الفنون البصرية نافذة للعلاج النفسي
كيف يسهم الإبداع البصري في تخفيف الصدمات وتهدئة الدماغ وتحسين الصحة النفسية؟

ملخص :
ما هي الفنون البصرية؟
هي مجموعة من الفنون التي تنتج أعمالاً تُدرَك بالرؤية (البصر) ويتذوقها الناس، مع تعدد طرق إنتاجها، ويمكن تعريفها أيضاً بأنها أعمال تشغل فراغاً أو حيزاً منه، مثل الرسم والنحت والزخرفة والتلوين، وبذلك، تخضع أعمالها المادية للقياس بوحدات كالمساحة والطول والحجم.
الفن كأداة للتخفيف من آثار الصدمات النفسية
يعد الفن وسيلة فعالة للتعامل مع الصدمات النفسية، وذلك من خلال العمل الفني الذي يمكّن الأشخاص من التعبير عن تجاربهم ومشاعرهم المؤلمة بطريقة آمنة وغير مباشرة؛ ويمكن للعملية الإبداعية أن تساعد في معالجة الأحداث المؤلمة وتحويلها إلى شيء مرئي يمكن التحكم به وفهمه بشكل أفضل، وهذه الطريقة يمكن أن تقلل من الأعراض المرتبطة بالاضطراب النفسي لما بعد الصدمة، وتعزز الشعور بالتحكم.
كيف يتفاعل الدماغ مع الفن؟
للفنون البصرية تأثير كبير ومباشر على الدماغ، حيث تنشط مناطق دماغية مختلفة، بما في تلك المسؤولة عن الإبداع وحل المشكلات المعقدة والتفكير النقدي، فأظهرت البحوث في مجال علم الأعصاب أن الانخراط في الأنشطة الفنية يمكن أن يحفز الدماغ على إنتاج الناقلات العصبية مثل الدوبامين، الذي يعزز الشعور بالسعادة والرضا، علاوة على ذلك، يمكن للفنون البصرية أن تعزز التواصل بين شطري الدماغ، مما يحسن بالتالي القدرة على حل المشكلات والتفكير المنطقي.
الفنون البصرية تساعد الأطفال وكبار السن في تحسين الصحة العقلية
تساعد الفنون البصرية الأطفال بشكل كبير في تطوير مهاراتهم العاطفية والاجتماعية، فهي تساعدهم على التعبير عن مشاعرهم، وتحسين مهارات حل المشكلات، وتعزيز الثقة بأنفسهم.
كما يمكن أن تشكّل الفنون وسيلةً فعالة لمساعدة كبار السن في تعزيز الذاكرة، وتحسين التواصل، والتخفيف من الشعور بالوحدة، فتمنحهم هذه الأنشطة الفنية فرصاً للتفكير الإبداعي والتواصل الاجتماعي، ويمكن أن تساهم في تحسين حياتهم اليومية، حتى بالنسبة لمن يعانون من حالات مثل الخرف.
دور الألوان في تعديل الحالة المزاجية
بات من المؤكد أن للألوان تأثير ملموس على المزاج والعواطف، وقد خضع هذا الأمر للدراسة على مدى آلاف السنين، في الواقع، يمكن إرجاع أصول الاهتمام بهذه الظاهرة إلى قدماء المصريين الذين درسوا تأثيرات الألوان واستخدموها لأغراض علاجية وجمالية، ويقول الباحثون المعاصرون إن تأثير الألوان أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد في الماضي.
وتشير الدراسات إلى أن الألوان الدافئة، مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر، تحفز مشاعر التفاؤل والسعادة والطاقة، وعلى الرغم من ارتباط تلك الألوان بالتحفيز والتنشيط، إلا أن الإكثار منها قد يولّد انطباعًا بالعدوانية أو القلق.
وفي المقابل، يُنظر إلى الألوان الباردة مثل الأخضر والأزرق والأرجواني على أنها تساعد على الهدوء والتناغم والاسترخاء، ويُقال إن لهذه الألوان خصائص فكرية وروحية أيضاً، ومع ذلك، فإن الإفراط في استخدامها قد يوحي بالبرود العاطفي والركود.
كيف تساعد الفنون البصرية على تخفيف القلق؟
- توفير منفذ تعبيري: حيث تمنح الفرد فرصة للتعبير عن نفسه والتخلص من التوتر عبر الأنشطة الإبداعية.
- تعزيز التركيز على الحاضر: يمكن للانخراط في العملية الفنية أن يصرف الانتباه عن الأفكار المقلقة، ويركز العقل على اللحظة الراهنة، مما يؤدي إلى تقليل مستويات القلق.
الفنون البصرية الأكثر فعالية في تحسين المزاج
تتنوع الفنون البصرية التي ثبتت فعاليتها في تحسين المزاج، ويأتي في مقدمتها الرسم والنحت، بالإضافة إلى التصوير الفوتوغرافي، كما تبرز الفنون الرقمية المعاصرة كوسيلة فعّالة أيضاً، ومع هذا التنوع، يبقى العامل الحاسم في تحقيق الفائدة النفسية هو العملية الإبداعية بحد ذاتها، ودرجة المشاركة العاطفية التي يستثمرها الفنان في عمله، أكثر من مجرد نوع الفن الذي يمارسه.
كيف يعمل العلاج بالفن؟
على الرغم من أن الفن قد لا يبدو مناسباً للجميع، وقد يشعر البعض بأنهم لا يمتلكون الموهبة الكافية، إلا أن العلاج بالفن مصمم ليكون شاملاً؛ فهو يضمن بيئة حرة ومريحة تسمح لأي شخص – حتى من يفتقر إلى الميول أو المعرفة الفنية – بالاستفادة منه وتحقيق نتائج إيجابية على صحته النفسية.
وتتمثل الآليات الأساسية التي يحقق من خلالها العلاج بالفن فوائده في:
- توفير فرص آمنة للتعبير عن الذات.
- المساهمة في بناء احترام الذات وتعزيزه.
- تمكين الفرد من اكتساب بصيرة نفسية أعمق تجاه ذاته وتجاربه.
- المساعدة في معالجة العواطف الصعبة وإدارتها.
- تخفيف مستويات التوتر والقلق بشكل فعّال.
الفنون البصرية ليست مجرد جمال مرئي، بل هي تجربة تعيد ترتيب المشاعر وتفتح أبواب الصفاء الداخلي، فهل جربت يومًا ما أن تمنح نفسك لحظة مع لون أو فرشاة لترى كيف يمكن للفن أن يغير شعورك بالكامل؟





