رغم المعارضة الأميركية.. الكنيست الإسرائيلي يصوت لصالح ضم الضفة الغربية

ملخص :
أعلن الكنيست في بيان رسمي نشر على موقعه الإلكتروني أن الهيئة العامة أقرّت بالقراءة التمهيدية مشروع قانون يهدف إلى تطبيق سيادة دولة إسرائيل على مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، والذي قدّمه النائب آفي معوز عن كتلة "نوعام" اليمينية.
وأشار البيان إلى أن التصويت شهد تأييد 25 عضوا مقابل معارضة 24، وسيُحال المشروع إلى لجنة الخارجية والدفاع لمناقشته قبل عرضه للقراءة الأولى من أصل ثلاث قراءات ليصبح قانونًا نافذًا.
نص المشروع
وينص مشروع القانون على أن "قوانين دولة إسرائيل وسلطتها القضائية والإدارية ستُطبق على جميع مناطق المستوطنات في يهودا والسامرة"، مع التركيز على أن الضم يستند إلى الحقوق التاريخية والطبيعية للشعب اليهودي، ومرجعيات قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في نوفمبر 1947، الذي اقترح تقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، مع وضع خاص للقدس تحت إدارة دولية.
ويثير المشروع جدلاً دولياً، إذ أن الضفة الغربية لم تُدرج ضمن حدود الدولة اليهودية وفق القرار آنذاك، وهو ما يجعل تطبيق القانون الإسرائيلي على المنطقة يشكل عقبة أمام مبدأ حل الدولتين الذي نصت عليه قرارات الأمم المتحدة.
مشروع القانون الثاني: ضم مستوطنة معاليه أدوميم
وصوّت الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون لتطبيق السيادة الإسرائيلية على مستوطنة معاليه أدوميم، الذي قدمه النائب، أفيغدور ليبرمان، كتلة "إسرائيل بيتنا"، بالتعاون مع عدد من أعضاء الكنيست.
وحظي المشروع بتأييد 32 عضواً مقابل 9 معارضين، وسيحال إلى لجنة الخارجية والدفاع قبل عرضه للقراءة الأولى من أصل ثلاث قراءات ليصبح قانونًا نافذًا.
وأوضح الكنيست أن القانون المقترح يهدف إلى تطبيق "قوانين إسرائيل وسلطتها القضائية والإدارية على معاليه أدوميم"، مستشهداً بملاحظات توضيحية تشير إلى أن المستوطنة تأسست عام 1977، ويبلغ عدد سكانها حوالي 40 ألف نسمة.
وتقع معاليه أدوميم شرق القدس، على طول طريق القدس- البحر الميت، عند مفترق طرق استراتيجي، وهو ما يجعلها نقطة محورية لتأمين الطريق إلى القدس. ووفق نص المشروع، تعتبر المستوطنة جزءًا لا يتجزأ من "أرض إسرائيل التاريخية"
تداعيات الضم على حل الدولتين
يُعد ضم الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، خطوة تصادم القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الأراضي الفلسطينية محتلة منذ عام 1967، ويؤدي هذا الضم إلى عزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني الشرقي، وتقسيم الضفة الغربية إلى جزأين، مما يقوض بشكل مباشر إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وأعلنت الولايات المتحدة، في سبتمبر الماضي، على لسان الرئيس السابق دونالد ترامب، رفضها السماح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، فيما حث 46 عضواً ديمقراطياً في مجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس على منع هذه الخطوة.
كما حذّر وزير الخارجية الأميركي ماركو، روبيو، من أنّ إقرار الكنيست الإسرائيلي مشاريع قوانين تهدف لتوسيع نطاق السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة قد يهدّد وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة، قائلا للصحافيين قبيل توجّهه إلى إسرائيل التي سيزورها، اليوم الخميس، "أعتقد أنّ الرئيس أكّد أنّ هذا ليس أمرا يمكننا دعمه في الوقت الحالي"، مشيرا إلى أنّ إقرار أيّ من النصوص المطروحة أمام الكنيست سيهدّد وقف إطلاق النار، وسيؤتي نتائج عكسية.
