أنفاق قناة السويس.. ماذا نعرف عنها؟

ملخص :
أثارت تصريحات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بشأن أنفاق قناة السويس التي تربط بين شبه جزيرة سيناء ومدن دلتا النيل جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات حول أهميتها ومساهمتها في المشروعات التنموية وتأمين محددات الأمن القومي المصري.
ربط سيناء بالدلتا: رؤية استراتيجية
وخلال احتفالية "مصر وطن السلام" بمناسبة ذكرى "نصر أكتوبر 1973"، أكد الرئيس السيسي أن مصر ربطت سيناء بالدلتا عبر ستة أنفاق تحت قناة السويس، قائلاً إن "سيناء والدلتا أصبحت قطعة واحدة"، مشددا على أهمية التنسيق بين الوزارات، خصوصاً التربية والتعليم والشباب، لتنظيم زيارات تعليمية لأبناء مصر الصغار إلى سيناء، مؤكداً أن النصر لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط، بل يأتي من قوة الشعب وإصراره على مواجهة التحديات.
وأشار خبراء إلى أن الأنفاق برهنت على وجود رؤية استشرافية للحكومة المصرية لتطورات الأوضاع الأمنية بالمنطقة، وسلطت الضوء على الإنجازات التنموية، بما يعزز جهود تأمين شبه جزيرة سيناء.
مشروع الأنفاق الأكبر في تاريخ مصر
تعد الأنفاق الستة التي ذكرها الرئيس المصري أكبر مشروع أنفاق في تاريخ مصر والشرق الأوسط، وتم تنفيذها ضمن مشروعات التنمية والتعمير في سيناء ومدن القناة، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات.
ووفق تقرير مجلس الوزراء المصري، بلغت تكلفة المشروع 35 مليار جنيه مصري، مع استلام مواقع العمل بنهاية فبراير 2015، ووصول ماكينات الحفر بدءاً من نوفمبر 2015، وفي يوليو 2016، أطلق الرئيس السيسي إشارة البدء في تنفيذ المشروع، لتستكمل أعمال الإنشاء خلال ثلاث سنوات فقط.
وشمل المشروع إنشاء خمسة أنفاق أسفل قناة السويس، تضم نفقَي الإسماعيلية، ونفقَي بورسعيد باتجاهين ذهاباً وإياباً، إضافة إلى نفق موازٍ لنفق "الشهيد أحمد حمدي"، الذي كان الواصل البري الوحيد إلى سيناء سابقاً.
اختصار الزمن وتعزيز الحركة الاقتصادية
تتيح هذه الأنفاق اختصار وقت العبور من عدة ساعات إلى 15 دقيقة فقط، ويبلغ طولها الإجمالي 5.820 متراً، وتمر أسفل سطح الأرض والمجرى الملاحي للقناة بعمق يتراوح بين 53 و70 متراً، كما تزود كل نفق بحارتين للسيارات بعرض 3.7 متر لكل حارة، مع كاميرات مراقبة، ورادارات لمتابعة السرعة، وأنظمة حريق، إضافة إلى غرف طوارئ ونقاط تفتيش.
الرسائل الاستراتيجية وراء الأنفاق
فسرت بعض التحليلات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات الرئيس بأنها تعكس قدرة الجيش المصري على الانتشار في سيناء خلال نصف ساعة، بينما اعتبرها آخرون رسالة غير مباشرة لإسرائيل.
وأوضح اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي المصري، أن الرسالة الأهم تكمن في أن سيناء لم تعد منطقة منفصلة عن وادي النيل، وأن القدرة على نقل القوات المسلحة بسرعة تؤكد السيطرة المصرية الكاملة على شبه الجزيرة، مضيفا أن رؤية الدولة المصرية شملت تأمين سيناء عبر التنمية، وخلق فرص التوطين، حيث ساهمت الأنفاق في استصلاح أكثر من نصف مليون فدان.
الأنفاق والتنمية الشاملة
ورغم الانتقادات الإسرائيلية المتكررة، خاصة حول اتفاقية السلام مع مصر، شددت هيئة الاستعلامات المصرية على أن القوات في سيناء تهدف لتأمين الحدود، وحماية الدولة من التهديدات، بما فيها العمليات الإرهابية والتهريب.
وأكد اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، أن الأنفاق تربط سيناء بمحافظات الوادي والدلتا، مما يعزز ركائز الأمن القومي، ويحول دون أي محاولات لفصل شبه الجزيرة عن الوطن، مع الإشارة إلى أن المشروع كان نقطة انطلاق لنهضة تنموية في مدن القناة الثلاث (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس)، وتعمر محافظتي شمال وجنوب سيناء.
وأشار إلى إنشاء 7 آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة لربط الأنفاق بالتجمعات السكانية البدوية، ما سهّل وصول معدات التنمية، وعزز من وجود الدولة في المناطق النائية.
أثر الأنفاق على الحياة اليومية
حسب تقرير البرلمان المصري، ساهمت الأنفاق في تسريع وصول الخدمات التنموية والتعليمية والصحية إلى شمال وجنوب سيناء، كما دعم وصول السياحة المحلية إلى شرم الشيخ، وتسهيل نقل المواد الغذائية للمواطنين. واعتبر عضو مجلس النواب عن جنوب سيناء، حميد سليمان أبو بريك، ما تحقق في سيناء خلال السنوات الماضية بمثابة عبور تنموي جديد لا يقل أهمية عن عبور حرب أكتوبر عام 1973.
تُعد أنفاق قناة السويس نموذجاً استثنائياً للربط بين التنمية والأمن القومي، حيث تمثل شريان حياة اقتصادي وعسكري يضمن سرعة الحركة بين سيناء والدلتا، ويؤكد قدرة الدولة على مواجهة التحديات المستقبلية، كما أنها تشكل خطوة استراتيجية لتعزيز حضور الدولة في المناطق الحدودية وتحقيق تنمية متكاملة للمواطنين، مع إبراز مصر كدولة تتمتع برؤية استشرافية واستراتيجية واضحة على الصعيدين الأمني والتنموي.





