السكان العائدين، بل أيضًا على فرق الإغاثة والإنقاذ العاملة في الميدان.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نسبة الدمار في القطاع غير مسبوقة، وأن إزالة الركام وإعادة تأهيل البنية التحتية لن تكون ممكنة قبل تأمين المناطق من مخاطر المتفجرات.
كما حذّرت من أن استمرار القيود المفروضة على دخول المعدات والفرق الفنية سيؤدي إلى إبطاء عملية التعافي الإنساني والاقتصادي لسنوات قادمة.
مطالبات دولية بتمكين جهود إزالة الألغام
وجدّدت "هانديكاب إنترناشونال" دعوتها إلى المجتمع الدولي والجهات المعنية بالملف الفلسطيني للضغط على السلطات الإسرائيلية من أجل السماح الفوري بإدخال معدات إزالة الألغام وتسهيل عمل الفرق المتخصصة، مؤكدة أن كل يوم تأخير يزيد من احتمالات وقوع ضحايا جدد، ومشددة على أن نجاح أي جهود لإعادة الإعمار أو إعادة توطين السكان مرهون بتهيئة بيئة آمنة وخالية من المتفجرات، وهو ما يتطلب تنسيقًا وثيقًا بين المؤسسات الأممية والمنظمات غير الحكومية والدول المانحة.
خاتمة: ضرورة تحرك عاجل
مع تزايد التحذيرات الدولية، يتضح أن غزة تواجه خطرًا مزدوجًا: دمار الحرب من جهة، وتهديد الذخائر غير المنفجرة من جهة أخرى. وبينما يسعى المدنيون للعودة إلى بيوتهم، تبقى مخاطر الانفجارات الكامنة تحت الأنقاض تهدد حياتهم ومستقبلهم.
وترى المنظمات الإنسانية أن التحرك العاجل لتأمين القطاع هو شرط أساسي لأي استقرار أو إعادة إعمار، وأن تجاهل هذا الملف يعني ترك آلاف المدنيين تحت رحمة موت مؤجل.