واقع التوسع الاستيطاني الإسرائيلي
وحسب تقرير صادر عن "مجموعة الأزمات الدولية" بعنوان "السيادة من دون اسم: إسرائيل تسارع لضم الضفة الغربية"، فإن السنوات الأخيرة شهدت تكثيف مساعي الاحتلال الإسرائيلي لفرض سيادته على الضفة الغربية عبر توسيع النفوذ في مناطق واسعة تتجاوز خط الهدنة لعام 1967، وفي 2024، أكدت محكمة العدل الدولية أن إسرائيل تجاوزت الحدود نحو الضم الفعلي، من خلال نقل الصلاحيات إلى السلطات المدنية الإسرائيلية وفرض قوانينها على أجزاء واسعة من الضفة.
وأظهر التقرير أن تل أبيب شرعت فعلياً في الضم بعد تولي وزراء من أقصى اليمين مناصبهم منذ 2022، مع التركيز على توسيع المستوطنات وفرض السيطرة الإدارية على الفلسطينيين، مشيرا إلى أن وزير المالية سموتريتش، المعروف بمواقفه العدائية للفلسطينيين، ساهم في تحويل طموحات المستوطنين إلى واقع ملموس عبر طرد الفلسطينيين وإلحاقهم بأماكن معزولة خاضعة لسيطرة الاحتلال.
التحذيرات الدولية والدور الدبلوماسي
وحذر تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" من أن استمرار الضم بشكل غير قانوني يقلل من فرص إقامة دولة فلسطينية، ويقيد الحقوق الأساسية للفلسطينيين في الضفة. مؤكدا أن الفاعلين الدوليين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول العربية، يمكنهم ممارسة ضغط دبلوماسي وتجاري لإيقاف التوسع وفرض قيود على تصدير السلاح إلى إسرائيل، في محاولة لمنع تثبيت الوضع القائم.
وأضاف التقرير أن الضم الرسمي لم يُعلن بعد تجنباً لتأكيد الانطباع بأن إسرائيل تمارس الفصل العنصري وتخرق القوانين الدولية، مع الإشارة إلى أن النشاط الاستيطاني المستمر قد يعزز سيطرة إسرائيل على الضفة بشكل دائم حتى من دون إعلان رسمي.
إعادة هيكلة الاحتلال وتحويل السلطة
وحسب التقرير تعمل حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة على إعادة هيكلة الاحتلال في الضفة الغربية عبر نقل السلطة من المؤسسات العسكرية إلى مؤسسات مدنية، بما يتيح فرض سيطرة قانونية مستمرة على المنطقة، ومع اتساع نفوذ القانون الإسرائيلي، تقلّص المجال المتاح للاستقلال الفلسطيني، في ظل استمرار نشر المستوطنات وفرض وقائع على الأرض تتوافق مع سياسة الضم.
وأكد التقرير أن التحركات الإسرائيلية تمحو الفوارق بين الحياة في مستوطنات الضفة وبين الحياة داخل إسرائيل، فيما يواجه الفلسطينيون حرماناً متزايداً من حقوقهم الأساسية، ويصبح حلم الدولة الفلسطينية أقل واقعية من أي وقت مضى.
التحديات المستقبلية والخيارات المتاحة
خلص التقرير إلى أن العقبات أمام حل الدولتين طويلة ومعقدة، وأن أي ضم مستقبلي لن يحقق نتائج إيجابية سواء للشعب الفلسطيني أو الإسرائيلي، لكنه شدّد على أن الصبر والاستمرارية والتنسيق بين الفاعلين الدوليين قد يتيح فرصاً لتغيير سلوك إسرائيل، بينما غياب هذه الجهود سيؤدي إلى تثبيت الوضع القائم وحرمان الفلسطينيين من دولتهم.
واختتم التقرير بالتأكيد على أهمية استغلال الفرص الدبلوماسية، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة، للضغط على إسرائيل لوقف سياسة التوسع وبدء العمل على عكس آثار الضم تدريجياً، حفاظاً على الحقوق الفلسطينية وسبل العيش الكريم للفلسطينيين في الضفة الغربية.





