بعد 35 عاما.. علماء يحددون سبب "مرض حرب الخليج"

ملخص :
أكد باحثون أن اختلال وظيفة الميتوكوندريا في خلايا الدماغ يمثل السبب الرئيسي للأعراض المزمنة التي يعاني منها المحاربون القدامى المشاركون في حرب الخليج بين عامي 1990 و1991، وقد أظهرت نتائج الدراسة، التي نشرت في مجلة Scientific Reports، أن المرضى لا يعانون من تلف في الخلايا العصبية، كما كان يعتقد سابقًا، بل من خلل في توازن الطاقة، ما يجعل أعراضهم قابلة للاستجابة للعلاجات الحديثة.
وقال الدكتور روبرت هالي، أستاذ الطب الباطني في قسم الأمراض المعدية والطب الجغرافي وقائد الدراسة: "يظهر بحثنا أن هؤلاء المحاربين لا يعانون من تلف عصبي، بل من اضطراب في إنتاج الطاقة الخلوية، ما يعني أن الأعراض يمكن أن تستجيب للعلاجات المستحدثة".
الدراسة والمسار البحثي
أجريت الدراسة في المركز الطبي الجنوبي الغربي بجامعة تكساس، تحت إشراف الدكتور سيرجي تشيشكوف، الأستاذ المساعد السابق للأشعة، والدكتور ريتشارد بريغز، الأستاذ المتقاعد في قسم الأشعة.
وشملت الدراسة استخدام تقنية مطيافية الرنين المغناطيسي على مدى أكثر من ثلاثة عقود لفحص نسبة مادتين كيميائيتين في منطقة الدماغ المعروفة بالعقد القاعدية، التي تلعب دورًا مهمًا في تنسيق الحركة والمعالجة العاطفية.
وأظهرت التحليلات الحديثة أن انخفاض النسبة بين إن-أسيتيل الأسبارتات، والكرياتينين الكلي لدى المصابين يعود إلى ارتفاع مستويات الكرياتينين، وهو ما يشير بشكل واضح إلى خلل في وظيفة الميتوكوندريا، وليس تلفًا في الخلايا العصبية.
أعراض متلازمة حرب الخليج
تتفاوت أعراض المرض من شخص لآخر، وغالبًا ما تبدأ بأشكال غامضة، لكنها تشمل سمة عامة في أغلب الحالات، من أبرزها:
- التعب والإرهاق المزمن
- آلام العضلات والمفاصل وفقدان السيطرة على العضلات
- الصداع والدوار وفقدان التوازن
- مشاكل في الذاكرة والتركيز والإدراك
- اضطرابات عصبية غير محددة السبب
- مشكلات معدية ومعوية مثل الإسهال وعسر الهضم
- الطفح الجلدي وأعراض تنفسية ومناعية
- عيوب خلقية لاحقة تم رصدها لدى بعض الأبناء
التشخيص: استبعاد الأسباب الأخرى
نظرًا لتعدد الأعراض وتشابهها مع حالات أخرى، يعتمد تشخيص متلازمة حرب الخليج أساسًا على استبعاد أسباب معروفة لحالات مشابهة، ويعتبر انتشار المرض بين المحاربين القدامى الذين شاركوا في حرب الخليج الثانية مؤشرًا مهمًا للتشخيص، إلى جانب مراقبة الأعراض المميزة المذكورة أعلاه.
العلاج: مقاربة شاملة
يتضمن علاج المرض نهجين رئيسيين:
العلاج النفسي:
- يشمل العلاج السلوكي المعرفي لمواجهة الأعراض النفسية الناتجة عن ذكريات الحرب.
- استخدام مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية للتخفيف من الاضطرابات النفسية الحادة واستجابة الجهاز المناعي للجوانب العاطفية المرتبطة بالذكريات الصادمة.
العلاج العضوي:
يتضمن استخدام أدوية وعلاجات تستهدف الأعراض الجسدية والوظيفية المختلفة التي يعاني منها المرضى، مثل آلام العضلات والتعب المزمن واضطرابات التوازن.
ما علاقة غاز السارين؟
تشير الأدلة إلى أن التعرض المنخفض المستوى لغاز السارين العصبي قد يكون مرتبطًا بظهور المرض، إلا أن الآلية الدقيقة لكيفية تأثيره على الميتوكوندريا لا تزال قيد الدراسة، ويأمل الفريق البحثي أن تفتح النتائج الباب أمام تطوير علاجات مستقبلية تقلل من الالتهاب العصبي المزمن وتخفف من حدة الأعراض لدى المصابين.
تطلعات مستقبلية
يواصل الباحثون دراسة العلاقة بين التعرض لغاز السارين واختلال وظيفة الميتوكوندريا، مع التركيز على إيجاد حلول علاجية فعالة للتخفيف من الالتهاب المزمن وتحسين جودة حياة المحاربين القدامى الذين عانوا لعقود من هذه المتلازمة.





