ما تفاصيل لقاء الرئيس اللبناني ورئيس المخابرات المصرية؟

ملخص :
استقبل الرئيس اللبناني جوزاف عون، ظهر الثلاثاء الماضي، في قصر بعبدا بالعاصمة بيروت، رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، في زيارة مفاجئة رافقتها إجراءات أمنية مشددة، وحضر اللقاء من الجانب اللبناني المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير ومدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان قهوجي، بينما جاء رشاد برفقة وفد مصري رسمي.
جاءت زيارة رئيس المخابرات المصرية، حسن رشاد، في توقيت حساس، وبالتزامن مع زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان، وبعد أيام قليلة من لقاء رشاد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، ما يمنحها بعدًا سياسيًا وأمنيًا بالغ الحساسية في ظل أجواء إقليمية متوترة.
ملفات أمنية وعسكرية على طاولة البحث
أفادت الرئاسة اللبنانية عبر "منصة إكس" أن اللقاء تناول الملفات الأمنية والعسكرية بين لبنان ومصر، وسبل تعزيز التنسيق بين الدولتين، والاستفادة من أجواء اتفاق غزة وقمة شرم الشيخ لتوسيعها لتشمل لبنان، كما تم بحث الوضع الإقليمي العام، مع التركيز على جنوب لبنان والوضع في غزة.
وأبدى اللواء رشاد استعداد بلاده لدعم لبنان في تثبيت الاستقرار جنوبًا ووقف الانفلات الأمني، مؤكدًا دعم مصر الكامل للبنان، واعتبر مصدر مصري مطلع أن بيروت تمثل أولوية استراتيجية للقاهرة، وأن زيارة رشاد تأتي ضمن الدور الإقليمي النشط لمصر في تعزيز السلام والاستقرار بالتنسيق مع واشنطن وعدد من الشركاء الإقليميين.
مبادرة مصرية للوساطة بين لبنان وحزب الله
كشف المصدر ذاته أن رشاد نقل رسالة للرئيس اللبناني حول تهديدات إسرائيلية محتملة لشن عملية عسكرية موسعة ضد لبنان، بزعم القضاء على سلاح حزب الله، مؤكدا أن القاهرة طرحت مبادرة وساطة بين الدولة اللبنانية وحزب الله لإيجاد صيغة مقبولة لحصر السلاح في يد الدولة، ونزع سلاح الحزب، كخطوة لقطع الطريق أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يسعى لتجنب حرب غزة ويبحث عن مواجهة جديدة.
ورد الرئيس اللبناني على ذلك مؤكدًا صعوبة تنفيذ نزع السلاح في الوقت الراهن، خشية أن يؤدي ذلك إلى مرحلة جديدة من الحرب الأهلية.
لبنان يطلب دعم القاهرة لضغط أميركي على إسرائيل
أوضح مصدر مطلع على تفاصيل اللقاء، أن الرئيس عون طلب من مصر نقل رسالة إلى واشنطن للضغط على إسرائيل للانسحاب من المناطق الخمس المحتلة في لبنان بما يتوافق مع اتفاق وقف إطلاق النار، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تسهم في إقناع حزب الله بالتعاون مع جهود الدولة لحصر السلاح.
لقاءات متعددة لتنسيق الجهود الأمنية والسياسية
بالإضافة إلى لقاء الرئيس عون، التقى رشاد رئيس الحكومة نواف سلام، على أن يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري لبحث ملفات أمنية وسياسية متشابكة، تشمل الوضع على الحدود الجنوبية ودور الجيش اللبناني في تطبيق القرار 1701، إضافة إلى استئناف التنسيق العربي لدعم المؤسسات اللبنانية في مواجهة الضغوط الاقتصادية والأمنية.
كما تشير مصادر إلى احتمال لقاء رشاد قيادة حزب الله في اجتماع غير معلن، مما يعزز الطابع السياسي العميق للزيارة.
