أكثر من 45 بالمئة من النفط والغاز في سوريا تحت سيطرة "قسد"
النفط السوري بين السرقة والسيطرة: تقرير شامل عن أضرار قطاع الطاقة

ملخص :
كشف تقرير حديث عن أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) استخرجت بشكل غير قانوني أكثر من 55 مليون برميل من النفط عام 2017، بقيمة تصل إلى نحو 3.85 مليار دولار أمريكي، من بلوك 26 وحده في شمال شرق سوريا، ويشير خبراء الطاقة إلى أن الإنتاج النفطي في سوريا يمكن أن يرتفع من 80 ألف برميل يوميًا حاليًا إلى نصف مليون برميل يوميًا إذا تم استغلال جميع الحقول المتاحة.
وأشار جون بيل، مدير شركة Gulf-Sands Petroleum البريطانية، إلى أن هذه الأرقام تمثل منطقة واحدة فقط، مما يعكس حجم السرقة المنهجية للثروة النفطية السورية خلال سنوات سيطرة قسد على الحقول، بمساندة الولايات المتحدة والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.
كم حقلا تسيطر عليه قسد؟
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على 48 حقل نفط، و/أو غاز من أصل 106 حقلا في عموم سوريا، وهو ما يشكل نسبة بلغت 45.3%، وأبرزها:
- حقول محافظة الحسكة
- حقول الرميلان: تُعتبر الأكبر وتضم حوالي 1322 بئر نفط و25 بئر غاز، بالإضافة إلى حقول السويدية المجاورة.
- حقل الجبسة: كان إنتاجه سابقًا حوالي 2500 برميل يوميًا، وتراجع حاليًا إلى حوالي 2000 برميل يوميًا.
- حقول أخرى: تشمل أيضًا حقول كبيبة وتشرين والشمالي في ريف الحسكة.
- حقول محافظة دير الزور
- حقل العمر: يُعد أكبر حقل في سوريا، وقد سيطرت عليه قسد في نهاية عام 2017 بعد معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
- حقل كونيكو: كان يُستخدم سابقًا لإنتاج الغاز الطبيعي، لكنه متوقف حاليًا عن الإنتاج.
- حقل الجفرة: حقل ذو إنتاج قليل، ينتج حوالي ألف برميل يوميًا، ويقع تحت سيطرة قسد.
- حقول محافظة الرقة
- حقل الثورة: يقع جنوب غربي المحافظة.
- حقول الوهاب والفهد ودبيسان والقصير وأبو قطط وأبو قطاش: تقع جنوب غربي الرقة بالقرب من بلدة الرصافة، ويقدر إنتاجها مجتمعة بحوالي 2000 برميل يوميًا.
الخسائر الوطنية وفق بيانات رسمية للأمم المتحدة
تتطابق الأرقام السابقة مع تقارير رسمية أرسلها نظام الأسد للأمم المتحدة، أبرزها رسالة مؤرخة في 10 سبتمبر 2023، برقم وثيقة A/87/353-S/2023/660.
تشير الوثيقة إلى أن إجمالي الأضرار التي لحقت بقطاع النفط والثروة المعدنية منذ عام 2011 وحتى منتصف 2023 بلغ نحو 115.2 مليار دولار أمريكي، موزعة على:
- خسائر مباشرة بقيمة 27.5 مليار دولار: ناجمة عن سرقة 341 مليون برميل نفط، بمعدل يومي بين 100 و130 ألف برميل، ارتفع عام 2023 إلى 150 ألف برميل، كما شملت سرقة 5909 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي و413 ألف طن من الغاز المنزلي، بقيمة إجمالية تصل إلى 21.4 مليار دولار.
- خسائر غير مباشرة بقيمة 87.7 مليار دولار: تمثل قيمة فوات المنفعة من النفط الخام والغاز الطبيعي والغاز المنزلي نتيجة انخفاض الإنتاج عن المعدلات المخططة، في ظل ظروف العمل الطبيعية.
قسد تموّل نفسها من النفط والغاز
تشير البيانات إلى أن قسد لا تعتمد بالكامل على الدعم الأمريكي، الذي تقلص إلى 130 مليون دولار عام 2025، بل تموّل نفسها والميليشيات التابعة لها من نهب النفط والغاز بشكل منهجي، ويفسر هذا سبب تمسكها بالسيطرة على مناطق شمال شرق سوريا تحت غطاء "اللامركزية"، حيث:
- تظل قسد الطرف الأقوى اقتصاديًا وعسكريًا.
- قادرة على شراء الأسلحة وتمويل ميليشيات في مناطق مثل السويداء والساحل.
- يمكنها تصدير وتهريب النفط خارج البلاد دون الرجوع للحكومة المركزية، كما كان يحدث في إقليم كردستان العراق.
الاحتياطيات السورية وفرص الاقتصاد الوطني
تقدّر الاحتياطيات السورية بـ:
- 2.5 مليار برميل نفط.
- 240 مليار متر مكعب غاز طبيعي.
ويعد قطاع النفط والغاز رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، إذ أن:
- العوائد السنوية المتوقعة تصل إلى 10 مليارات دولار.
- يساهم في توليد الكهرباء وتشغيل المصانع والمرافق العامة، ما يعزز عجلة الإنتاج الاقتصادي.
ومع ذلك، يظل الشعب السوري محرومًا من الاستفادة المباشرة من هذه الثروة، حيث لا تتجاوز حصته 10% من العوائد وفرص العمل، نتيجة سيطرة قسد على معظم الحقول.
الحكومة السورية: استعادة الموارد على رأس الأولويات
في ظل هذه المعطيات، من المتوقع أن:
- تضع الحكومة السورية استعادة الثروة النفطية والغازية على رأس مفاوضاتها مع قسد.
- تعمل على مساءلة قسد عن الأموال المنهوبة، والسعي لاستعادتها لصالح الاقتصاد الوطني.
- توظف هذه الموارد في إصلاح الاقتصاد وإعادة الإعمار، بما يضمن توزيعًا عادلاً للثروة الوطنية وتحقيق الأمن الاقتصادي.
فرص مستقبلية لإصلاح الاقتصاد
استعادة النفط والغاز ستتيح للحكومة السورية:
- زيادة الإنتاج وتغطية احتياجات الكهرباء للمنازل والمصانع.
- تمويل مشاريع البنية التحتية وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة.
- تحسين مستويات المعيشة وخلق فرص عمل جديدة للسوريين.
- تعزيز سيطرة الدولة على الموارد الطبيعية ومنع أي جهة خارجية من استغلالها بشكل غير قانوني.
تكشف هذه البيانات أن النفط والغاز السوري يمثلان ثروة استراتيجية، تم استغلالها جزئيًا من قبل قسد لتأمين التمويل الذاتي والهيمنة الاقتصادية. ويعد استعادتها اليوم أولوية وطنية للحكومة السورية لضمان:
- تحقيق العدالة الاقتصادية.
- توفير فرص العمل.
- دعم مشاريع إعادة الإعمار.
- تعزيز القدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية المستقبلية.
يظهر بوضوح أن التحرك الفعلي لاستعادة السيطرة على القطاع النفطي والغازي يشكل أحد الأعمدة الأساسية لتعافي الاقتصاد السوري وإعادة بناء الدولة بعد أكثر من عقد من النزاع المستمر.





