القصة الكاملة للصحراء المغربية.. من محاولات الانفصال إلى قرار مجلس الأمن

ملخص :
ينص القرار الصادر عن مجلس الأمن على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لمدة عام إضافي، حتى 31 أكتوبر 2026، مؤكدًا أهمية استمرار المسار السياسي على أساس الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، ويُعد القرار انعكاسًا لدعم قوي من القوى الغربية والدول الإفريقية واللاتينية، مؤكدًا اتجاهًا دوليًا متزايدًا نحو الاعتراف بمبادرة المغرب كحل واقعي ومستدام للنزاع.
تحولات دبلوماسية دولية لصالح المغرب
شهدت السنوات الأخيرة سلسلة من الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، والتي شكّلت تحولًا مهمًا في مسار النزاع:
- يونيو 2025: انضمت المملكة المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن، إلى الدول المعترفة بمغربية الصحراء، مؤيدة مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل واقعي.
- يوليو 2024: أعلنت فرنسا رسميًا دعمها للسيادة المغربية على الصحراء، معتبرة مبادرة المغرب الحل النهائي للنزاع.
- مارس 2022: اعترفت إسبانيا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن مقترح الحكم الذاتي هو الأساس الأكثر جدية لحل النزاع.
- ديسمبر 2020: اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء، في خطوة عززت موقف الرباط دوليًا وشجعت فتح قنصليات في العيون والداخلة.
هذه الاعترافات دفعت عشرات الدول في إفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لتأييد الطرح المغربي، مؤكدين على واقعية مبادرة الحكم الذاتي واحترام وحدة التراب الوطني.
أزمة معبر الكركرات: تحديات وحسم سيادي
في نوفمبر 2020، شهد معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا أزمة بعد قيام جبهة البوليساريو بإغلاقه، ما أدى إلى توقف حركة التجارة وحركة الأفراد في المنطقة.
وردًا على ذلك، تدخلت القوات المسلحة الملكية المغربية لإعادة فتح المعبر بشكل سلمي، مؤمنة الحركة التجارية واستقرار المنطقة الاستراتيجية.
المقترح المغربي للحكم الذاتي
قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي في 11 أبريل/نيسان 2007 كحل سلمي ودائم يسمح لسكان الصحراء بإدارة شؤونهم الداخلية تحت السيادة المغربية، مؤكدًا على أهمية الحل السياسي الواقعي الذي يحافظ على وحدة التراب الوطني.
من الانسحاب الإسباني إلى تأسيس "البوليساريو"
في فبراير 1976، انسحبت إسبانيا رسميًا من الصحراء المغربية، ليبدأ نزاع طويل بين المغرب، وجبهة البوليساريو الانفصالية، حيث أعلنت الجبهة، بقيادة محمد عبد العزيز، تأسيس ما أسمته "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، محولة الكفاح الذي بدأ ضد الاستعمار الإسباني إلى صراع مسلح مع المغرب.
يشير مؤسس الجبهة السابق، المحجوب السالك، إلى أن الهدف الأساسي لتأسيس الجبهة كان تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني، وليس إقامة دولة مستقلة، وأن تدخل الجزائر لاحقًا حوّل الجبهة إلى أداة سياسية لإعاقة المغرب بدل تحرير الإقليم.
المسيرة الخضراء واتفاقية مدريد: استرجاع الأراضي سلمياً
- 6 نوفمبر 1975: انطلقت المسيرة الخضراء بمشاركة حوالي 350 ألف مغربي لاسترجاع الصحراء المغربية بطريقة سلمية، حاملين المصاحف والأعلام المغربية، دون أي أسلحة.
- 14 نوفمبر 1975: تم توقيع اتفاقية مدريد الثلاثية بين المغرب وإسبانيا، وموريتانيا، لتقسيم الإدارة الإسبانية للمنطقة، حيث حصل المغرب على الجزء الأكبر، وموريتانيا على الثلث الجنوبي الغربي، مؤكدين نهاية الاستعمار الإسباني دون مواجهة عسكرية.
محكمة العدل الدولية: دعم تاريخي للسيادة المغربية
في 16 أكتوبر 1975، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا استشاريًا أقر بوجود روابط قانونية وتاريخية بين المغرب وقبائل الصحراء، معربة عن حق المغرب في المطالبة بالإقليم، وقد شكل هذا القرار الأساس القانوني والسياسي الذي اعتمدته المملكة لتنظيم المسيرة الخضراء ومطالبة إسبانيا بالانسحاب.
المقاومة الصحراوية وبروز "البوليساريو"
منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، شهدت الصحراء احتجاجات ضد الاستعمار الإسباني، أبرزها "انتفاضة الزملة" في العيون عام 1970 بقيادة محمد سيدي إبراهيم بصيري، والتي تحولت لاحقًا إلى الكفاح المسلح.
وفي 10 مايو/ أيار 1973، تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) على يد الولي مصطفى السيد، بهدف تحرير الإقليم من الاستعمار الإسباني.
وفي السنوات اللاحقة، تحولت الجبهة إلى كيان سياسي يدعو للانفصال بدعم خارجي، بينما ظل جزء من مؤسسيها يؤكد أن الهدف الأصلي كان مقاومة الاستعمار فقط.
جذور الصراع: تاريخ طويل يمتد لأكثر من قرن
يعود أصل النزاع إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما شرعت القوى الاستعمارية الأوروبية في تقسيم المجال المغاربي، كانت الصحراء المغربية جزءًا من السيادة المغربية التاريخية، مرتبطة بالسلطة المركزية عبر نظام البيعة الذي ربط القبائل الصحراوية بسلاطين الدولة العلوية، كما لعب الشيخ ماء العينين، مؤسس مدينة السمارة، دورًا محوريًا في مقاومة الأطماع الاستعمارية الإسبانية والفرنسية، وبعد صمود طويل، فرض الاحتلال الإسباني سيطرته على أجزاء من السواحل الجنوبية المغربية في 1884، لتبدأ مرحلة جديدة من التوترات والتحولات الجيوسياسية في الإقليم.
على مدار خمسة عقود، تحوّل النزاع حول الصحراء المغربية من كفاح ضد الاستعمار إلى صراع مسلح وإقليمي مع جبهة البوليساريو، مرورًا بمبادرات دبلوماسية وعسكرية متعددة، إلا أنه اليوم، ومع دعم مجلس الأمن الدولي ومواقف الاعتراف الدولية المتزايدة، يبدو أن مبادرة المغرب للحكم الذاتي تمثل الإطار الأكثر واقعية ومستدامة لتسوية النزاع، مع الحفاظ على وحدة التراب الوطني وحقوق السكان المحليين.