القاهرة تعمل على تهدئة التوتر الإقليمي
يرى مراقبون في القاهرة أن الجولة الحالية هي امتداد للقاءات رشاد الأخيرة في القدس، وتحمل رسائل مباشرة وغير مباشرة من إسرائيل إلى لبنان لتفادي أي تصعيد عسكري جديد على الحدود، خاصة بعد تصاعد الاشتباكات خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي الأوساط اللبنانية، يُعتقد أن زيارة رشاد تهدف أيضًا إلى استطلاع موقف لبنان من وساطة مصرية محتملة مع إسرائيل، لإحياء آليات التفاهم السابقة على غرار ترتيبات ما بعد حرب 2006.
دور مصري موسع
أكدت مصادر مصرية أن القاهرة تسعى لتوسيع نطاق تحركاتها الدبلوماسية في المشرق، مستفيدة من علاقاتها مع واشنطن وتل أبيب والعواصم العربية، واعتبرت أن الملف اللبناني جزء من أمن الإقليم العام وليس مجرد قضية ثنائية، موضحة أن التنسيق الأمني بين القاهرة وبيروت قائم منذ فترة طويلة، وأن زيارة رشاد تأتي ضمن مقاربة مصرية جديدة لمنع تكرار الفوضى الإقليمية.
كما أوضحت المصادر أن الزيارة تأتي بعد مشاورات مكثفة بين القاهرة وعدد من العواصم الغربية والعربية، بهدف بناء جبهة دبلوماسية عربية موحدة لدعم الاستقرار في لبنان ومنع تمدد التوتر من غزة وسورية إلى الحدود الشمالية لإسرائيل.
أهداف الزيارة وأولوياتها
وذكرت المصادر أن مصر تستخدم لقاء رشاد مع نتنياهو قبل أسبوع لتوصيل رسائل "خطوط حمراء" غير مباشرة، وضمان عدم الانزلاق إلى مواجهة واسعة، دون فرض أي إملاءات على لبنان، وحددت عدة أهداف للزيارة، أبرزها:
- الحد من مخاطر اتساع الحرب جنوب لبنان، بعد تصاعد الضربات المتبادلة.
- تثبيت مكاسب المسار الغزي، خصوصًا منذ تولي رشاد قيادة المخابرات المصرية في أكتوبر 2024.
- تفكيك الترابط بين جبهة الشمال وغزة لتقليل احتمال اندلاع مواجهة واسعة.
- تثبيت قواعد الاشتباك والعودة الصارمة إلى بنود القرار 1701، بما يشمل مناطق خالية من السلاح جنوب الليطاني ودعم دور اليونيفيل.
توازن بين المسارات السياسية والأمنية
يشير المراقبون إلى أن القاهرة تسعى اليوم إلى صياغة دور مزدوج: من جهة دعم مسار اتفاق شرم الشيخ وترتيبات غزة، ومن جهة أخرى تثبيت خطوط التهدئة الإقليمية في لبنان، وإذا نجحت الزيارة في فتح قناة حوار جديدة بين بيروت وتل أبيب عبر الوساطة المصرية، فقد تشكل خطوة مهمة نحو هدنة غير معلنة تضمن مصالح جميع الأطراف وتخفف الضغط عن جنوب لبنان.
وأكد السفير المصري في لبنان علاء موسى أن زيارة رشاد تندرج ضمن التنسيق السياسي والأمني، وأن القاهرة تبذل جهودًا لتقليل التصعيد، محذرًا من أن اتساع نطاق الهجمات الإسرائيلية يفرض اليقظة المستمرة.
جولة اللقاءات السابقة وارتباطها بالزيارة الحالية
سبق زيارة بيروت أن التقى رشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في 21 أكتوبر/تشرين الأول، ضمن مشاورات إقليمية حول ترتيبات وقف إطلاق النار والمسار السياسي المقبل، وتمنح هذه المعطيات زيارة بيروت وزنًا إضافيًا، باعتبارها حلقة ضمن مسعى مصري متزامن على جبهتَي غزة والحدود اللبنانية-الإسرائيلية، لتعزيز الاستقرار ومنع أي تصعيد شامل.





