"بارون الحشيش" في لبنان يسقط في كمين للجيش.. فما التفاصيل؟

ملخص :
أعلن الجيش اللبناني عن توقيف المواطن (نوح زعيتر)، الذي وصفته بأنه أحد أخطر المطلوبين على الإطلاق في ملفات المخدرات في لبنان، بعد كمين نُفِّذ على طريق الكنيسة – بعلبك شرق البلاد، وأوضح الجيش في بيانه أن الموقوف متورط في تشكيل عصابات تنشط في الاتجار بالمخدرات، والأسلحة، وتصنيع المواد الممنوعة، إضافة إلى تنفيذ عمليات سلب مسلح واعتداءات متكررة على عناصر الجيش، ومراكز عسكرية ومدنيين، فضلاً عن ضلوعه في عمليات خطف مقابل فدية مالية، مؤكدا أن التحقيق بوشر تحت إشراف القضاء المختص.
نوح زعيتر يسقط من دون مقاومة
كشفت مصادر عسكرية أن عملية اعتقال نوح زعيتر، الشخصية التي توصف بأنها "رمز إمبراطورية المخدرات" جاءت بعد مراقبة دقيقة لتحركاته، قبل أن تنفذ مجموعة خاصة كميناً، محكماً يوم الخميس، في منطقة الكنيسة، ما دفعه إلى الاستسلام فوراً من دون أي مقاومة إدراكاً منه أن المواجهة ستنعكس عليه سلباً.
كما ربطت المصادر بين العملية وبين الاشتباكات التي أدت قبل يومين إلى مقتل عسكريين في سياق ملاحقة تجار مخدرات وسلاح في المنطقة، مشيرة إلى أن اسم زعيتر يرتبط تاريخياً بأكبر معامل تصنيع الكبتاغون على الحدود اللبنانية-السورية.
من هو نوح زعيتر؟
- ولد نوح زعيتر في تعلبايا ونشأ في قرية الكنيسة بالبقاع الشمالي قرب الحدود السورية.
- بنى نفوذه في سهل البقاع اعتماداً على قوة عائلية وشبكات تهريب دولية.
- درس سنة واحدة في الجامعة في لبنان ثم انتقل إلى سويسرا عام 1991 لثلاث سنوات قبل عودته وبدء نشاطه في تجارة المخدرات.
- يعد من أبرز المطلوبين للقضاء اللبناني الذي أصدر بحقه أحكاماً بالسجن المؤبد.
- مطلوب للإنتربول، ورغم الملاحقات والتهديدات والعقوبات الدولية، ظل متوارياً ويظهر بشكل متقطع، ما عزز صورته كـ "الرجل الذي لا يُمس".
- يُعرف بلقب "بارون الحشيش" ويمتلك ميليشيا مسلحة باسم "ألوية القلعة" منحه نفوذاً واسعاً في البقاع.
محامي زعيتر يصرح
بعد إلقاء الجيش اللبناني القبض على نوح زعيتر، صرح محاميه أشرف الموسوي، لوسائل إعلامية أن زعيتر كان تاجر مخدرات فقط ولا علاقة له بتهريب الأسلحة، متسائلا "لماذا لم يتم توقيف عشرات المطلوبين الآخرين بتجارة المخدرات في البقاع شمال لبنان".
وكشف أن 150 حكماً مؤبداً صدرت بحقّ موكله، إضافة إلى نحو 1000 قرار غيابي، معتبرا أن "المعلومات المتداولة حول علاقة موكله بحزب الله بحاجة إلى تدقيق"، لافتا أن موكله يواجه حوالي 2500 قضية منظورة، وأضاف أن زعيتر لم يقاوم أثناء اعتقاله.
