في الذكرى الـ 46 لأزمة الرهائن الأميركيين في طهران.. ما تفاصيل القصة؟
اقتحام للسفارة الأميركية و444 يوماً من التوتر السياسي ومحاولة إنقاذ أميركية فاشلة

ملخص :
في عام 1979، أسس آية الله الخميني نظاماً ثيوقراطياً إسلامياً مناهضاً للغرب، وحلّ محل النظام الملكي الموالي للولايات المتحدة، وأطلقت الحكومة الإيرانية الجديدة على واشنطن لقب "الشيطان الأكبر"، معتبرة أن الولايات المتحدة لعبت دوراً مركزياً في دعم الشاه في إبقاءه في السلطة قبل الثورة، وأن وكالة المخابرات الأمريكية "CIA" كانت تخطط لإعادته.
مع فرار الشاه من إيران في أكتوبر/تشرين الأول 1979 وإقامته في المكسيك، كشفت الفحوصات الطبية عن إصابته بسرطان متقدم، وقرر الأطباء ضرورة إدخاله مستشفى أمريكياً لتلقي العلاج، وسمح الرئيس الأمريكي جيمي كارتر للشاه بدخول الولايات المتحدة، ما أثار غضب الإيرانيين واعتُبر ذريعة للتخطيط لإعادة الشاه إلى الحكم، من هنا بدأت قصة الاقتحام.
الهجوم على السفارة والسيطرة على الرهائن
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979، اقتحم الطلاب السفارة الأمريكية، ونجحوا في غضون ثلاث ساعات في السيطرة على عناصر المارينز الأمريكية، وحجز 60 موظفاً، أُفرج عن بعضهم لاحقاً، فيما تُرك 52 موظفاً لمواجهة مصيرهم كرهائن.
محاولات التفاوض المبكرة
على الرغم من مغادرة الشاه الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 1979، واستقراره في مصر، رفض الطلاب الإفراج عن الرهائن قبل إعادة ثروته الشخصية إلى إيران.
وفي يناير/كانون الثاني 1980، نجحت جهود مشتركة بين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وكندا في إنقاذ ستة دبلوماسيين فروا من السفارة ونجوا بمساعدة موظفي السفارة المحليين، فيما بقي بقية الرهائن تحت سيطرة خاطفيهم.
"عملية مخلب النسر": محاولة الإنقاذ الفاشلة
أصدر الرئيس كارتر في أبريل/نيسان 1980، أمراً ببدء عملية سرية لإنقاذ الرهائن، عُرفت باسم "عملية مخلب النسر"، حيث انطلقت المروحيات الأمريكية من البوارج الراسية قبالة السواحل الإيرانية باتجاه صحراء طبس جنوب غرب طهران، على بعد نحو 500 كلم من العاصمة، لتنفيذ خطة إنقاذ تمتد يومين.
لكن عاصفة رملية مفاجئة أعاقت تقدم المروحيات، وأُلغيت العملية بالكامل، وأثناء الانسحاب، اصطدمت إحدى المروحيات بطائرة أخرى، ما أدى إلى مقتل ثمانية من الجنود الأمريكيين، وهي واحدة من أكثر الفواجع العسكرية الأمريكية في العمليات الخاصة.
الحرب العراقية-الإيرانية ودخول الجزائر على خط الوساطة
اندلعت الحرب العراقية-الإيرانية في سبتمبر/أيلول 1980، ما دفع إيران إلى قبول المفاوضات برعاية الجزائر، وضع الخميني شروطاً صارمة للإفراج عن الرهائن، من أبرزها:
- إعادة ثروة الشاه المحتجزة في البنوك الأمريكية.
- الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة.
- إلغاء المطالب الأمريكية بالتعويضات عن الأزمة.
- التوقف عن أي تدخل أمريكي في الشؤون الداخلية للجمهورية الإسلامية.
توصل الطرفان إلى اتفاق في 19 يناير/كانون الثاني 1981، وأُفرج عن الرهائن في اليوم التالي، بالتزامن مع تنصيب الرئيس رونالد ريغان.
معاملة الرهائن داخل السفارة
على الرغم من الرواية الرسمية الإيرانية بأن الرهائن عوملوا جيداً، كشف العديد منهم عن سوء المعاملة الجسدية والنفسية، وشملت هذه الممارسات:
- الإيقاظ المفاجئ في منتصف الليل.
- إجبار الرهائن على خلع ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية.
- محاكاة الإعدام بإطلاق النار من أسلحة غير محشوة.
أشار بعض الرهائن، منهم جون ليمبرت، وتيد كوبيل، إلى أن الهدف كان الضغط النفسي والترفيه على حساب الرهائن، ووصفوا هذه التصرفات بأنها وحشية ومعنوية.
الأزمة السياسية والإنسانية في الولايات المتحدة
أثرت أزمة الرهائن على الرأي العام الأمريكي، وأسهمت في تراجع شعبية الرئيس كارتر، وتزامن الإفراج عن الرهائن مع مراسم تنصيب ريغان، ما اعتبره الإيرانيون انتصاراً سياسياً على كارتر، وترك أثراً نفسياً معقداً على الرهائن الذين شعر بعضهم بأنهم تُركوا دون حماية كافية.
السفارة الأمريكية: من مبنى دبلوماسي إلى متحف رمزي
تحولت السفارة الأمريكية في طهران إلى مركز ثقافي ومتحف يُعرف باسم "وكر الجواسيس"، يعرض معدات الاتصال القديمة وآلات الطباعة وصور التأشيرات والوثائق المصادرة، وفي كل عام، يقيم الإيرانيون مسيرات في ذكرى احتجاز الرهائن، مرددين شعارات مناهضة للولايات المتحدة، ما يجعل السفارة رمزاً مستمراً للثورة الإيرانية وموقفها المتشدد ضد واشنطن.
تأثير الأزمة على العلاقات الدولية
- شكلت أزمة الرهائن علامة فارقة في العلاقات الدولية، حيث أبرزت:
- عمق الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران.
- قوة الوساطة الجزائرية -حينها- في حل الأزمات الدولية.
- تأثير الأحداث الداخلية على السياسة الخارجية للدول.
- الروابط بين النزاعات الإقليمية (مثل الحرب العراقية-الإيرانية) والأزمات الدبلوماسية.
تظل أزمة الرهائن في طهران واحدة من أعقد الأزمات الدبلوماسية في التاريخ الحديث، وقد تركت إرثاً طويل الأمد على العلاقات الأمريكية-الإيرانية وعلى السياسة الدولية، فالهجوم المفاجئ، والاحتجاز الطويل، ومحاولات الإنقاذ الفاشلة، والتفاوض المعقد، شكلت جميعها سلسلة من الأحداث التي ساهمت في إعادة تشكيل فهم العالم لأزمة الرهائن والدبلوماسية الدولية، وجعلت السفارة الأمريكية في طهران رمزاً دائماً للتوتر بين الدولتين.





