فرض عقوبات أميركية جديدة على روسيا.. ما التفاصيل؟

ملخص :
فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، عقوبات على روسيا لأول مرة خلال ولايته الثانية تتعلق بالصراع في أوكرانيا، مستهدفاً شركتي النفط الروسيتين "لوك أويل"، و"روسنفت"، في تصعيد يعكس استياءه المتنامي من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب استمرار الحرب.
وزير الخزانة: العقوبات ضرورية لوقف "آلة الحرب" الروسية
أوضح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن العقوبات تأتي نتيجة "رفض بوتين إنهاء هذه الحرب العبثية"، مشيراً إلى أن الشركات المستهدفة تلعب دوراً أساسياً في تمويل ما وصفه بـ "آلة الحرب" التابعة للكرملين"، مضيفا أن الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ إجراءات إضافية إذا لزم الأمر.
ووصف الرئيس ترامب العقوبات بأنها "هائلة"، بينما لا يزال الخبراء منقسمين حول قدرتها على إبطاء الحرب الروسية أو دفع بوتين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، مع تأكيد بعضهم أن فاعليتها تعتمد بشكل كبير على مدى حزم الولايات المتحدة في تطبيقها.
تفاصيل العقوبات وتأثيرها على الشركات الروسية
وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، ستُجمّد جميع أصول شركتي "روسنفت"، و"لوك أويل" في الولايات المتحدة، فيما سيُمنع الشركات والأفراد الأميركيون من التعامل معهما، وتشمل الإجراءات أيضاً عشرات الشركات التابعة لهاتين المؤسستين.
كما هددت واشنطن بفرض عقوبات ثانوية على المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل مع الشركتين، بما في ذلك البنوك التي تسهّل مبيعات النفط الروسي في دول مثل الصين والهند وتركيا.
حقائق عن الشركتين
أولاً: "روسنفت"
- يرأس الشركة إيغور سيتشين، الحليف القديم للرئيس فلاديمير بوتين.
- بلغ إنتاج النفط ومكثفات الغاز 184 مليون طن متري، أو 3.7 مليون برميل يومياً، في عام 2024، وهو ما يُمثل نحو 3.3 في المائة من إنتاج النفط العالمي. وحققت الشركة إيرادات بلغت 1.08 تريليون روبل (13.28 مليار دولار) العام الماضي.
- بلغ حجم تكرير "روسنفت" 82.6 مليون طن في روسيا عام 2024.
- وقّعت شركة "ريلاينس"، وهي شركة تكرير خاصة تُشغّل أحد أكبر مجمعات التكرير في العالم غرب الهند، العام الماضي اتفاقية ضخمة مدتها 10 سنوات مع "روسنفت" لتزويدها بنحو 500 ألف برميل يومياً من النفط الخام.
- تمتلك "روسنفت" أيضاً حصة 49 في المائة في شركة تكرير هندية رئيسية أخرى هي "نايارا"، التي تعتمد مصفاة "فادينار" التابعة لها، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 400 ألف برميل يومياً، حصراً على واردات النفط الروسي.
- تواجه شركة التكرير عقوبات من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا؛ مما دفع بها إلى خفض معدلات تشغيلها، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تتوقف تماماً عن استيراد النفط الخام الروسي.
ثانياً: "لوك أويل"
- يقع المقر الرئيسي لشركة "لوك أويل" في موسكو، وهي ثانية كبرى الشركات الروسية لإنتاج النفط، وتساهم بنحو اثنين في المائة من إنتاج النفط العالمي.
- بلغ إنتاج مكثفات النفط والغاز 80.4 مليون طن عام 2024 في روسيا. وحققت شركة "لوك أويل" أرباحاً بلغت 848.5 مليار روبل في عام 2024.
- بلغ حجم تكرير "لوك أويل" في روسيا 54.3 مليون طن في عام 2024.
- تُطوّر "لوك أويل" النفط في حقل "غرب القرنة2" النفطي العراقي؛ أحد أكبر حقول النفط في العالم. وتمتلك الشركة حصة 75 في المائة من الحقل، بينما تمتلك «شركة نفط الشمال» العراقية المملوكة للدولة 25 في المائة.