تاريخ طويل في ملفات المخدرات والاعتداءات المسلحة
نوح زعيتر ليس شخصية جديدة على السجلات الأمنية، فقد أصيب عام 2014 خلال مداهمة للجيش في تل الأبيض – بعلبك، ونُقل إلى المستشفى قبل أن يتمكن من الفرار وسط إجراءات أمنية مشددة، كما صدرت بحقه عشرات مذكرات التوقيف والأحكام الغيابية في قضايا الاتجار بالمخدرات، وتشكيل عصابات مسلحة.
وفي عام 2024، أصدرت المحكمة العسكرية حكماً غيابياً بإعدامه إلى جانب آخرين، بينهم علي منذر زعيتر المعروف بأبو سلة، الذي قُتل بمسيّرة تابعة للجيش اللبناني في أغسطس الماضي إثر ضلوعه في قتل عسكريين خلال مداهمات عام 2022.
اشتباكات دامية في الشراونة
إلقاء القبض على زعيتر جاء عقب اشتباكات عنيفة شهدتها منطقة الشراونة - بعلبك خلال عمليات دهم نفذتها مديرية المخابرات بمؤازرة وحدات الجيش، وأسفرت المواجهات عن مقتل عسكريين اثنين، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
وكان المطلوب (ح.ع.ج) من بين القتلى، ووصفه الجيش بأنه من أخطر المطلوبين المطلعين بإطلاق النار على دوريات الجيش والتسبب سابقاً في استشهاد أربعة عسكريين وإصابة ضابط، إضافة إلى تورطه في عمليات خطف وسلب والاتجار بالمخدرات.
زعيتر و"حزب الله"
لطالما ارتبط اسم نوح زعيتر، الخاضع لعقوبات أميركية وبريطانية وأوروبية، بحزب الله، فقد انتشرت له صور ومقاطع فيديو عام 2015 داخل مواقع عسكرية قيل إنها تابعة للحزب، ظهر فيها محاطاً بمسلحين، معلناً الولاء للأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، ومتوعداً بمحو الزبداني خلال ساعات.
وفي حين نفى حزب الله -آنذاك- أي علاقة له بزعيتر أو صحة ظهور صوره مع مقاتليه، رد الأخير بنشر صور إضافية جمعته بقيادات ميدانية، بينها صورة مع مسؤول قطاع بعلبك حسين نصر الله، مؤكداً أنه فداء للمقاومة، ومعتبراً نفسه مقاوماً لا تاجر مخدرات.
"إمبراطور القنب"
كان زعيتر، البالغ 48 عاماً والمنحدر من إحدى العشائر البقاعية، يجاهر علناً بتجارته بالقنب الهندي، مؤكداً في مقابلات إعلامية أن الظروف المعيشية في بلدته فرضت عليه هذا المسار، وظهر مراراً على أنه أبو الفقراء، مقدماً مساعدات لسكان المنطقة.
وتشير معلومات متداولة إلى أنه شكّل مجموعة مسلّحة من أفراد عشيرته تحت اسم "ألوية القلعة"، كما ارتبط اسمه واسم عائلته بحي الشراونة، أحد أبرز الملاذات للمطلوبين في البقاع، والذي شهد مواجهات متكررة مع الجيش.
تحقيقات دولية وعقوبات
اسم نوح زعيتر حضر أيضاً في تحقيقات دولية بملفات تهريب الكبتاغون، ففي عام 2008، نشرت "وكالة الصحافة الفرنسية" تحقيقاً من قريته الكنيسة، تحدث فيه زعيتر عن تجارته بـحشيشة الكيف، مؤكداً عدم خضوعه لحماية أي جهة سياسية، وذكرت الوكالة حينها أن أرباحه السنوية تجاوزت مليوناً ونصف مليون دولار.
وفي 28 مارس 2023، فرضت وزارة الخزانة الأميركية وبريطانيا عقوبات على اثنين من أبناء عمومة بشار الأسد بتهمة تهريب الكبتاغون، وشملت العقوبات زعيتر، وفي 24 أبريل من العام نفسه، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة، مؤكداً ارتباطه بشبكات تهريب المخدرات في لبنان وسوريا وبأشخاص من عائلة الأسد.





