50 مليون سنة صحة مهدرة: دراسة عالمية تفضح تفشي العنف ضد الأطفال والنساء

ملخص :
أظهرت الدراسة أن العنف ضد النساء والأطفال، بما يشمل العنف من الشريك الحميم، والعنف الجنسي في مرحلة الطفولة، يشكل أزمة صحية عامة بمستوى خطورة يقارن بالأمراض المزمنة والعدوى، وتشير الدراسة إلى أن أكثر من مليار شخص تعرضوا للعنف الجنسي في الطفولة، وأكثر من 608 مليون امرأة تعرضن للعنف من شركائهن، ويسبب العنف خسائر صحية كبيرة تمتد لسنوات، تشمل الإعاقة والوفاة المبكرة، وتستلزم استجابة عاجلة عبر سياسات وقائية، دعم ضحايا، ودمج العنف ضمن أولويات الصحة العامة على مستوى العالم.
العنف: أزمة صحية عامة لا تقل خطورة عن الأمراض
قالت الدراسة إن العنف ضد النساء والأطفال - سواء العنف داخل الشراكة (IPV) أو العنف الجنسي في مرحلة الطفولة (SVAC) - ليس مجرد مشكلة اجتماعية، بل يمثل أحد أبرز عوامل الخطر على الصحة العالمية، مؤكدة أن هذه الظاهرة تؤدي إلى خسائر صحية جسيمة، تشمل سنوات من الحياة المفقودة أو المعاشة بإعاقة طويلة الأمد، ما يعكس حجم التأثير الطبي والاجتماعي للعنف.
وبحسب تقديرات عام 2023، فقد تعرض أكثر من 608 مليون امرأة (فوق 15 سنة) للعنف من شركائهن، فيما تجاوز عدد الأشخاص الذين تعرضوا لعنف جنسي في الطفولة مليار شخص على مستوى العالم، ويرى الباحثون أن العنف، رغم كونه غير معدٍ، يجب أن يُدرج ضمن أولويات الصحة العامة العالمية إلى جانب الأمراض والإصابات.
الأرقام الصادمة: مدى انتشار العنف وحجم تأثيره الصحي
مدى الانتشار
- تعرض نحو 1.01 مليار شخص لعنف جنسي في مرحلة الطفولة (SVAC)، بينهم ذكور وإناث.
- أكثر من 608 مليون امرأة تعرضن للعنف من شركاء حميمين خلال حياتهن.
حجم الخسائر
- يرتبط العنف (IPV + SVAC) بخسارة أكثر من 50 مليون سنة حياة صحية نتيجة الإعاقة والوفاة المبكرة، منها 32 مليون سنة حياة متأثرة بالعنف الجنسي أثناء الطفولة، و18.4 مليون نتيجة العنف داخل الشراكة لدى النساء.
- في عام 2023، حل العنف في المرتبتين الرابعة والخامسة بين عوامل الخطر لفقدان سنوات صحية لدى النساء بين 15 و49 سنة.
الوفيات
- ارتبط SVAC بما يقارب 290.000 وفاة عام 2023، نتيجة الانتحار وأمراض مزمنة مثل الإيدز أو داء السكري من النوع الثاني.
- سجل العنف داخل الشراكة حوالي 145.000 وفاة، غالباً من جرائم قتل، انتحار، أو مضاعفات صحية كالإيدز، منها نحو 30.000 وفاة مباشرة على يد الشريك.
تداعيات صحية طويلة المدى
أوضحت الدراسة أن آثار العنف تمتد إلى مجموعة واسعة من الأمراض والاضطرابات، منها:
- الأمراض النفسية والعقلية: اضطرابات القلق والاكتئاب، الانتحار، اضطرابات ذهانية شديدة.
- اضطرابات سلوكية وإدمان: تعاطي المخدرات والكحول، مشكلات نفسية سلوكية، خصوصاً بين الذكور الذين تعرضوا للعنف الجنسي في الطفولة.
- الأمراض المزمنة والجسدية: أمراض مزمنة أو معدية، بما في ذلك الإيدز، إضافة إلى مضاعفات جسدية محتملة بسبب العنف طويل الأمد.
العنف كأولوية للصحة العامة
تؤكد الدراسة تحول النظرة إلى العنف من ظاهرة اجتماعية إلى عامل خطر صحي يمكن قياسه ومقارنته بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة، ويعزى هذا التغير إلى:
- التوسع في جمع البيانات وتحليلها: استخدام مراجعات منهجية ودقيقة، وربط العنف بنتائج صحية محددة وفق منهجية "Burden of Proof".
- الاعتراف بتأثير العنف المستمر: حيث يستهدف ملايين البشر سنوياً، وينتج عنه خسائر صحية مستمرة.
- الحاجة إلى سياسات عامة متكاملة: الصحة العامة، الرعاية الصحية، العدالة الجنائية، الحماية الاجتماعية، إذ أن العنف يؤثر على المجتمع بأكمله، وليس فقط على الضحايا.
وفقاً لهذه النتائج، تدعو الدراسة إلى إعادة ترتيب أولويات الصحة العامة العالمية، بحيث يحظى العنف ضد النساء والأطفال باهتمام مماثل للأمراض المزمنة أو العدوى.
دعوة إلى تحرك جماعي وشامل
- حملات توعية مجتمعية لتغيير الأعراف التي تبرر العنف أو تخفيه.
- تشريعات صارمة لحماية النساء والأطفال ومعاقبة المعتدين، خصوصاً في العنف الأسري.
- برامج تدخل مبكر في المدارس لمنع “عنف الأقران” وحماية الأطفال والمراهقين.
- دعم الضحايا المتضررين
- تقديم خدمات رعاية نفسية وطبية متخصصة للناجيات والناجين.
- أنظمة دعم اجتماعي متكاملة تشمل مأوى، حماية قانونية، ورعاية طبية، خاصة للناجيات من العنف المنزلي.
- ضمان دمج النظام الصحي في الاستجابة (تشخيص، معالجة، متابعة).
- دمج العنف في أولويات الصحة العامة
- إدراجه كعامل خطر ضمن خطط الصحة الوطنية، مثل الأمراض غير السارية.
- تخصيص موارد للبحث والوقاية والعلاج، كما هو الحال مع الأمراض المزمنة.
- الالتزام الدولي من منظمات وحكومات ومجتمعات مدنية لمعالجة العنف كأزمة صحية وحقوقية.
العنف في 2025: سياق عالمي معقد
تأتي الدراسة في ظل أزمات عالمية متعددة تشمل النزاعات، التهجير، والأزمات الاقتصادية، مما يؤدي إلى تصاعد العنف ضد النساء والأطفال، كما أن الضغوط النفسية المرتفعة من بطالة وتهميش وحرمان تؤكد الحاجة إلى استجابة عاجلة وشاملة، ليس فقط لحماية الحقوق، بل لحماية الصحة العامة والمجتمعات بأكملها.