- أفادت وكالة "إنترفاكس" في أبريل/ نيسان الماضي بأن إنتاج الحقل تجاوز 480 ألف برميل يومياً
العقوبات وقطاع الطاقة الروسي
وتشكل الضرائب المفروضة على قطاع الطاقة نحو ربع ميزانية روسيا، وستساهم العقوبات الإضافية في تقييد قدرة "روسنفت"، و"لوك أويل" على ممارسة أعمالهما، ما يزيد الضغط على بوتين، وأشار مارشال بيلينغسلي، المسؤول السابق في وزارة الخزانة خلال ولاية ترامب الأولى، إلى أن تهديد الولايات المتحدة باستهداف البنوك التي تتعامل مع الشركتين سيكون من أهم الإجراءات، لأنه سيصعّب على الشركات استيراد النفط الروسي، مضيفا حتى لو أرادت المصافي الهندية والصينية والتركية الاستمرار في الشراء، فقد ترفض بنوكها التعاون.
لكن توماس غراهام، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، يقلل من جدوى العقوبات، مشيراً إلى أن الكرملين بارع جداً في التحايل على هذه الإجراءات ولا يُتوقع أن تغير سلوكه جذرياً.
تأثير العقوبات على الهند وأسواق النفط
تتوقع بعض التحليلات انخفاض تدفق النفط الروسي إلى الهند، الدولة التي برزت كمشترٍ رئيسي في السنوات الثلاث الماضية، وذكر محلل الطاقة، توماس أودونيل، أن ترامب يضغط على رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي لوقف الواردات، وأن العقوبات الأميركية قد تمنح المصافي الهندية وسيلة قانونية للخروج من عقود طويلة الأمد.
ويظل نجاح العقوبات مرتبطاً بمدى جدية الولايات المتحدة في متابعة تهديداتها ضد المؤسسات المالية التي تتعامل مع "روسنفت" و"لوك أويل".
ترامب وحرب أوكرانيا: وعود وصعوبات
خلال حملته الانتخابية في 2024، وعد ترامب بإنهاء حرب أوكرانيا "خلال 24 ساعة" حال انتخابه، لكن التحديات التي واجهها بعد العودة إلى البيت الأبيض أثبتت صعوبة المهمة، فقد تذبذب موقفه من الحرب، بين تصريحاته الشهر الماضي بأن أوكرانيا قادرة على استعادة كل الأراضي التي فقدتها منذ الغزو الروسي في 2022، واقتراحه هذا الأسبوع تقسيم منطقة دونباس بطريقة تمنح الجزء الأكبر تحت السيطرة الروسية.
الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا
ويواصل حلفاء أوكرانيا الضغط على ترامب لتقديم دعم إضافي، بما في ذلك خطة استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل الدفاع الأوكراني، ومن المتوقع أن يوافق قادة الاتحاد الأوروبي على قرض من دون فوائد بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، مدعوماً بالأصول الروسية المجمدة في أوروبا.
كما يضغط الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على الولايات المتحدة لتزويده بأسلحة بعيدة المدى لضرب عمق روسيا، وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن إدارة ترامب ستسمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى من حلفائها، مثل صواريخ "ستورم شادو" البريطانية المستخدمة مؤخراً في هجوم على مصنع روسي في بريانسك.
إلا أن ترامب نفى على وسائل التواصل الاجتماعي أي علاقة للولايات المتحدة بهذه الصواريخ، مؤكداً: "الولايات المتحدة ليس لها أي علاقة بهذه الصواريخ، ولا من أين أتت، ولا بما تفعله أوكرانيا بها".
خاتمة
بهذا، تواصل الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب تصعيد الضغوط الاقتصادية والسياسية على روسيا، مع استمرار تقييم فاعلية هذه الإجراءات في التأثير على مسار الحرب الأوكرانية والسياسات الروسية.





